لقاء مشترك بين المصري الديمقراطي الاجتماعي ونظيره السويدي لتعزيز التعاون الحزبي    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 بمحافظة مطروح    معرض بعنوان «مصر تكشف عن نفسها» بمتحف قصر هونج كونج    "البترول": "مودرن جاس" تنتهي من تنفيذ مشروع متكامل للغاز الطبيعي بالإمارات    الإمارات تعرب عن قلقها من تطورات الأوضاع في طرابلس الليبية    التشكيل الرسمي لمواجهة ميلان ضد بولونيا فى نهائى كأس إيطاليا    وزير الرياضة يشهد افتتاح كأس الكؤوس الإفريقية لكرة اليد    يوفيتش يقود تشكيل ميلان ضد بولونيا في نهائي كأس إيطاليا    تغييرات بالجملة، أنشيلوتي يعلن تشكيل ريال مدريد أمام مايوركا في الدوري الإسباني    وفد مصري يستعرض خطة تنظيم بطولة العالم للجامعات للسباحة بالزعانف أمام الاتحاد الدولي في لوزان    حملة أمنية في أسوان تضبط 6 قطع سلاح وتنفذ 815 حكما قضائيا    خدعة في زجاجة مياه.. حكاية شاب أنهى حياة خالته بقطرة سامة بالجيزة    الإنقاذ النهري يكثف جهوده للعثور على جثمان غريق بالأقصر    استمرار حبس محمد غنيم.. وموكله: ننتظر تحديد جلسة محاكمته    عبير منير: بوسي شلبي كانت تعشق محمود عبدالعزيز وما يحدث ظلم لها    رامى عاشور: ترامب يسوق لنفسه كرجل سلام وأنه مازال مؤثرا بالمعادلة السياسية    أمين الفتوى يحذر من استخدام المياه في التحديات على السوشيال ميديا: إسراف وتبذير غير جائز شرعًا    نصائح لاستخدام المراوح والتكييفات بشكل آمن على الأطفال    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بمركز أخميم فى سوهاج    وزراء خارجية "الناتو" يبدأون اجتماعهم بأنطاليا لبحث زيادة الإنفاق الدفاعي قبل قمة لاهاي    باكستان.. قتيل و10 جرحى بهجوم على مسيرة مؤيدة للجيش    ختام الأسبوع ال 38 ل «أهل مصر»    بعد رحيله.. من هو أفقر رئيس في العالم خوسيه موخيكا؟    هل من حقي أن أطلب من زوجي تعديل مظهره وهيئته؟.. أمين الفتوى: يجوز في هذه الحالة    الشيخ خالد الجندي يكشف الفارق بين "الطاهر" و"النافع"    الزمالك يتأهل للدورى الممتاز ب لكرة السلة سيدات    «مش هعرف أمد ايدي عليها».. فتحي عبدالوهاب يكشف كواليس ضربه ل ريهام عبدالغفور    5 أبراج يتألق أصحابها في الإبداع والفن.. هل برجك من بينها؟    تفاصيل صادمة في أمر إحالة متهمين بقتل شخص بالجيزة إلى المفتي    سيدات الزمالك يتأهلن إلى الدوري الممتاز ب لكرة السلة    الصين تتراجع عن قيود فرضتها مسبقًا على الولايات المتحدة الأمريكية    دعم إيجاري وإنهاء العلاقة بعد سنوات.. "الاتحاد" يعلن عن مشروع قانون للإيجار القديم    لعدم تواجد طبيب.. وكيل صحة الشرقية يجري جراحة لطفل أثناء زيارة مفاجئة ل"أبو حماد المركزي"    عبلة الألفى ل الستات: الدولة نفذت 15 مبادرة صحية منهم 60% للأطفال    استقبالا لضيوف الرحمن فى البيت العتيق.. رفع كسوة الكعبة 3 أمتار عن الأرض    مصطفى كامل.. طرح أغنية «قولولي مبروك» اليوم    استمرار فعاليات البرنامج التدريبي "إدراك" للعاملين بالديوان العام في كفر الشيخ    "الجبهة الوطنية" تعلن تشكيل أمانة ريادة الأعمال    جامعة الجلالة تنظّم أول نموذج محاكاة لجامعة الدول العربية    حجز محاكمة الطبيب المتهم بالتسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي للحكم    تأجيل محاكمة قهوجي متهم بقتل شخص