أتمنى أن تكون زيارة الرئيس محمد مرسى -اليوم- إلى محافظة سوهاج ولقاؤه محافظى الصعيد أبعد وأكثر من مجرد زيارة لرأس الدولة إلى جزء عزيز من الوطن. فالزيارة على الرغم من أهميتها إلا أن ما يُخرجها من طور الروتين إلى ساحة العمل الإستراتيجى أن تكون لها رؤية مختلفة لتنمية محافظات الصعيد، وأن تحمل مشروعا تغييريا يسمح بانطلاقة جديدة لهذا الإقليم. وما أتصوره أن الاهتمام بمحافظات الصعيد ينبغى أن يمر بمرحلتين؛ الأولى إعادة الثقة لدى المواطنين بالصعيد باهتمام الدولة بهم وأنهم ليسوا كمًّا مهملا بل جزءا أصيلا من مكونات الشعب المصرى. والمرحلة التالية أن تنطلق من الصعيد ثورة تنموية واسعة تستهدف إحداث تنمية حقيقية فى قرى ومدن ومحافظات الإقليم وتستهدف فى الوقت نفسه الانطلاق بموارد بشرية فاعلة كانت معطلة لتتمكن من خدمة الوطن، كل الوطن. ولا نكون مبالغين عندما نؤكد أن الشعور الذى يخالج كل مواطن مصرى ينتمى إلى محافظات الصعيد أنه مواطن من الدرجة الثانية لا يحصل على الخدمات التى يحصل عليها غيره من أبناء الوطن ولا يشعر أنه على رأس أولويات الحكومة التنفيذية التى تبعد عنه بمئات الكيلومترات. ما نقوله هنا ليس من قبيل المزايدة أو المبالغة، لكنه من قبيل الحقيقة الماثلة على أرض الواقع ويشعر بها المواطن قبل أن تشهد بها الشواهد وتؤكدها الأرقام والإحصاءات. فليس جديدا أن نقول إن الصعيد فى جملته عانى -وما زال- كثيرا من الإهمال فى التعاطى مع مشاكله والتواصل مع أزماته والتدخل لانتشاله من المخاطر التى يتعرض لها. ولا نريد أن نسرد الأزمات التى يعانى منها المواطن فى الصعيد، والتى يأتى على رأسها مشكلتا الفقر والبطالة، اللتان تأتيان متضافرتين مع بقية المشاكل التى يعانى منها سكان الإقليم. وعندما نتكلم عن الفقر والبطالة فنحن نتكلم عن نماذج واقعية غير مسبوقة ومشاكل مزمنة لا تتشابه مع مثيلتها فى باقى أرجاء القطر إلا بتشابه الألفاظ وتقارب العبارات. الصعيد يحتاج إلى رؤية إستراتيجية تستهدف تعميق تواصله مع باقى مكونات الوطن وتسعى لاستثمار موارده البشرية وإمكاناته، وهو ما نأمل أن تكون زيارة الرئيس اليوم بداية له.