يبدو أن شعور بعض الناس تبلد إلى درجة الجليد أمام مشهد الدم الذى يسيل كل دقيقة فى الشارع السورى منذ صحوة أبناء هذا الشعب على المجرم الذى يتفنن فى كيفية ابتكار وسائل حديثة للقتل والتعذيب والإهانة لأبناء شعبه الذين ابتلاهم الله به وبوالده من قبل. مشاهد الدم أصبحت معتادة فى سوريا، حيث أصبح الذبح على الهوية، ولكن ماذا نفعل مع نفوس ماتت، وضمائر اغتيلت، ورجال أصبحوا أقرب للبهائم منهم إلى البشر؟ الإحصاءات صادمة كما هى المشاهد التى يعرضها التليفزيون مع نشرات الأخبار عن الوضع فى ذلك البلد الشقيق. ولكن يبدو أنه لم يعد لدى معظمنا فرق بين مشاهد الدم الحقيقية وتلك المعارك التى تدور فى أفلام الكرتون، كما لم يعد مؤثرا مشهد الآلاف الذين ينتقلون من سجلات الأحياء إلى مدافن الموتى على يد عصابات بشار عن الذين يقتلهم "فام باير" فى أفلامه. حاولوا أن تستوعبوا معى أحدث الأرقام التى طالعتها عن مذابح الإجرام التى يرتكبها بشار وزبانيته ضد الشعب السورى؛ حيث وصل عدد الشهداء الموثقين طوال 777 يوما إلى 77,540 شهيدا، منهم: 5,652 طفلا، 4,951 نساء، 1,841 تحت التعذيب، وبلغ عدد الجرحى التقريبى أكثر من 115,400، فيما بلغ عدد المعتقلين التقريبى أكثر من 243,370، ووصل عدد المفقودين التقريبى: فوق 84,735، وبلغ عدد اللاجئين خارج سوريا: فوق 2,298,240!! وأكدت الإحصاءات الصادمة التى كشفت عنها شبكة التضامن مع الثورة السورية أن النظام المجرم فى سوريا يعتقل مواطنا كل 4 دقائق، ويجرح مواطنا كل 10 دقائق، ويغيّب مواطنا كل 13 دقيقة، ويقتل مواطنا كل 15 دقيقة، فى حين يقتل 8 أطفال ويهجر 2,958 مواطنا كل يوم. ولا يجب أن نغفل أن المجرم ليس فقط الذى يقتل ويذبح ويشرد؛ بل يشاركه الجريمة كل من وافق وأيد وزار وروج لهذا النظام القاتل. فلا أتصور أبدا أن وفد الناصريين الذى توجه إلى سوريا لتأييد النظام المجرم فى سوريا ليس شريكا فى الجريمة، حيث توجه وفد من "المناضلين" الذين صدعونا بأهمية الوحدة العربية، وحرمة الدم العربى؛ إلى سوريا لإعلان تأييد بشار والذين معه. كما يدافع بعض الإعلاميين الذين يقتاتون من على موائد اللئام عن الذين يدفعون لهم؛ غير عابئين بصراخ الأطفال، ونياح الثكالى، وحسرة الأمهات، وحسرة الرجال. نعم... هؤلاء مجرمون؛ لأنهم يضحكون علينا بشعارات رنانة، وفى الخفاء يقوون ظهر المجرم ليزداد إجراما، ويساندون القاتل ليتضاعف نهمه فى سفك الدماء. وكلما زاد المؤيدون زاد النهم للدم، وكلما توالى التأييد تنامى عدم الإحساس بالذنب لدى هؤلاء الذين يظنون أنهم يحمون الشرعية وهم يدوسون الشريعة.