إلى جلسة 13 يوليو    "الوثائقية" تعرض غدا فيلم "درويش.. شاعر القضية"    الجارديان: القصف الإسرائيلي على غزة ينذر بتصعيد خطير يبدد آمال وقف إطلاق النار    البنك المركزي: القطاع المصرفي يهتم كثيراً بالتعاون الخارجي وتبادل الاستثمارات البيني في أفريقيا    الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء: 107.5 الف قنطار متري كمية الاقطان المستهلكة عام 2024    إيتيدا تشارك في المؤتمر العربي الأول للقضاء في عصر الذكاء الاصطناعي    دار الإفتاء توضح الأدعية المشروعة عند وقوع الزلازل.. تعرف عليها    وكيل عمر فايد يكشف ل في الجول حقيقة إبلاغه بالرحيل من فنربخشة    المجموعة الوزارية للتنمية البشرية تؤكد أهمية الاستثمار في الكوادر الوطنية    الوزير "محمد صلاح": شركة الإنتاج الحربي للمشروعات تساهم في تنفيذ العديد من المشروعات القومية التي تخدم المواطن    توقيع بروتوكول بين المجلس «الصحي المصري» و«أخلاقيات البحوث الإكلينيكية»    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاهدات صحفي مسحول في موقعة المقطم

كنت مستعدا ليوم مثل جمعة المقطم بارتدائي ملابس مناسبة تساعدني على سرعة الحركة وسهولة التنقل في موقع الحدث، علاوة على ارتداء سترة ثقيلة قد تساعد في امتصاص بعض الضربات غير المتوقعة وذلك أثناء رصدي لما يتوقع أن يجري بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين يتوجهون لحماية مقر مكتب الإرشاد بالمقطم وبين معارضيهم الذين توعدوا بالهجوم على المقر.
أنهيت أعمالي المكتبية في الثانية والنصف عقب صلاة الجمعة، وركبت سيارة ميكروباص إلى ميدان السيدة عائشة؛ كي استقل أخرى إلى المقطم، حيث يتوقع أن تقع الأحداث. لكن المفاجأة أنه لم توجد سيارات ترضى أن تقل الركاب إلى تلك المنطقة؛ لأن هناك من يقذفون السيارات المتوجهة للمقطم بالحجارة، كما يهشمون زجاجها بالهراوات، ويعتدون على الركاب خاصة إذا كان من بينهم من عليه أي علامة للالتزام بالهدي النبوي في المظهر مثل اللحية.
وفي حيرة من أمري عن كيفية الذهاب وجدت مجموعة كبيرة من الإخوان المسلمين يتجمعون في صفوف ويتحركون للذهاب سيرا على الأقدام إلى المقطم! هنا بدأ عملي الصحفي، حيث اتصلت بالجريدة وقمت بإملاء أحد الزملاء الفضلاء خبر انطلاق مسيرة الإخوان للمقطم سيرا على الأقدام؛ لعدم وجود ميكروباصات بسبب البلطجية.
انتظمت المسيرة وسارت على الرصيف الأيمن للشارع، وبدأ بعض الإخوان الآخرين ومناصري الإخوان الذي لم يجدوا مواصلات في الانضمام لتلك المسيرة، حيث بلغ العدد حوالي 300 فرد.
خلال ذلك كانت بعض السيارات المتجهة للمقطم يقوم الركاب بها بتحية الإخوان والبعض الآخر يشير بإشارات بذيئة.
على الجانب الآخر من الطريق القادم من المقطم كانت العديد من السيارات الخاصة تتوقف لتحذر المشاركين في المسيرة من أن هناك بلطجية يقطعون الطريق ويقومون بتهشيم زجاج السيارات خاصة من تحوي بداخلها أي شخص ملتزم، كما يقومون بضربه أو إصابته بالأسلحة البيضاء. وكنت أتوجه لقائدي تلك السيارات لأسألهم عن عدد هؤلاء البلطجية، فيقولون إنهم في حدود ال30، وعندما كان يعلم الإخوان ذلك فكانوا يصممون على التقدم.
وكانت تظهر من آن لآخر على الطريق آثار تهشيم زجاج السيارات وقمت بتسجيل ذلك في ثلاث أو أربع نقاط متباعدة، كان من الواضح أن البلطجية استخدموها ككمائن.
