* رئيس اتحاد مفتشى التموين: مسئوليتنا مراقبة 5 ملايين موقع! * رئيس ائتلاف مكافحة التهريب: 20 جنيها حافز مفتش التموين فى الشهر! فتح حادث مقتل اثنين من مفتشى التموين خلال قيامهما بواجبهما فى مراقبة أحد المخابز بالبحيرة الباب لمناقشة أوضاع مفتشى التموين ووسائل حمايتهم. مفتش التموين هو الرقيب على أموال المصريين، والحارس على قوت الشعب من خلال مراقبة "حنفية" الدعم المفتوحة الخاصة برغيف الخبز، ويواجه المفتش فى عمله الكثير من المخاطر، سواء من أصحاب المخابز أو المطاحن ومحطات الوقود أو من عصابات النهب المنظمة. عدد المفتشين يقترب من 9 آلاف شخص، مهمتهم مراقبة أكثر من 5 ملايين موقع، سواء كانت مخابز أو مطاحن أو محطات وقود أو مصانع أو مجازر أو محلات تجارية أو سلعا تموينية أو أسواقا رسمية وأخرى عشوائية. وعلى الرغم من ارتياحهم من قرار الدكتور باسم عودة -وزير التموين والتجارة الداخلية- باعتبار يوم 9 إبريل عيدا لمفتشى التموين، وهو ذكرى مقتل اثنين منهم فى البحيرة، فإن مطالب مفتشى التموين تتنوع، وأبرزها التسليح، بعد تكرار جرائم الاعتداء عليهم وتنفيذ الضبطية القضائية، وكذلك تعديل الأجور لسد الباب أمام النفوس الضعيفة من المفتشين. فى محاولة لكشف الظروف التى يعمل فيها مفتش التموين، وحجم المسئولية التى تقع على عاتقه، قامت "الحرية والعدالة" بجولة فى عدد من المناطق والتقت ممثلين عنهم. مفتش.. وبلطجى على زيدان -مفتش تموين- يرى أن مهنة مفتشى التموين من أكثر المهن مشقة، فهى ليست مثل أى وظيفة إدارية يمارس فيها المفتش عمله من داخل موقع العمل كأغلب المهن الأخرى، ولكنه يجوب الشوارع فى حملات نهارية وأخرى مسائية لمراقبة المخابز والمنشآت التجارية والمجمعات الاستهلاكية لرصد المخالفات وضبط الأسواق. ويؤكد زيدان أن مفتش التموين يتعرض للعديد من المصاعب، أولها سوء التعامل من أصحاب المنشآت؛ حيث أصبح أغلبهم يستعينون بالبلطجية لمواجهة مفتشى التموين، ويسعى بعض أصحاب المنشآت لإرهاب المفتشين والاعتداء عليهم أو تشويه سمعتهم؛ حيث أصبحت تهمة الرشوة من أيسر وأسرع التهم عند ملاحقة أى مخالف، وللأسف؛ وهو ما يصيب المفتشين بالإحباط. وأضاف: بجانب ذلك فإن هناك أمورا أخرى تزيد من هذا الإحباط، منها غياب التقدير المادى من الحكومة خاصة للمفتشين الذين يعملون فى المحافظات، مؤكدا أن رواتبهم متدنية للغاية ولا تتيح لهم الحد الأدنى من الاكتفاء. التحرش بالمفتشات من جانبه، يؤكد منصور محمد -مدير مكتب التموين بمدينة 6 أكتوبر- أن مفتش التموين يجد صعوبة بالغة فى عمله تصل إلى حد المعاناة، لكونه عملا مستمرا ليل نهار؛ حيث إن عدد الأماكن المراد التفتيش عليها أضعاف أعداد المفتشين، خاصة أنه بنهاية كل عام يتم خروج عدد كبير من المفتشين على المعاش بما يقدر بنحو 100 فرد من كل محافظة، فتزيد الأعباء على الأفراد الموجودين فى الخدمة. وأضاف أن هناك صعوبات كثيرة يواجهها العاملون فى مجال التفتيش، سواء كانوا رجالا أو نساء، فالرجال يتعرض بعضهم للإهانة بشتى أنواعها بالإضافة إلى الضرب، وهناك العديد من المحاضر التى تم تحريرها فى هذا الشأن، كما تتعرض المفتشات من النساء للعديد من المضايقات النفسية والجسدية أيضا. وأضاف منصور أنه فى مقابل كل هذه المعاناة لا يتم توفير أبسط الخدمات التى من شأنها التخفيف من حجم المعاناة مثل توفير وسيلة مواصلات للوصول إلى الأماكن المراد تفتيشها حيث يذهب المفتش إلى هذه الأماكن على نفقته الخاصة دون أن يحصل على بدل انتقال. حق الضبطية أما عادل أنور -مدير الرقابة التموينية بدمياط- فيرى أن سقوط شهيدين من مفتشى التموين فى أثناء تأدية عملهما بمحافظة البحيرة من الأمور التى كان لها أبلغ الأثر النفسى السيئ على العديد من المفتشين؛ حيث إنهم بجانب معاناتهم اليومية فى الشارع وأدائهم لدورهم بكل إخلاص فى ظل عمليات التهريب التى لا تتوقف، والتى تقودها عصابات متخصصة تمتلك العديد من الأسلحة نجد أن مفتش التموين يواجه هذه المخاطر منفردا دون حتى أن يعطى حق الضبطية القضائية، ودون أن يدعمه فى أعمال التفتيش أحد أفراد الأمن؛ مما