يبدو أننا نعيش حاليا العصر الذهبى للثورة المضادة.. فعناصر هذه الثورة المضادة تبجحت وبدأت تظهر للعلن منتحلة ومرتدية لباس الثورة، ولا تستغربوا عندما تسمعوا فريد الديب -محامى مبارك- يقول: إن مبارك كان من مؤيدى الثورة(!).. الثورة على نفسه يعنى.. ولا تستغربوا عندما تسمعوا "الزند" يقول: إنه كان يجب الإفراج عن مبارك قبل عامين.. ولا تستغربوا بعد هذا لو قررت محكمة جنايات القاهرة "مثلا" حبس الثوار، ومحاكمة الشهداء بتهمة الموت الكاذب، والافتراء والادعاء على حسنى مبارك وحبيب العادلى!! أخطر حلقات هذه اللعبة التى يمارسها رموز الثورة المضادة الآن ومعهم –للأسف- بعض الثوار ممن تحالفوا مع الثورة المضادة لمجرد كراهيتهم للتيار الإسلامى والإخوان، هو – بجانب مسلسل البراءة للجميع الذى يخرجه بعض القضاة–معاقبة الثوار والإعلاميين الإسلاميين. تخيل مبارك وسرور وصفوت الشريف وزكريا عزمى وسامح فهمى "الذى باع الغاز للصهاينة برخص التراب" ومجرمى أمن الدولة.. تخيل كل هؤلاء يعيشون خارج السجون بعدما برّأتهم المحاكم بسبب بلاغات نيابة عبد المجيد محمود الخالية من الأدلة.. وتخيل بالمقابل شباب الثورة الحقيقيين يوضعون فى السجون!! صدق أو لا تصدق.. أن حالة خلق التعاطف وغسل يد النظام السابق من دماء الثوار انتقلت من الفضائيات المشبوهة إلى "دار المعارف" فرع الإسماعيلية، التى أعادت للبيع كتاب "كلمة للتاريخ" الذى يمتدح الرئيس السابق، مستغلة حالة التعاطف التى تنشرها وسائل الإعلام مع النظام السابق ورموزه.. وبالمقابل هجومهم على النظام الحالى! الشاب "عبد الرحمن عز"، الذى اشتهر بصورته الشهيرة وهو يقف أمام جحافل الأمن المركزى خلال ثورة 25 يناير قائلا: "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" يوضَع فى السجن مقيدا بالكلابشات بتهمة حرق حزب الوفد -الذى لم يحترق- بينما لم يتم القبض على متهم واحد ممن أحرقوا 28 مقرا للإخوان وحزب الحرية والعدالة!! وكل فترة تستدعى النيابة مذيعين وصحفيين ينتمون للتيار الإسلامى بتهم عجيبة.. تارة الصحفى "أحمد سبيع" بتهمة قتل زميله الصحفى أبو الضيف(!).. وتارة المذيع "شريف منصور"؛ لأنه تحدث فى قناة "مصر 25" عن فساد "ساويرس"، وتارة المذيع "نور الدين عبد الحافظ"؛ لأنه تحدث عن فساد أحمد الزند واستيلائه على أراضى الدولة من واقع بلاغات رسمية، ولكن بزعم التهجم على الهيئة القضائية! بدلا من القبض على المجرمين الحقيقيين الذين قتلوا شهداء الإخوان أمام قصر الاتحادية.. نجد النيابة تحقق مع شباب من الإسلاميين بتهمة تعذيب مَن اعتدوا على قصر الاتحادية؟! وبدلا من القبض على مَن أحرقوا ونهبوا مقار الأحزاب الإسلامية والمحافظات.. نجدهم يحققون فى الاعتداء على مقر حزب الوفد وحده دون باقى المقار! وبدلا من التحقيق مع أحمد الزند بتهمة الاستيلاء على أراض فى مرسى مطروح، ورفْع الحصانة عنه، والسماح للنائب العام بالتحقيق معه فى البلاغات التى قدمها الأهالى المظلومون.. "يطنش" مجلس القضاء الأعلى ويعطيه مهلة تلو الأخرى، بل يساند طلب "الزند" بأن يقدم النائب العام استقالته؛ لأنه هو مَن فتح ملفات "الزند"، التى رفض سلفه "عبد المجيد" فتحها! وبدلا من إحالة مجلس القضاء الأعلى النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود للصلاحية "مجلس التأديب" بعد أن ثبت بالدليل القاطع تورطه فى قبول هدايا فى صورة رشاوى من المال العام، يجرى استفزاز مشاعر الشعب وعدم الالتزام بأهم مطالب الثورة، وهى العودة إلى دولة سيادة القانون، التى يتساوى فيها المصريون جميعا أمام القانون! حسنا فعل مَن دعوا إلى النزول لميدان التحرير غدا الجمعة للمطالبة بتطهير القضاء من بعض رموزه المحسوبين على النظام السابق، والإعلام الذى ابتلى بحفنة من مليونيرات عهد مبارك السابق من الكارهين للتيار الإسلامى ويسعون جاهدين لهدم الثورة وإعادة مبارك، فهما ألد أعداء الثورة الآن.. وحسنا فعلوا بمطالبتهم الرئيس باتخاذ قرار باطشة ضد رموز الثورة المضادة بعدما كبّل الفلول أيدى الرئيس بمظاهراتهم المصطنعة وإعلامهم الصاخب بدعاوى "الأخونة". مطلوب من بعض الفصائل الثورية التى غالت فى عدائها للتيار الإسلامى، تصحيح مواقفها والعودة نحو البوصلة الحقيقية، وهى الثورة، ومعاداة مَن يحارب الثورة لا من حارب معهم النظام السابق.. مطلوب إنقاذ الثورة قبل أن نرى يوما يحاكمون فيه الشهداء بدل تكريمهم!