وكان من الملاحظ وجود دراجات نارية يحاول راكبوها معرفة عدد المشاركين في المسيرة، وإن كان معهم سلاح، علاوة على تثبيط عزيمة الإخوان في المسيرة حتى يتراجعوا.
أثناء السير كان بعض الإخوان يقومون بتنظيم الطريق ويدعون قائدي السيارات الخائفين إلى أن يكملوا مسيرتهم بعدما تم تطهير الطريق من البلطجية؛ وهو ما لاقى استحسان الكثيرين.
في هذه الأثناء ارتفع صوت أحد الشباب بين الاخوان قائلا انه وصله طلب ان من تأخر فعليه الرجوع، لكن الاخوان لم يستمعوا له معتقدين انه ربما يكون دخيلا يريد احداث بلبلة ولأنهم لم تصلهم اتصالات رسمية.
البلطجية يظهرون
وبعد السيرة لمدة 40 دقيقة تقريبا ظهرت مجموعة من حوالي 50 بلطجي ومتظاهر بعضهم يرتدي زي ال"بلاك بلوك"، أحدهم كان طويلا يحمل مسدس خرطوش ويطلق محتوياته نحو مسيرة الإخوان؛ كما كان هناك آخر يحمل العديد من زجاجات المولوتوف بمعاونة زميل له ويقوم بإشعال فتيلها ويلقيها نحو الإخوان وكان الباقون يقومون بقذف الإخوان بالحجارة.
كانت مجموعة من البلطجية والمتظاهرين قد صعدت على المنطقة الجبلية أقصى اليمين وقامت بإلقاء الإخوان بالحجارة التي كان بعضها موجه نحوي وهو الأمر الذي استفذني، حيث انني كنت أقوم بالتصوير في المسافة بين الإخوان والبلطجية مركزا على المخالفات البلطجية التي ذكرتها سابقا.
وكان من اللافت وجود كاميرات تصوير موجودة على المنطقة الجبلية تركز تصويرها على مسيرة الإخوان دون التركيز على المخالفات الكبيرة التي كانت تحدث من البلطجية والمتظاهرين، وعليه كنت أتقدم الصفوف الأولى لألتقط صورا لمخالفات هؤلاء كما كنت ألتقط صورا لمسيرة الإخوان.
وفي أحيان معدودة كنت اتخلى عن دوري الحيادي لحظات وذلك مع استفزاز الموقف مما دفعني لإلقاء الحجارة على البلطجية عدة مرات لما رأيته من عدم سلمية تعاملاتهم مع المارة والإخوان ولما كان من تهديد لسلامتي بشكل مباشر؛ حيث وصل الأمر لإلقائهم زجاجات المولوتوف مباشرة على أنصار الإخوان؛ وعليه قمت بالمساعدة في إطفاء بعض اثار اشتعال المولوتوف وذلك بحثو التراب عليه.
وفي لحظات رد أنصار الإخوان على اعتداء هؤلاء مستخدمين الحجارة وفروع بعض الأشجار الموجودة على الطريق؛ كما صعد بعض أفراد الإخوان المنطقة الجبلية وقاموا بمطاردة البلطجية مما أدى إلى فرار جميع البلطجية وتراجعهم إلى ميدان النافورة.
المواجهة
واصل الإخوان تقدمهم حتى بلغوا مسجد الحمد وهنا ظهر لهم أن هناك تجمع كبير من البلطجية والمتظاهرين يحملون مسدسات خرطوش وزجاجات مولوتوف وأسلحة بيضاء وهراوات وكثير من الحجارة.
هنا بدأت المواجهة الفعلية حيث رد الإخوان على هؤلاء ببسالة وقاموا بإزالة الحواجز التي وضعها هؤلاء واضطروهم إلى التراجع نسبيا لكن لم يتمكنوا من تفريقهم.
لكن زاد الضغط من جانب البلطجية والمتظاهرين، خاصة بما معهم من السلاح فاستمرت المناوشات لمدة 10 دقائق تقريبا.
في هذه اللحظات كنت أتقدم على صفوف الإخوان لعدة أمتار يفصلني عن البلطجية والمتظاهرين ضعف تلك المسافة تقريبا؛ حيث كان تركيزي على المخالفات التي يقوم بها هؤلاء.
