بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال العشرون رمز الثورة..شيخ وميدان الرمز يعني الرسم الذي يعبر عن شيء معين،ويعد قدماء المصريين أكثر من استخدموا تلك الرموز،ولثورتنا المصرية رمزين هامين_من وجهة نظري_وهما: شيخ يقترب من التسعون عاماً ويتحرك في نشاط بينما نحن نتكلم ونتناقش أغلب الوقت،ينضم إلى المعتصمين المطالبين بتنحي حسني مبارك عن الحكم في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير عام 2011 م ويصدر بياناً يناشد فيه الجيش المصري بالتدخل الفوري لإنقاذ مصر،يسافر إلى ليبيا في جبهات القتال وبصحبته خمسين طن مواد غذائية وطبية بينما نحن نبكي من جرائم القذافي في حقهم،يقف في وجه كبار قادة الجيش يوم العباسية في جمعة الزحف متضامنا مع مطالب القصاص لشهدائها،وكان متواجدا داخل مسجد النور عندما قام الجيش بفض الاعتصام بينما نحن نتألم على قتلانا وجرحانا،ومنذ أيام وبالتحديد يوم السبت 13 أكتوبر 2012 قام بالسفر لسوريا عبر الحدود التركية للمشاركة في ثورة سوريا والشد علي أيدي الثوار،بدأ الجهاد منذ الحرب العالمية الثانية ولم يتوقف من حينها،فقاوم أعداء الخارج من انجليز ويهود،وأعداء الداخل من أنظمه عميله ومتكبرة،لم يغيره اعتقال أو تعذيب،ظل ينادي إلى اليوم بنفس ما كان ينادي به في سنة 50 ،قال عنه سعد الدين الشاذلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر: «إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، اختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23– 28 أكتوبر عام 1973 عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة». إن الشيخ حافظ سلامة هو الرمز الذي يشعرنا بأننا صغار حقاً،هو نبت هذه الأرض الطيبة والذي يجب أن يحتل المكانة التي يستحقها بدلا من البحث عن رموز أخرى حتى لو كانت بحجم رجب طيب اردوغان،الذي بدا بالفعل يكافح تسويق الإسلاميين مشروعهم على انه امتداد له بتحركات شعبيه نشيطه طوال الأشهر الماضية داخل تركيا بصوره أثارت إعجابي بذكائه البالغ،وضيقي من غفلة كبار ساستنا في التيار الإسلامي المصري عن استخدام هذا السلاح الذي يجيده اردوغان وهو التحركات الاستباقية الملتفه لهدم هجمه متوقعه،ثم الضرب بسرعة متى جاءت الفرصة،وبرغم قوة التيار الإسلامي وكثرة المنتمين إليه لا يكاد يتعلم شيئاً من أخطاء الماضي أو من سيناريوهات الأنظمة المختلفة في التعامل معه أو مع أقرانه في الدول الأخرى،اذكرهم واذكر نفسي بجملة بطل مصري دفن كما دفن الآلاف غيره دون ان يشعر بهم أحدا وهو "محمد الألفي بيك" حين قال يوم 28 يناير 1807 _نفس تاريخ الثورة_"يا مصر.انظري لأولادك وهم حولك مشتتين ،متباعدين مشردين،وأستوطنك أجلاف الأتراك واليهود،وصاروا يقبضون خراجك،ويحاربون أولادك،ويقاتلون أبطالك،ويقاومون فرسانك،ويهدمون دورك ،ويسكنون قصورك،ويفسقون بولدانك وحورك،ويطمسون بهجتك ونورك". بينما يظل ميدان التحرير في وسط القاهرة العامرة هو الرمز المادي للثورة مع احترامي لكل الميادين الأخرى بطابعه الخاص منذ أن أنشاه الخديوي إسماعيل وسمى باسمه حتى تم تسميته باسمه الحالي أبان ثورة 1919 ومن بعدها ثورة 23يوليو 1952 حتى أصبح الاسم حقيقة ملموسة أثناء ثورة 25 يناير 2011،حينما احتشد ملايين المصريين بداخله يطالبون بتنحي مبارك بعد لأن اتخذوا الميدان مقرا لثورتهم إلي تخلي بالفعل الرئيس عن منصبه في مساء الجمعة 11 فبراير 2011،رغم محاولة البعض التقليل من شان الميدان بإظهار مضادات له سائرون على خطى الفارابي عندما ابتكر مضادات لمدينة أفلاطون الفاضلة،فتارة يخرجوا علينا من ميدان مصطفى محمود من بين ما سمى بأبناء مبارك أو آسفين يا ريس،وتارة أخرى يظهروا في ميدان العباسية وسط مؤيدي المجلس الأعلى للقوات المسلحة،وأخيرا وليس أخر اطلوا علينا برؤؤسهم الفارغة من أمام منصة الجندي المجهول بالحي السادس بمدينة نصر بعد أن أطلقوا على أنفسهم الجبهة المصرية للدفاع عن القوات المسلحة ليهاجموا الرئيس المنتخب محمد مرسى وليهتفون لمنافسه السابق أحمد شفيق!!!! ولكل هؤلاء أكد أن الثورة يخوضها الفقراء،البسطاء،والطبقة المتوسطة الذين ينشدون الأحسن والأقوام،أما المستفيدون والحالبون لخيرات الوطن فهم ضد الثورة التي كثيرا ما يصفون القائمين بها بالمرتزقة،العملاء،البلطجة ومنفذوا الأجندات الخارجية،هذان هما النوعان الذي يسكن أولهما ميدان التحرير،ويسكن الآخر باقي الميادين،ومن يعش منكم للغد سيرى كل هؤلاء أنوفهم ممرغة في تراب الذل والعار،تذكروا فقط هذا الكلام لتعلموا أنهم هُم الذين فعلوا هذا بأنفسهم طواعيةً،وان الغد لناظره لقريب،وسيظل ميدان التحرير هو رمز مصر،عنوان ثوراتها،قبلة شبابها،ومسقط رأس أحرارها على مدار التاريخ. إلى اللقاء في المقال الحادي والعشرون مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن