رئيس اتحاد الدواجن: الصناعة تشهد ازدهارًا ولا صحة للأخبار المتداولة    استشهاد 7 فلسطينيين إثر القصف الإسرائيلي على جنوب غزة.. و103 شهداء منذ الفجر    التعادل السلبي يحسم مباراة سموحة والاتحاد بالدوري    مباحث الغربية تضبط سيدة لتركها رضيعا بمحطة السكة الحديد بطنطا    غدًا.. عرض الفيلم الوثائقي "الزعيم"    الأمم المتحدة: لدينا شواهد كبيرة على حجم المعاناة والمجاعة في غزة    أحمد نبوي: الدين الإسلامي ومعياره الأصيل يتمثل في الوسطية والاعتدال والتوازن    نقابة الأطباء البيطريين تحتفل باليوم العالمى للطبيب البيطرى غدا برعاية وزارتى الصحة والزراعة    يوم فى جامعة النيل    بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف التسلح وتعزيز الحوار والدبلوماسية بدلا من الصراعات    أحمد سعد يشعل حفله الغنائي بأستراليا بحضور السفير المصري وهاني رمزي    إعلام عبرى: الوفد الإسرائيلي المفاوض سيبقى في الدوحة حتى مساء السبت    بسنت شوقي: اتخضيت من نجاح مسلسل "وتقابل حبيب"    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    الكشف والعلاج بالمجان ل 390 حالة وندوات تثقيفية ضمن قافلة طبية ب«النعناعية»    السعرات الحرارية..‬ بعد الملح والسكر والدهون    إذاعة الاحتلال: الجيش يقول إنه سمح بإدخال الوقود لمستشفيات أجنبية بغزة    «شغل» أمريكانى    قداسة البابا تواضروس يستقبل الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم بوادي النطرون (صور)    الأهلي يفوز على أبيدجان الإيفواري بكأس الكؤوس الإفريقية لليد    أحمد مكي يعلن وفاة نجل شقيقته ويطالب جمهوره بالدعاء له    كيف نظم القانون حق الموظفين في إجازة الحج؟    بالمستند.. التعليم تعدل جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 لهذه المدارس    مختار غباشي: الكونجرس سيصطدم مع ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا    كيف تتغلب على الموجة الحارة؟.. 4 نصائح للشعور بالانتعاش خلال الطقس شديد الحرارة    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025 الترم الثاني    أسامة غريب يكتب: قسيس القرية    إحالة محامى.. المعروف إعلاميا ب"سفاح المعمورة"، إلى محكمة الجنايات.    الأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة "الفردوس" للأطفال    اغتنم الفرصة الذهبية.. أدعية مستجابة في ساعة الاستجابة... لا تفوّت الدعاء الآن    مصر تتوج بلقب البطولة الأفريقية للمضمار بحصدها 51 ميدالية    قبل تقديم النسخة المحلية.. كم يبلغ سعر النسخة المستوردة من جيتور X70 Plus بسوق المستعمل    "المستلزمات الطبية" تناقش مشكلات القطاع مع هيئتي الشراء الموحد والدواء المصرية الاثنين المقبل    حبس بائع تحرش بطالبة أجنبية بالدرب الأحمر    تيك توك تطلق خاصية التأمل الليلي لحماية المراهقين من الإدمان الرقمي    ميناء دمياط يستقبل 12 سفينة خلال 24 ساعة.. وتداول أكثر من 93 ألف طن بضائع    حماس: الاحتلال يستخدم سياسة الأرض المحروقة في غزة    الصوامع والشون تستلم 270 ألفا و255 طنا من القمح داخل وخارج أسوان    مستثمر سعودى يشترى ألميريا الإسباني ب100 مليون يورو    الزمالك يبدأ الخطوات الرسمية لرفع إيقاف القيد بالتواصل مع "فيفا".    