وكان من بين مشاهداتي قيام بعض أصحاب المحلات على الجانب الأيمن بالصياح طالبين عدم التعرض لمحلاتهم التي كانوا بالفعل قد أغلقوها ووقفوا أمامها للدفاع عنها.
وكان أيضا من بين المشاهدات وجود طفل في يربو سنه على العاشرة تقريبا على يساري يحمل بعض الحجارة ليقذفها؛ وقد شككت في أمره أنه يتبع البلطجية لكن سألته لماذا تفعل ذلك؟ قال أبي سيتعرض للضرب (على يد البلطجية) بالأمام، مشيرا إلى رجل ملتحي في الأربعينات من العمر يرتدي جلبابا يقذف الحجارة ضد البلطجية والمتظاهرين على مقربة منهم.
استفزني الموقف وطلبت من الطفل الرجوع للخلف بل ولمحت أحد المتظاهرين يتقدم بجوار السور الذي كنت أقف بجواره أنا والطفل. وكان متظاهر يقذف بالحجارة فالتقط حجرين وقمت بقذفهما نحو هذا المتظاهر بهدف حمايتي انا والطفل.
اشتد الضغط من جانب البلطجية والمتظاهرين مما دفعني للاحتماء بشجرة حيث قمت بالتصوير لوقت قصير ثم أصابني المتظاهرون في ساقي باكثر من حجر وزاد الضغط أكثر فاضطررت للجوء لساحة مسجد الحمد للاحتماء بها.
في ساحة المسجد
وجدت العديد من الإخوان قد توجهوا لنفس المكان وبدأوا في دخول المسجد نفسه للاحتماء من البلطجية وقاموا بإغلاق باب المسجد الرئيسي عندما وجدوا مجموعة من البلطجية قد تعقبتهم وتحاول دخول المسجد.
في هذه اللحظة وجدت نفسي في ساحة المسجد بعد إغلاقه، وبعض البلطجية يدخلون من عدة جهات من الساحة.
أحد البلطجية كان يحمل مطواة (قرن غزال) وحاول الاعتداء على أحد الإخوان الذي لم يتمكن من دخول المسجد وكان بيده فرع شجرة فضرب به البلطجي فأسرعت لأفض الاشتباك مناديا أننا في ساحة المسجد؛ وتراجع الطرفان.
في تلك اللحظة أحاطت بي مجموعة من البلطجية وسألوني "أنت مع مين؟" فقلت لهم "أنا لسة مدافع عن واحد صاحبكم".
لكنهم قالوا بلهجة اتهام "انت من الإخوان" وذلك نظرا للحيتي الخفيفة فقلت، لهم "أنا صحفي" فقاموا بضربي باللكمات مما أدى الى نزيف كبير في وجهي، ووجدت أحد المتظاهرين يدعي أنه يحاول إسعافي، واتجه نحو باب المسجد وطرق عليه بقوة كي يفتح من بالداخل قائلا أنه يفعل ذلك من أجل إسعافي؛ لكن المحتجزي بداخل المسجد كان يعلمون ان فتح المسجد معناه الهجوم عليهم وقد تحدث مجزرة.
عقب ذلك اقتادني البلطجية والمتظاهرو عنوة إلى الناحية الأخرى من الساحة بين محراب المسجد والسور.
في هذه اللحظة شاهدت الرجل الذي كان يرتدي الجلباب والذي كان يدعي الطفل سابق الذكر أنه أباه وقد تم القبض عليه.
وقد قام البلطجية بإجبار الرجل على الانبطاح أرضا ثم أمروني وإياه بالجلوس بجوار حائط المسجد عنوة.
وسألوني مرة أخرى "انت مع مين؟" فقلت لهم اني صحفي فاستشاطوا غضبا وقالوا "انت بتصورنا وبتبين اننا غلطانين" وقاموا بالاعتداء علي مرة أخرى باللكمات؛ وعليه قام أحدهم بمحاولة سرقة الكاميرا فتشبثت بها مما أدى إلى انقطاع حزامها وحاول هو أو آخر مرة أخرى بشراسة مما أدى إلى فقداني للكاميرا بكل ما تحتويه.
عقب ذلك قاموا بانتزاع جراب الكاميرا بما يحويه من بطاقة ذاكرة إضافية؛ كما سرقوا حافظة نقودي وأوراقي عنوة.
