* قدمت مذكرة ضد رجال مبارك.. فأحالتنى الداخلية إلى المعاش! * الصعايدة والأقباط حموا منزل "مرسى" معى بعد تخاذل ضباط الحراسة * أقول للضباط: حكِّموا عقولكم.. لماذا مظاهرات الإسلاميين دون أى عنف؟! * من يشتبك مع الضباط فى كل مظاهرة هو من يريد إسقاطهم لماذا قررت الداخلية إحالتك إلى المعاش بعد تقديم مذكرة ضد الضباط الذين أهانوا رئيس الجمهورية أمام منزله؟ لا أعرف، كل ما حدث أنهم أبلغونى أنها "إستراتيجية جديدة" لوزارة الداخلية؛ حيث تتم إحالة الضابط إلى المعاش بعد سنتين من عودته إلى العمل مرة أخرى بموجب حكم قضائى يفيد عودته إلى العمل. هل تمت إحالتك إلى المعاش قبل ذلك؟ عام 2009 فى عهد حبيب العادلى، الذى قرر إحالتى إلى المعاش مع 32 ضابطا بسبب إخلاصنا وتفانينا فى العمل، وهو ما لم يعجبه، فقرر إحالتنا إلى المعاش، ثم حصلت على حكم للعودة إلى العمل، ولم ينفذه العادلى، بسبب نفوذه وجبروته، إلى أن اندلعت ثورة 25 يناير، التى كانت بمنزلة الحلم، ولم أكن أتخيل أننى سأعود، ولكن جاءت اللحظة وعدنا جميعا إلى العمل أول مارس الجارى، وكنا 33 ضابطا، وأقاموا لنا حفلة كبيرة، ثم حضر مدير شئون الضباط، وقال نصا: "تكريما لكم كل شخص سيعمل بجوار منطقته". وهذه كانت سبب مشكلتى. كيف يكون عملك بجوار منطقة سكنك.. مشكلة؟! أسكن فى مدينة الرحاب بالقاهرةالجديدة، وهذه المنطقة تضم 4 أماكن ملتهبة هى منزل الرئيس محمد مرسى، وفيلا الفريق أحمد شفيق، ومحكمة القاهرةالجديدة التى شهدت محاكمات رموز النظام السابق ووزرائه، وأكاديمية الشرطة التى شهدت محاكمة مبارك ومتهمى مجزرة بورسعيد، ومنذ ذلك الحين نعمل على نصب أكمنة فى الشوارع، وكانت مهمتى مراقبة أداء الضباط، بعد أن تم تعيينى فى منصب "مفتش فرقة القاهرةالجديدة"، وكنت مسئولا عن الأكمنة وتوزيعها وطريقة تعامل الضباط مع المواطنين؛ وهو ما سبب لى خلافات مع كثير من الضباط. وما سبب نشوب خلافات بينك وبين الضباط؟ كانت هناك خلافات شبه يومية مع بعض الضباط بسبب تطاولهم على الناس، فكنت أرشدهم إلى أسلوب العمل الجديد مع المواطنين، وفى حالة الاشتباه فى أى مواطن أسأله لماذا اشتبهت فيه؟ وذلك حتى لا يكره الناس الشرطة مرة أخرى، وأهالى القاهرةالجديدة يعرفوننى بالشبه، إلى أن انتقلت إلى تأمين مقر محكمة القاهرةالجديدة، وهناك رأيت وسمعت ما لم أكن أتمناه أبدا من أفراد الشرطة. لماذا؟ شاهدت بعض الضباط يقومون بمواساة رموز النظام السابق خلف القضبان، ليس هذا فحسب، بل سمعتهم يرددون شتائم وبذاءات ضد الثورة ومن قام بها، بل كان هؤلاء الضباط يتوددون لمن خلف القضبان بصورة مريبة، والبعض ينظر لى عندما أراقبه ويقول متهكما: "معلش أصل الثورة دى اللى رجعتك"، واستمررت فى هذا حتى جاء "أسبوع المرار". ماذا تقصد ب "أسبوع المرار"؟ تم نقلى وتعيينى فى حراسة فيلا الفريق أحمد شفيق فور نهاية الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، والإعلان عن جولة إعادة بين الدكتور مرسى والفريق شفيق، وقتها كانت التكهنات والشائعات تتردد هنا وهناك، حول نتائج الانتخابات ومن سيفوز ويصعد إلى كرسى الحكم. وللعلم لم يكن متوفرا لنا أى سبل للعمل، فكان الحراس الشخصيون للفريق شفيق يخرجون لنا الكراسى لنجلس عليها؛ لأن الداخلية لم توفر كراسى أو ترابيزات أو حتى سيارات بوكس، وفوجئت هناك بمعاملة سيئة، وقامت الحراسة الخاصة بشفيق بسحب الكراسى، فلا يوجد أى شىء سوى سيارتى الملاكى بعد اختفاء الكراسى والمكاتب، حتى اشتكيت لمدير الفرقة، وأكدت له أن الأمر يزداد سوءا، وطالبت بالخدمة فى منزل الرئيس مرسى، وبالفعل وافقوا على تعيينى بعد إعلان فوز الدكتور محمد مرسى برئاسة الجمهورية. ومتى تسلمت عملك مع الرئيس؟ تسلمت عملى خدمة ليلية يوم 30 يونيو، ومنذ ذلك اليوم وأنا أسمع من بعض الضباط هجوما على الرئيس، ولكنى تجاوزت هذا الأمر؛ لأنهم ضباط صغار ونحن فى ثورة وكل شخص يقول ما يريد، ولكن عندما يأتى الخطأ من الكبير فهذا أمر لا يحتمل ويجب التصدى له. ماذا تقصد بقولك "الكبير"؟ يوم أن وقعت الاشتباكات أمام قصر الاتحادية، وبمجرد وصولى إلى منزل الرئيس، وتناقشت مع مسئولين عن عملية التأمين فى حالة وصول المعارضين إلى منزل الرئيس، وفوجئنا بالعقيد "خ. ج" يقول متهكما "يا باشا انتو قاعدين ليه.. خلاص الموضوع بينتهى"، وللعلم هذا العقيد ولاؤه الكامل لمبارك بعد أن ظل يعمل معه فترة طويلة حتى بعد الثورة! وماذا كان يعمل معه؟ كان مسئولا عن مرافقة المخلوع مبارك فى الطائرة التى كانت تنقله من محبسه إلى أكاديمية الشرطة خلال المحاكمات، وكان يؤدى لمبارك التحية العسكرية، متحديا كل الأعراف والقوانين والتقاليد، وهو ما يثير الاستغراب، كيف من كان مرافقا لمبارك أن يكون مفتشا للمباحث فى منطقة الرئيس الجديد. وماذا فعلت أنت ضده؟ كتبت مذكرة ضده، خاصة أن هذا الأمر انتشر كالعدوى بين الضباط الصغار، فجاء الملازم أول "م. س" الذى يعمل فى غرفة عمليات فرقة القاهرةالجديدة ومسئولا عن وضع خدمات الضباط بناء على تعليمات المدير، وأكد أن الرئيس سيعود إلى السجن، ملمحا إلى عملية انقلاب ضده. ووقفت مذهولا أن هذا الكلام يتردد تحت منزل الرئيس، وأنا باعتبارى ضابطا مكلفا بحمايته وأحصل على راتبى مقابل هذه الوظيفة، بل انفعل هذا الملازم ذات مرة على مدير الفرقة الذى أعطى التحية العسكرية للرئيس مرسى؛ مما جعله ينفعل وقال له "انت إزاى يا باشا بتديله التحية العسكرية"، ولكن كانت التعليمات الصادرة بأن نتعامل بهدوء وحكمة وضبط نفس. وهل تم إبلاغ الرئاسة بذلك؟ اتصلت بالمقدم "م. ع" الحارس الخاص والشخصى لرئيس الجمهورية وشرحت له ما حدث، وأكدت له أننى سأقبض على "خ. ج" مفتش المباحث طبقا للقانون؛ لأن ما فعله يعتبر جريمة، لأن رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للشرطة، ومفتش المباحث زاد فى هجومه على الرئيس مرسى، لكن حارس الرئيس أعطى أوامره بضبط النفس، وأن أكتب كل ما حدث فى مذكرة، وطلب منى أن أؤمن نفسى، وألا أسمح لأحد أن يتعدى على؛ لأننى كنت الوحيد الذى يحترم الشرعية، وبالفعل كتبت المذكرة وأرسلتها مع مندوب. كيف كانت الأجواء أمام منزل مرسى خلال اشتباكات الاتحادية؟ كانت مشتعلة للغاية، وكان هناك شباب ثائر ضد الرئيس، وللأسف الشديد قام بعض الضباط بشحنهم أكثر، وأكدوا لهم أنهم سيساعدونهم على اقتحام المنزل، مما أوقعنى فى ضغط نفسى وعصبى، فلم يكن أمامى إلا الاستعانة بالبوابين وحراس العقارات المجاورة لحماية منزل الرئيس عن طريق تشابك الأيدى فى بعضها والوقوف أمام بوابة المنزل. ووقفت أمام منزل مرسى بمفردى كضابط، وساعدنى البوابون "الصعايدة الجدعان"، ولم يفعلوا هذا بسبب أى نزعة دينية، بل لحبهم للرئيس، ورأيت من بين هؤلاء أقباطا، وخلال نصف ساعة امتلأت منطقة القاهرةالجديدة بحراس العقارات، ووقفوا أمام من يريد اقتحام منزل مرسى، وهتفوا ضدهم "جايين يتعوروا علشان يتصوروا"، وسخروا منهم حتى رحلوا.. وهذا المنظر لن أنساه طوال حياتى. نعود إلى قصة إحالتك إلى التقاعد.. ماذا حدث بعد أن قدمت المذكرة؟ لم أكن أحب أن أترك الرئيس، والمشكلة الأولى وقعت عندما حصلت على يوم راحة، ولم يذهب "العقيد م. ا" مفتش الفرقة الذى تم تعيينه بدلا منى مع الرئيس إلى صلاة الفجر، وتم نقله؛ لأنه لم يؤد خدمته بتأمين الرئيس من المنزل إلى المسجد، وتم نقله وتم التحقيق معه، والمفاجأة أنه قال فى التحقيق "معنديش تعليمات إنى أؤمن الرئيس فى الصلاة.. أنا مهمتى تأمين المنزل فقط". وردوا عليه أن العميد طارق الجوهرى يؤمنه فى كل مكان بالقاهرةالجديدة، قال "أصل الجوهرى إخوان"، وهذا كذب وافتراء؛ لأننى لم أنتمِ إلى الجماعة فى يوم من الأيام، والمرة الثانية حصلت على رحلة لمدة أسبوع بسبب إجراء عملية جراحية، ومن تسلم منى العمل اتصل بى، وقال لى تعالى ارجع وخد نص مرتبى، وفجأة عند رجوعى إلى العمل يوم 5 مارس الجارى فوجئت بإحالتى إلى المعاش فى حركة شرطية استثنائية شملتنى بمفردى! كيف حدث ذلك ومن أبلغك به؟ أنا أعمل فى خدمة تأمين ليلية، واتصلت بالفرقة هل أنزل لأمضى فى الصباح يوم 5 مارس وأعود لمنزلى وأتسلم عملى فى خدمة التأمين الليلية لمنزل الرئيس، أم أذهب إلى الخدمة مباشرة؟ فرد على الملازم أول م. س، وقال لى: "قرر السيد وزير الداخلية إحالة العميد طارق الجوهرى إلى المعاش". وماذا عن جواب المعاش الرسمى؟ هذا يسبب لى قلقا آخر، فالداخلية لم تتسلم منى الطبنجة أو البوكس أو أية متعلقات، وقالوا لى إن هذه "إستراتيجية الوزارة" أن كل من عاد بحكم قضائى يعمل سنتين ويخرج للمعاش، فأكدت لهم أن هذا القرار خاطئ؛ لأن حكم المحكمة يلغى حكم الإحالة إلى المعاش وما يترتب عليه من آثار، فما التقييم الذى بنوا عليه قراراهم؟ أو ما الكارثة التى ارتكبتها؟ لا أعلم حتى الآن. وماذا كان رد فعل رئاسة الجمهورية؟ فوجئت باتصال من رئاسة الجمهورية يوم السبت الماضى طلبوا منى الحضور يوم الأحد، وقابلت اللواء عماد حسين أحد مستشارى الرئيس للأمن، وأكد لى أن القرار ظالم، وحاول تطييب خاطرى، وأكد أن قرار إحالتى للمعاش ليس بسبب تأييد مرسى، ولكنه بسبب لوائح فاسدة غير دستورية داخل الوزارة، ومع هذا أتمنى أن يكون هذا هو السبب وألا يكون السبب هو المذكرة التى قدمتها ضد خ. ج، ولكن السؤال: لماذا حصلت حركة تغييرات فى الوزارة شملتنى أنا فقط، وأنه لو كان حتى أدائى سيئا فالقانون حسمها بأن أخرج فى حركة دورية معتادة وأقربها شهر أغسطس. وأريد أن أعرف أيضا مصير هذه المذكرة، وأريد أن أطمئن أنها وصلت إلى أيدى الرئيس، فقلقى ليس لأننى أريد أن أعود إلى العمل، ولكن أريد أن أثبت للجميع أن الفساد إلى زوال؛ خاصة أن واقعة إحالتى إلى المعاش أصابت الكثير من الضباط الصغار المؤيدين للشرعية بالإحباط، وأن من يخطئ يظل فى موقعه ويترقى، لهذا أنا أريد أن أحصل على حقى. وماذا تقول للضباط؟ حكموا عقولكم، فالأمور أصبحت واضحة، من يريد أن تقع الشرطة ومن يريد أن يقف بجانب الشرعية، فى مظاهرات التيارات الإسلامية لم يرشق أحد طوبة واحدة، وفى مظاهرات كل التيارات الأخرى يتم التكسير والتخريب والتعدى على الشرطة، أرجوكم لا تصطنعوا العداء مع الإسلاميين، وحكموا عقولكم لا قلوبكم وما تعلمتموه فى زمن المخلوع مبارك. هل معنى كلامك أن وزارة الداخلية تحتاج إلى تطهير وإعادة هيكلة؟ التطهير والهيكلة داخل وزارة الداخلية أمر سهل جدا فى الفترة الحالية، ويمكن أن يتم على مرحلتين؛ الأولى تبدأ من شريحة رتبة الملازم إلى النقيب، والجميع يعلم الطريقة التى دخل بها هؤلاء إلى كلية الشرطة فى السنوات الأخيرة قبل الثورة، وكيف يكرهون كلمة "ثورة"، ولكن هناك قلة منهم محترمة تعمل بجد وإخلاص. وهذه الشريحة من الضباط تسمى "الشريحة الأفقية"، أما الأخطر فهى "الشريحة الرأسية" وهى أجهزة البحث الجنائى. كيف يمكن علاج ذلك؟ أولا يجب أن نقتنع أنه لا يوجد شىء اسمه هيكلة الداخلية بشكل كامل، فمثلا إدارة الجوازات لا توجد بها مشاكل، وكذلك إدارة الأحوال المدنية، وكثير من الإدارات الأخرى التى تعمل مع المواطنين بكل احترام، فالأزمة متمثلة فى قطاع الأمن العام الذى يشمل البحث الجنائى والنظام، وقطاع "النظام" محترم، فمثلا الرائد فى قطاع المباحث أقوى بكثير من اللواء فى النظام؛ حيث يمكن لهذا الرائد أن يكتب تقريرا فى لواء وبسببه يخرج من الخدمة مع أول حركة! والوقت مناسب جدا لتطهير هذه الإدارة، ولا تستمعوا لكلام من يقول إنه فى حالة تغيير ضباط المباحث ستنهار الوزارة؛ لأن هذا الكلام مثير للسخرية"، البلطجية الآن خرجوا عن سيطرة ضباط المباحث، والبلد مهيأة للتطهير بشكل لن يتكرر مرة أخرى، ويجب أن يتم اختيار ضباط المباحث الجدد بطريقة علمية واختيار الأكفأ وصاحب الثقافة وصاحب الأفق، لأن قطاع المباحث من المفترض ألا يدخله إلا الأوائل والمتفوقون والأذكياء، لكن للأسف أصبح كل من له "واسطة" يدخل المباحث حتى لو كان لا يفقه شيئا، وأكرر قطاع المباحث هو السبب فى اندلاع الثورة وليس أمن الدولة، وأرجو من المسئولين أن يراعوا الكفاءة بدلا من القرابة.