سيطرة مصرية على الاتحاد العربي لكرة السلة للكراسي المتحركة    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    وزير الكهرباء يتابع مستجدات تنفيذ مشروع المحطة النووية بالضبعة    إنجلترا والإمارات في أولى منافسات sitfy poland للمونودراما    مصرع 3 بينهم طفل وإصابة 20 آخرين في حادث انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    منازل الإسرائيليين تحترق.. النيران تمتد للمبانى فى وادى القدس    وفاة طفل وإصابة اثنين آخرين نتيجة انهيار جزئي لعقار في المنيا    كاف يكشف عن تصميم جديد لكأس لدوري أبطال إفريقيا    أسعار الأسماك في بورسعيد اليوم الجمعة 16 مايو 2025    الإسكان: قرارات إزالة لتعديات ومخالفات بناء بالساحل الشمالي وملوي الجديدة    حبس متهم بالتعدى على طفلة فى مدينة نصر    حال الاستئناف، 3 سيناريوهات تنتظر نجل الفنان محمد رمضان بعد الحكم بإيداعه في دار رعاية    الصحة: خبير من جامعة جنيف يُحاضر أطباء العيون برمد أسيوط    طريقة عمل السمك السنجاري فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهز    الدوري الإسباني.. بيتيس يبقي على آماله الضئيلة بخوض دوري الأبطال    لاعب المغرب: نسعى لكتابة التاريخ والتتويج بأمم إفريقيا للشباب    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد الجليند ": ديوان الزكاة و الوقف بداية النهضة الإقتصادية

استيعاب المعارضين وتأليف القلوب ومواجهة السيئة بالحسنة ثقافة إسلامية
مقومات الشهادة على الأمم موجودة لدينا لكننا لم نحسن استغلالها بعد
التمرد على القيم أصبح عنوانا للتنوير والتحضر.. وروح الفردية أخطر أمراض المجتمعات
من العبث أن نملك المال والأرض والأيدى العاملة والماء ثم نأكل مما يزرعه غيرنا!
أكد المفكر الإسلامى الدكتور محمد السيد الجليند -أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة- أن الأوضاع فى مصر تحتاج إلى شىء من التبصر ونفاذ الرأى وصدق العزيمة والإرادة، مشيرا إلى أننا نعيش فترة تاريخية فارقة، علا فيها صوت ربما زين للناس الباطل ليصبح حقا، وخفت فيه صوت الحق لقلة وسائله وضعف أصحابه.
واقترح -فى حواره ل"الحرية والعدالة"- تأسيس ديوان للصدقات يتولى الإشراف عليه مشيخة الأزهر أو دار الإفتاء، تُجمع فيه أموال الزكاة من أصحابها وتوزع على مستحقيها.
وطالب د. الجليند بإعادة دور الوقف للمساهمة فى النهوض بمصر وتقدمها، معربا عن أسفه لإغفال هذا الجانب من النظام السياسى الذى تأسس فى مصر مع ثورة عام 1952، والذى قضى على نظام الوقف قضاء تاما.
وأوضح أن مسئولية المجتمع فى النهضة لا يمكن إغفالها، معربا عن أسفه لأن غياب القيم الأخلاقية من الشارع المصرى ربما كان هدفا إعلاميا للكثير من الجهات التى أخذت تبث وتضخ إنتاجا إعلاميا يعمل على تغييب تلك القيم باسم الحرية الشخصية وباسم التمدن، حتى أصبحت الأخلاق ينظر لها بمنظار الظلامية والرجعية والتخلف.
وأضاف إذا نهضت الأمة المصرية سوف ينهض العالم الإسلامى كله، مطالبا بضرورة استيعاب كل المعارضين وتأليف القلوب وأن نتذكر أن للقلوب مفاتيح، وأهمها الكلمة الطيبة، والإرادة الخالصة لوجه الله تعالى، ومهما تبنى الخصم أسلوب التجريح والاتهامات، فينبغى أن نقابل السيئة بالحسنة؛ حتى نعلن للناس أننا أصحاب دعوة ورسالة ولسنا أضدادا ولا أندادا، مؤكدا أن ذلك بمثابة سياسة وثقافة إسلامية.