في أثناء فحص هؤلاء لحافظتي وقع منها صور صغيرة لأعزاء علىّ من العائلة، فقمت خلسة بتجميعها وقد تساقط دمي عليها، فتلطخت وقمت بإخفائها مع الهاتف المحمول في جيب صغير.
في هذه اللحظة اكتشف هؤلاء أني أتبع جريدة وحزب الحرية والعدالة؛ وكأنما وجدوا غنيمة وقام أحدهم بالصياح، "ده من الحرية والعدالة!".
وأشهر ذلك الشخص بطاقات الهوية الخاصة بي، فتجمع عدد أكبر من بينهم امرأة وقام أحدهم بضربي بحجر كبير على الجهة اليسرى من رأسي مما أدى إلى وجود قطع في رأسي وأذني وزاد آخرون في اللكمات وأتي أحدهم بسلم خشبي وضربني به وأشهر آخر مطواة قرن غزال فأشرت بيدي اليمنى أن كفى.
ورغم ما كان يحدث من ضرب ذكرتهم أني صحفي بجريدة الحرية والعدالة وطلبت منهم رد البطاقات والتي كانت تحوي بطاقة مصابي الثورة خاصتي -حيث قد كنت أصبت يوم 28 يناير 2011 فوق كوبر قصر النيل- واعتقدت أن رؤيتهم للبطاقة قد تشفع لي عندهم، لكن بلا جدوى.
وكنت كلما طلبت متعلقاتي يقول أحدهم "عايز الكارنيه، طب خد" ويكيل لي اللكمات في وجهي مما أحدث فيه جرحي قطعيين.
وفي تلك الأثناء كان المعتدون يضربون الرجل الأربعيني فحاولت اثائهم عن ذلك بقولي "ده رجل كبير" لكنهم أصروا على ضربه وإياي مجددا.
وقالت المرأة "خليهم هنا علشان نبدلهم مع اللي يتاخدوا مننا". هنا طلب آخر بتصميم أن يتم إخراجنا خارج المسجد وإلقائنا للمتظاهرين، وهو الأمر الذي قاومته بشدة رغم تعبي حيث كنت اتخيل ما يمكن أن يحدث ان تم وضعي أنا والرجل امام البطجية والمتظاهرين.
ونظرا لمقاومتي الواضحة قام أربعة من الموجودين بحملي من يدي ورجلي خارج المسجد فتشبثت بأحد من يحملوني من ناحية الرأس حتى لا أقع على الأرض ويقومون بسحلي؛ وهنا حدث شيء ما لا أذكره فقدت بعده الوعي...
النجدة
أفقت على صوت مسعف في سيارة اسعاف وهي يخبر البعض خارج السيارة ان معه حالة صعبة، وكان يتساءل عن الطريق الى الطريق الدائري ليتوجه لأحد المستشفيات هناك.
فتحت عيني، وشكرت المسعف وسألته عما حدث فقال انه ومن معه أخرجوني من بين أيدي المعتدين بأعجوبة. سألته عن اسمه فقال "روماني" موضحا أنه لا يعمل في تلك المنطقة وأنه هناك نظرا للظروف الطارئة؛ وقد قررت أزوره لاحقا في نقطة تمركزه بالزمالك.
وصلت الى مسستشفى البنك الأهلي بالقطامية حيث استقبلني الأطباء في الطواريء وسط مجموعة أخرى من المصابين يتضح من سمت معظمهم أنهم من الاخوان والتيار الإسلامي. كما كان من الواضح أن أغلب الإصابات كان تتركز في الوجه والرأس.
رأيت زميلي في الجريدة طارق سلامة وقد كان في وجهه إصابات بالغة وجرح كبير في الرأس. كما قد ظهر على جانب وجهه آثار واضجة جدا لنعلي حذاء رياضي فداعبته قائلا "شيل نعل الجزمة اللي على وشك؛ الف سلامة لك يا طارق" فتبسم بصعوبة؛ وقد علمته دائما بشوش الوجه يتسبب في نشر البهجة بيننا بالجريدة.
كما وقع نظري على الرجل الأربعيني الذي كان محتجزا معي داخل ساحة المسجد وعرفت أن اسمه سامي وقد راعني منظر جرح غائر في قدمه اليسرى بطول 7 سنتيمترات تقريبا، لكننا نظرنا الى بعضا البعض ونتمكن من الكلام لاكتظاظ المكان.
قام الأطباء المتواجدون بفحص رأسي ووجهي واكتشفوا وجود ثلاثة جروح قطعية بالرأس واثنين بالوجه مما استلزم حلق الأماكن المحيطة بالجروح والقيام بخياطتها بحوالي عشر غرز؛ علاوة على اكتشاف كدمات وسحجات متفرقة في الجسد خاصة في الجاب الأيمن.
كما قاموا بعمل أشعة على الصدر والرأس واكتشفوا وجود تجمع دموى بسيط على الرئة فقرروا حجزي بالمستشفى للتأكد أن الموضوع ليس نزيفا داخليا في الرئة.
علاوة على ما سبق فقد كان هناك نزيف من أذني اليسرى استمر لمدة يومين، تحول بعدها للون الأصفر مما استدعى عمل اشعة مقطعية على المخ والمتابعة أكثر من مرة مع الطبيب.
من مظاهر الأخوة
وقد كان مما خفف عني كثيرا العديد من المواقف التي أظهرت الحب في الله بين زملائي والإخوان والمعارف وبيني.
فقد طلب مني الطبيب ان ابدل ملابسي والتي كان قد تحول معظمها للون الأحمر، وعليه لم يكن معي غيرها. وجدت اتصالا من أحد الإخوان واسمه "عبد العزيز" من منطقة تبعد أكثر من ساعة عن المستشفى وبعد الاطمئان علي عرض خدماته فطلبت منه سترة، فأتى بها في خلال نصف الساعة.
وفي لفتة رقيقة أخرى قام أحد الإخوان الذين لا أعرفهم وعرفت أن اسمه "سيد" من الفيوم بإحضار ملابس رياضية كاملة لجميع الإخوان الراقدين في المستشفى.
كما قام مرافقوا زميلي في الحجرة "شعبان" من الإسماعيلية، بمساعدتي دون طلب حتى أن أحدهم كان يخلع لي حذائي ويصمم أن يساعدني في ارتدائه، رغم رفضي الشديد لذلك.
كما خفف عني زيارة أو اتصال الكثيرين بي من القريبين الى قلبي من الإخوان والزملاء في المهنة والشخصيات العامة مثل السيد "صلاح عبد المقصود" وزير الإعلام والأستاذ محمد عبد القدوس والأستاذ خالد البلشي والزميل أحمد فتحي من جريدة الشروق. وكان من بين الزائرين نقيب الصحفيين الأستاذ ضياء رشوان والذي قال لي "بسيطة يا مصطفى" فشكرت له زيارته موضحا أبعاد الإصابة وأبعاد ما حدث فقال انه استنكر في القنوات الفضائية ما حدث؛ فتوقعت أن يقوم بمثل ما قام به مع الزملاء الآخرين، وها أنا مازلت أنتظر ذلك.
وقد توجت مظاهر تلك الأخوة الكبيرة بأمرين أولهما باتصال هاتفي من الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة والذي اطمئ على صحتي وعرض نقلي لمستشفى أخرى ان لم أكن راضيا عن الخدمة في تلك المستشفى، لك أكدت أن الخدمة طيبة وشكرت له اهتمامه.
وكان الأمر الآخر والمفاجأة حينما كان يزوروني لفيف كريم من إخوان مدينة الشيخ زايد بالجيزة حيث أسكن، وتفاجأت مع الحضور بدخول فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع يرافقه الدكتور محمد سعد عليوة عضو مكتب الإرشاد واطمأنانهما على صحتي.
وقد أثلج الدكتور بديع صدري بكلمات طيبة بعد ان وضع يده على رأسي ودعا لي من مأثور الدعاء، كما دعا لزوجتي التي كات تجلس بجواري. وكان من بين كلماته "نحمل دعوات اخوانك والله.. وهييجي يوم ان شاء الله يبقى الأحداث اللي حصلت دي في الاتحادية وهنا عند المقر أحداث بإذن الله سبحانه وتعالى غيرت مجرى تاريخ مصر؛ انت سجلت سطر فيها ان شاء الله لأن دماءك غالية وعزيزة" وأضاف "انت تقول عني تعبت نفسك وجيت، لكن أنت لك في رقبتنا دين، عمال تكتب وعمال تنشر وعمال تحق الحق وتنصر الحق وتقف في وجه الباطل، فلك في رقبتنا دين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.