يجعله صيدا سهلا لهؤلاء المهربين الذين يقومون بالاعتداء عليه. ويرى أنور أن أول مطلب للمفتشين توفير الحماية ومنحهم حق الضبطية القضائية، مع ضرورة تغليظ العقوبة على كل من يعتدى على مفتشى التموين؛ حتى يشعر هؤلاء بأهمية دورهم ويتمكنوا من أدائه بالصورة المطلوبة. أعباء جسيمة أما العربى أبو طالب -رئيس الائتلاف العام لمفتشى التموين- فيرى أن أولى المشكلات التى تواجه المفتشين حجم الأعباء الملقاة على عاتقهم، التى لا تتناسب مع عددهم الذى لا يزيد عن 8 آلاف و800 مفتش مطلوب منهم مراقبة ما يزيد عن 5 ملايين و200 ألف موقع، من بينها 25 ألف مخبز، و150 مطحنا، و40 ألف مكان لتخزين الحبوب، و7500 مجزر، و3000 محطة بنزين، و12 ألفا و500 محل بقالة، بالإضافة إلى السلع المدعومة على 17 مليون بطاقة تموين، مقيد بها 70 مليون مواطن. ويضيف أبو طالب أن مفتش التموين يقوم كذلك بمراقبة الأنشطة التجارية مثل مصانع المواد الغذائية بجميع أنواعها المصنعة أو نصف المصنعة أو تامة الصنع، فضلا عن عدد كبير من مصانع المواد الكهربائية ومصانع مواد البناء، مما يتسبب فى زيادة الأعباء على المفتشين العاملين فى المحافظات وغير التابعين لوزارة التموين، إلى الحد الذى قد لا تكون لهم فرصة الحصول على إجازات رسمية، ويضطرون للعمل حتى أيام العطلات بلا مكافآت. ويحذر أبو طالب من أن العجز فى أعداد مفتشى التموين قد يتسبب فى عدم إحكام السيطرة بشكل كامل على التهريب أو التوسع فى تجارة بير السلم، التى شملت جميع الصناعات. وأضاف أن معاناة مفتشى التموين فى جميع المحافظات المختلفة تتلخص فى عدة نقاط، أهمها عدم مساواتهم بمفتشى التموين فى ديوان عام الوزارة من حيث المرتبات والمكافآت، والعديد من الامتيازات التى منها تحديد التخصصات؛ حيث يوجد تخصص لدى مفتشى التموين بالوزارة ينقسم ما بين رقابة تجارية ورقابة على موازين، وهو ما يخفف العبء عنهم، بعكس المفتشين فى المحافظات المختلفة؛ حيث لا توجد تخصصات، ويكون المفتش مسئولا عن رقابة كل الأنشطة بأنواعها المختلفة. وتابع أنه على الرغم من ذلك فإن رواتب وحوافز العاملين فى الوزارة تزيد عن العاملين فى المحليات بنسبة 600%، كما لا تتوفر لهم أى أنشطة خدمية أو تثقيفية، ويفتقدون إلى الحماية فى أثناء تحرير المحاضر ضد أى منشأة، التى يتعرض فيها الكثير من المفتشين للاعتداءات بأنواعها المختلفة، ولعل ما تعرض له اثنان من مفتشى التموين فى محافظة البحيرة كان نتيجة غياب هذه الحماية. وأضاف أنه من بين المشكلات التى يواجهها مفتشو التموين أن جهودهم تنسب إلى غيرهم؛ حيث إن أغلب ما يتم الإعلان عنه من مضبوطات تكون قد تمت تحت إشراف مفتشى التموين فى المحافظات المختلفة، وعلى الرغم من ذلك يتم طمس هذا الأمر ويعرض الأمر كله على أنها جهود مباحث التموين منفردة. أعباء نفسية! أما عماد حمدى -رئيس ائتلاف محاربة الفساد بقطاع التموين بمحافظة الإسماعيلية- فيؤكد أن الأوضاع بعد الثورة أسهمت بشكل كبير فى زيادة الأعباء العملية والنفسية على مفتشى التموين، بسبب زيادة جرائم التهريب خاصة للسلع الحيوية، وهو ما يمثل تحديا خطيرا أمام مفتش التموين، خاصة فى ظل ضعف الإمكانيات اللازمة مثل توفير مقومات لحمايته التى منها أن يتوفر له سلاح مرخص؛ لأنه أصبح بالفعل يواجه جماعات ومافيا من المهربين والمسلحين، كما لا يتوفر له حق الضبطية القضائية. أما الأعباء النفسية فمنها ملاحقتهم بتهم جاهزة عند أداء دورهم كالرشوة وغيرها، وهى من الأمور التى تتسبب فى إحباطهم، فضلا عن تدنى الرواتب؛ حيث إنه فى بعض المحافظات، ومنها الإسماعيلية، لا تزيد مكافأة الإدارى عن 3 جنيهات ونصف الجنيه، أما مكافأة المفتش فتتراوح بين 20 و60 جنيها فى الشهر. وأضاف أنه من بين المشكلات إسناد تلك المهمة فى بعض المحافظات إلى غير المؤهلين لسد العجز فى عدد المفتشين؛ وهو ما يتسبب فى زيادة معدل التجاوزات والسرقات دون إدراك من القائم بأعمال المفتش؛ وذلك لأنه لا يدرك فى النهاية المواصفات والمعايير المراد توافرها، مؤكدا أن إصلاح أوضاع مفتشى التموين من الأمور الضرورية لإصلاح منظومة الدعم.