1 + 1 = 2 هكذا تعلمنا أن نتعامل مع الاقتصاد .. فلا يستطيع أحد أن يتلاعب بهذه المعادلة إلا فى حالة واحدة، وهى الحديث عن القيمة المضافة فى إطار قواعد محددة. للأسف كسر البعض هذه المعادلة، وتلاعبوا بالأرقام والإحصائيات، ولم يلتزموا بأية قواعد علمية من أجل إثبات أن الاقتصاد المصرى فى طريقه للانهيار والتدهور.. وأطلق إعلاميون وسياسيون واقتصاديون حملة وهمية من أجل تفزيع الشعب من مستقبل الاقتصاد المصرى. العجيب أنهم ابتعدوا عن التحليل الاقتصادى على أسس سليمة، حتى لو شملت انتقادات للاوضاع حتى تصب فى النهاية لصالح مصر، واتجهوا إلى تحليلات متحيزة لقلب الحقائق وتوظيف الملف الاقتصادى فى اتجاه التخويف والتفزيع للمستثمرين والمواطنين من مستقبل الاقتصاد، وبالتالى إفشال السلطة الحالية. وحتى يكون الحديث على أرضية اقتصادية واضحة، علينا أن نعترف بأن الاقتصاد المصرى يعانى بعد 30 سنة مع نظام الرئيس السابق حسنى مبارك تم فيها تجريف بنية الاقتصاد المصرى وتخريب القطاعات الإنتاجية "الزراعية والصناعية وغيرها"، فعلى سبيل المثال فقدت مصر عرشها على الذهب الأبيض "القطن" للتراجع فى الترتيب من المركز الأول إلى مراتب متأخرة وازدادت الفجوة الزراعية من المحاصيل الإنتاجية لدرجة أن الاكتفاء الذاتى من القمح لا يتجاوز 60 % وأصبحنا نستورد أكثر من 90 % من الزيوت. وارتفعت نسبة الفقر إلى 42 % والبطالة إلى أكثر من 12 %. وجاءت الثورة لتحمل لنا تفاؤلا فى المستقبل، ولا سيما فى الملف الاقتصادى، إلا أن المجلس العسكرى واصل نفس السياسات القديمة، كما أثرت طريقة إدارته المتعثرة على الملف الاقتصادى، فتراجع الاحتياطى النقدى خلال عام ونصف تقريبا من 36 مليار دولار إلى 14.4 مليار دولار فى شهر يوليو 2012 أى فقد الاحتياطى 21 مليار دولار تقريبا، معظمها كان يذهب لاستيراد السلع الأساسية والوقود وغيرهما .. فى حين نجحت الدولة بعد وصول د. محمد مرسى -أول رئيس مدنى منتخب فى تاريخ مصر- للسلطة فى أن تحافظ على تماسك الاحتياطى النقدى ليدور حول 14 مليار دولار، ويتوقع أن يزيد إلى أكثر من 18 مليار دولار بعد إضافة 5 مليارات دولار من قطر. أى أن معدل الفقد فى الاحتياطى فى عهد العسكرى وصل إلى أكثر من مليار دولار شهريا، فى حين وقف نزيف الاحتياطى فى فترة الرئيس مرسى. ومن أحد الأسباب الرئيسية لتماسك الاحتياطى النقدى فى عهد الرئيس: ودائع قطر وتركيا والسعودية وأخيرا ليبيا، والذى يعكس قدرة مرسى على تحويل الدول العربية والإسلامية إلى حليف اقتصادى يستطيع أن يساند مصر فى أوقات الأزمات فأصبحت العمق الإسلامى والعربى قيمة مضافة للاقتصاد المصرى بعد أن كان قيمة مضافة لجيوب المخلوع ورجاله .. أى أن مرسى نجح فى استثمار العلاقات الدولية لصالح اقتصاده، وهو مؤشر إيجابى سوف يستتبعه تجفيف منابع الفساد الداخلى، وبالتالى زيادة موارد الدولة التى تسمح بإعادة توزيع الثروة لكى تذهب إلى الفقراء. وإذا استكملنا المقارنة فى المرحلة التى تلت الثورة سنجد أأأن مؤشر البورصة " EGX "فى عهد العسكرى كان يدور حول 3000 نقطة، وفى عهد مرسى قفز إلى أكثر من 5000 نقطة وبدأ يلامس 6000 نقطة. والملاحظ أن مصر الثورة تركز على تأهيل الأوضاع تمهيدا للانتقال من مرحلة التبعية إلى الاستقلال .. فرغم أنها تتفاوض على قرض الصندوق الدولى بسبب الظروف الراهنة إلا أنها ترفض أى شروط للتدخل فى سياستها الاقتصادية الجديدة، والتى تعتمد على الاقتصاد الحر مع تحقيق العدالة الاجتماعية، كما أنها تحاول أن تبتكر أدوات جديدة من أجل عدم الوقوع تحت وطأة الضغوط الدولية، ومنها منتج الصكوك الإسلامية حيث أعلن مستثمرون استعدادهم لضخ من 4 إلى 6 مليارات دولار. ومن الأمور المهمة أن "حنفية الفساد" أغلقت إلى حد كبير وستظهر نتائجها خلال الأعوام المقبلة من توفير سيولة كبيرة سوف تذهب إلى مستحقيها. كما أن الدولة اتجهت إلى جذب الاستثمارات الأجنبية والتى وصلت إلى أكثر من 8 مليارات من الصين وتركيا ودول الخليج وغيرها من دول العالم .. وتوجيه هذه الاستثمارات إلى قطاعات منتجة وفى مناطق فقيرة وبعيدا عن العاصمة ومنها الصناعة كما حدث فى مصنع سامسونج بمحافظة بنى سويف فى الصعيد والذى سيوفر آلاف فرص عمل بدلا من هجرة أبناء المحافظة الداخلية إلى العاصمة أو خارج مصر. نعم هناك أداء مترهل فى بعض القطاعات وارتفاع فى الأسعار ومشاكل جماهيرية مثل نقص الوقود كما توجد تحديات اقتصادية ضخمة حيث تراجع الأداء الاقتصادى بسبب الصراع السياسى وزاد عجز الموازنة والذى يتوقع أن يصل الى 197 مليار جنيه بالموازنة الجديدة فى ظل تراكمات اقتصادية وسياسية طوال السنوات الثلاثين لحكم المخلوع بالإضافة إلى عام ونصف تحت حكم العسكرى .. ولكن صلابة الدولة فى الشهور الأخيرة أكدت أن مرحلة التحول والتأهيل فى طريقها السليم إذا تم الانتهاء من البناء السياسى وتحسين طريقة إدارة الاقتصاد وأجدنا الاستعانة بالكفاءات. كما أننا فى حاجة إلى مشروع قومى ملهم لكى تنطلق نهضتنا الاقتصادية، وليكن مشروع تنمية قناة السويس.