وأوضح د. الجليند أنه من العبث أن نملك المال والأرض والأيدى العاملة والماء، ثم بعد ذلك نأكل مما يزرعه غيرنا، ونستجدى القمح من الدول التى تجود علينا به، مشيرا إلى أن مقومات الشهادة على الأمم موجودة لدينا لكننا لم نحسن استغلالها بعد.
· هل هناك جوانب ما زالت مغمورة حول موقف الإسلام من قضية التنمية والنهضة؟
لا يمكننا الحديث عن التنمية إلا من خلال البيئة المحيطة بها، فلا يصح أن تكون قضية معزولة منبتة الصلة عن الأسباب والوسائل ثم الغايات؛ فالبيئة هى التى تحتضن التنمية وتعمل على زيادتها وتوسيع رقعتها، وبيئتنا الاجتماعية الآن فى مصر تحتاج إلى شىء من التبصر ونفاذ الرأى وصدق العزيمة والإرادة؛ لأننا نعيش فى فترة تاريخية فارقة، علا فيها صوت ربما زين للناس الباطل ليصبح حقا، وخفت فيه صوت الحق لقلة وسائله وضعف أصحابه، ولذا كان الحديث عن تلك البيئة يتطلب -فى رأيى- توجيه الخطاب أولا إلى حزب الحرية والعدالة لأنه حزب الأغلبية، وعلى أساس أنه يمثل جانبا مهما من نظام الحكم الآن، وأخص داخل الحزب من يتولون التعبير عنه إعلاميا أو رسميا، بحيث عليهم أن يستبدلوا فى خطابهم منهج المواجهة للمعارض بمنهج الاحتواء، وفى هذا علينا أن نتذكر أن للقلوب مفاتيح، وأهمها الكلمة الطيبة، والإرادة الخالصة لوجه الله تعالى، ومهما تبنى الخصم أسلوب التجريح والاتهامات، فينبغى أن نقابل السيئة بالحسنة؛ حتى نعلن للناس أننا أصحاب دعوة ورسالة ولسنا أضدادا ولا أندادا للمعارضة.
مطلب شرعى
· كيف يكون المنظور التنموى إذا تم ضبطه بمرجعية الإسلام؟
التنمية مطلب شرعى كما أنها مطلب اجتماعى، فالله تعالى أمر المؤمنين، كما أمر المرسلين بأن يأكلوا من الرزق الطيب الحلال، وتوفير ذلك يقتضى العمل والإنتاج، وتعددت الآيات القرآنية التى يأمر الله تعالى فيها المؤمن بذلك مثلما تأمره آيات أخرى بالصلاة والصيام وسائر العبادات؛ قال تعالى ((هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)). [الملك: 15]، وقال ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)) [التوبة: 105]، والإسلام لا يعرف الكسل أو القعود عن طلب الرزق، بل إن طلب الرزق من جانب الأمر الإلهى يعتبر عبادة وقربى لله تعالى، حتى إن الإسلام يجعل اللقمة الحلال يضعها الرجل فى فم زوجته، عبادة لله سبحانه. وعندما يقول لنا النبى -صلى الله عليه وسلم-: "إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِى يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةً، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أن لا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فَلْيَغْرِسْهَا"، فهذا أمر شرعى يبين أن المسلم ليس سلبيا حتى وهو ينازع الموت.
ديوان الزكاة
· كيف نجعل المواطن البسيط يلمس أثرا سريعا لمرجعية الإسلام حين تتحرك نحو التنمية؟
إذا كان الإسلام قد فرض فى مال الغنى حقا معلوما تجاه الفقير، فهذا يعنى أن أنصبة الزكاة لا تعد إلا الحد الأدنى لما يجب على الغنى دفعه من مال، وأقترح أن تتولى مشيخة الأزهر أو دار الإفتاء، تأسيس ديوان عام يسمى ديوان الصدقات تُجمع فيه أموال الزكاة من أصحابها؛ بحيث يكون لهذا الديوان فرع فى كل محافظة، ثم فروع أصغر فى كل مركز، ثم فى كل قرية. وإذا كان البعض يتخوف من تطبيق تلك الفكرة -فمن وجهة نظرى- ينبغى ألا نحكم على الأشياء إلا بعد إقامتها. أما المحاذير فنضع لها ضوابط، فأنا شخصيا من قرية منشية الأمراء بالمحلة الكبرى، بها بيت يسمى بيت المال قام عليه مجموعة من الشباب الملتزم المخلص، وهو لا يذهب إلى أحد ويطلب منه مال الزكاة، وإنما يأتيه الجميع راضين قانعين كل بحسب موعد سداد زكاته، ولهذا البيت الآن بناية خاصة يتم فيها تجميع القدر اللازم من زكاة المحاصيل بخلاف الأوراق التى بها أسماء وعناوين المستحقين ومن يتم التوزيع عليهم، ووصل الأمر فى بعض الأوقات أن مخازن بيت المال هذا قد امتلأت وفاضت بالحبوب والمحاصيل ولم يجدوا من يأخذها، وهو مشروع يعبر عن اجتهاد شخصى من الشباب ومن أهل القرية، منذ ما يقرب من 15 عاما، بل هناك قرى كثيرة فى الريف المصرى تتبنى هذا النهج؛ وهذا الأمر لو نُفذ وتبنته الدولة لسد فجوة كبيرة من حاجة الناس إلى ميزانية الدولة.
· هل إنشاء ديوان الصدقات يكون بقانون إلزامى؟
لا ينبغى فرضه بقانون سياسى، وإنما يجب أن يبقى التزاما من المؤمن قبل الله سبحانه وتعالى، وهو حينها بالخيار إما أن يذهب بأموال زكاته إلى بيت أو ديوان الزكاة، وإما يعطيها هو لمن يستحق، ولكن بيت المال ييسر عليه معرفة المستحقين حتى لا يقع فريسة لأدعياء الفقر أو للكاذبين. فمصر مليئة بالخير لكن بعض أصحابه يحتاجون إلى الثقة لمن يحمله فيُحسن توزيعه وإنفاقه، وهى ثقة كانت مفقودة من قبل وللناس عذرهم فى ذلك. أما الآن فنحن فى عهد جديد ينبغى فيه أن تخلص النيات حتى ننهض ببلدنا.
فروض الكفاية
· هل بعض فروض الكفاية تسهم فى التنمية أيضا؟
من فروض الكفايات ذات البعد التنموى، العلم وتوظيفه، وتأسيس مراكز بحثية، لننهض ونكثف الإنتاج الزراعى مثلا أو لاستصلاح الأراضى أو تنمية الثروة السمكية، أو ابتكار أدوية للأمراض التى يكثر أن يعانى منها الشعب المصرى، وهى جميعها مجالات تحتاج إلى بحوث و-برأيى من الوجهة الشرعية- هذا بند يجوز فيه أيضا إنفاق أموال الزكاة، خاصة أن الكثير من تلك البحوث المهمة موجود بالفعل، ولكنها تحتاج إلى تمويل لتحويلها من أوراق إلى واقع يحس به المجتمع المصرى.
