منذ أن اتجه د. عبد المنعم أبو الفتوح إلى محاولة تكوين تيار يجمع أطياف المجتمع فكريا وسياسيا وأنا أوقن أنها فكرة تحمل فشلها فى داخلها، رغم نبل هدفها ومقصدها، فلا شك أن محاولات رأب الصدع والتلاقى على مساحات مشتركة "معقولة" أمر مطلوب، بل واجب شرعى ووطنى، وسوف ينسحب هذا الفشل إلى حزب مصر القوية، الامتداد السياسى للفكرة، فأتوقع أن ينفجر من داخله قريبا أو بعيدا، أو يضعف على الأقل ولا يكون له أى تأثير فى الساحة السياسية المصرية؛ وذلك لعدد من الاعتبارات: أولاً: أن فكرة جمع المتناقضات غير واردة، لا عقلا ولا عرفا، وهذا فى الأحوال الطبيعية، فكيف بحالة تشظّ بعد ثورة يتنازعها وطنيون شرفاء، ومنهم بعض المعارضة، وخونة وعملاء ومأجورون؟ ثانيًا: أن رئيسه د. أبو الفتوح خيب آمال الكثيرين فيه، وفى نبله الذى كان، وأعرف عشرات المثقفين والأساتذة الذين كانوا يلتفون حوله ينفضون عنه الآن، ويتأسفون من أفعاله وأقواله، على رأسهم العلامة د. يوسف القرضاوى، وأيضا لمواقف د. أبو الفتوح الذى رفض الدستور، وذهب للتظاهر عند الاتحادية، وطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، واليوم حزبه عند دار القضاء العالى ليطالب بإقالة النائب العام طلعت عبد الله بناء على حكم قضائى أخرق وجاهل ومسيس 100%، ومخالف للدستور والقانون، ونتيجة كذلك لتصريحاته المخيبة للآمال -فى مجملها- ليست لأنها ضد الرئيس المنتخب فقط وإلا فمن حق أى إنسان بل من واجبه أن ينتقد ويوجه النصيحة بآدابها لأى إنسان كائنا من كان، ولكن من أجل أنها تصب فى النهاية فى صالح الثورة المضادة وجبهة "الإنقاذ" التى لوث يده بوضعها فى أيديهم. ثالثًا: أن قيادات الحزب من الشباب يتجمعون لهدف واحد فقط وهو البحث عن المكان الذى يقف فيه الإخوان ليتخذوا المكان المعاكس والمضاد لهم، فالهم الأكبر والهدف الأسمى هو معاداة قرارات واختيارات الإخوان سواء بالحق أو بالباطل؛ وذلك لسبب مفهوم، وهو أن "معظم" قيادات مصر القوية هم ممن خرجوا من الإخوان بمشكلات شخصية مع بعض الأفراد، قد تكون هناك بعض المواقف التى لهم الحق فى المعارضة بها لكنها استثنائية ولا تمثل أصلا وأساسا، وإنما الأصل والأساس هو أخذ الثأر من الإخوان ومعاداتهم على طول الخط. إننى أناشد الدكتور عبد المنعم أن يراجع مواقفه، وأن يغلب مصلحة مصر العليا، وأن يطهر يديه من وضعها فى أيدى المجرمين والقتلة ورءوس الثورة المضادة، وأن ينظر فى مآلات أقواله وتصرفاته.. من حقه أن ينتقد الرئيس والإخوان، كما هو حق -بل واجب– الجميع، للتصحيح لا التجريح، وللنصيحة لا الفضيحة، وبغية تعزيز المسيرة نحو التغيير المنشود. كما أناشد شباب الحزب -مخلصًا- أن يتوجهوا لبناء "مصر القوية" بحق، وأن يقدموا مبادرات عملية على أرض الواقع لنهضة مصر، ومشروعات وتخصيص أيام لخدمة هذا الشعب الأصيل، وألا يكون المحرك لهم عداوة جماعة أو حزب أو تيار، وإنما يحركهم فقط مصلحة مصر فى هذه المرحلة الخطيرة، التى إن نجحت مصر فيها فسوف يعود الخير على الجميع، وإن خسرت -لا قدر الله- فسوف يعود الضرر على الكافة، وأولهم الإسلاميون. وأذكر نفسى والجميع أننا راحلون وزائلون وستبقى مصر، فنريد أن نبقيها شامخة عزيزة، خالية من الفساد والإجرام، وسنعرض جميعا فى يوم لا تخفى منا فيه خافية، على الكبير المتعال الذى لا تخفى عليه خافية، {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}.