· هل يمكن أن يكون للوقف دور فى النهضة والتنمية، خاصة أنه كان صاحب الدور الأكبر فى صناعة الحضارة الإسلامية؟
لو عدنا إلى التاريخ نجد أن مؤسسة الدولة -كدولة ونظام- لم تسهم هى فى نهضة الأمة الإسلامية بالمال الرسمى الذى يمكن أن نسميه "ميزانية الدولة"؛ وإنما نهضت الأمة بمال الصدقة ومال الوقف، وعلى سبيل المثال الوقف هو الذى أسس دار الحكمة فى بغداد إبان الدولة العباسية. وكان للوقف الإسلامى أبواب وفروع متعددة وكثيرة جدا، منها الوقف على الفقراء وعلى الأرامل وعلى الأسبلة، وحتى الوقف على الكلاب الضالة. وهذا إنما يعنى أن بنود توظيف أموال الأوقاف لا حصر لها، ويمكن فى عصرنا هذا أن تشمل مراكز البحوث، البعثات، تنمية الموارد الإنتاجية والابتكارية والاختراعات عند الشباب، ولكن للأسف أغفلنا هذا الجانب، وربما كان من أسباب هذا الإهمال، النظام السياسى الذى تأسس فى مصر مع ثورة عام 52، والذى قضى على نظام الوقف قضاء كاملا، ولذا فنحن الآن فى حاجة إلى إعادة هذا النظام الآن.
التجربة التركية
· هل هناك دول سبقتنا إلى تطبيق نظام الوقف ونجحت فيه؟
سبقتنا إليه مؤخرا تركيا، ففيها الآن رجال أعمال تطوعوا واتجهوا تحت مظلة مؤسسة "حراء" ومؤسسها الشيخ "فتح الله كولن"؛ حيث عمد "كولن" إلى أعمال تنموية عديدة منها بناء 1200 مدرسة، و30 جامعة، وذلك على مستوى العالم، لم يكلف الدولة فيها مليما واحدا، وإنما من مال الوقف وتبرعات أهل الخير، وذلك لبث العلوم الإسلامية والثقافة العربية والإسلامية، ونحن فى مصر -والحمد لله- لا ينقصنا أهل الخير، ولكنهم فقط يحتاجون إلى الثقة فيمن يتعامل معهم، والثقة فى مصارف الأموال التى يدفعونها أين تذهب، وعلى العهد الجديد الذى نعيش فيه الآن أن ينبرى ليولى هذه المؤسسات قلوبا صادقة لله تعالى، فهو بند يتحمل عن الدولة عبئا كبيرا، ربما يوفر ما هو أكثر من ميزانية الدولة كلها.
تغييب القيم
· كيف تكون المنظومة القيمية التى يجب أن تصاحب الخطط التنموية؟
تحتاج التنمية إلى يقظة وتوعية ثقافية، ومن ذلك على سبيل المثال أن مؤسسات الدولة التى تمثل منابر ثقافية مؤثرة وهى وزارات التربية والتعليم، والأوقاف، والإعلام، كان لا بد أن تضع لنفسها منهجا متماشيا مع خطة المائة يوم التى أعلن عنها الرئيس، فمثلا يكون درس الصباح اليومى فى كل مدرسة عن النظافة مثلا فى المنزل والشارع والمدرسة، بل يتعلم التلميذ كيف ينقل تلك الثقافة إلى بيته فيخبر أهله أن النظافة من الإيمان، وأن "الله جميل يحب الجمال" فلدينا فى مصر 2 مليون تلميذ، لو أنهم تعلموا فى الصباح أن النظافة مطلب شرعى وقومى، ونقلوا هذا الإحساس إلى بيوتهم فستعم تلك الثقافة فيما لا يقل عن 10 ملايين مواطن، وبالمثل يفعل أئمة الأوقاف ودعاة المساجد، ومثلهم الإعلام فى منابره كافة، وبخلاف ذلك هناك الكثير من القيم التى كان العالم يحسدنا عليها، نحتاج إلى تفعيلها من جديد مثل "الشهامة"، أو "ابن البلد"، وتعنى الخلق النبيل والرفيع، واحترام الصغير للكبير، فمسئولية المجتمع أساسية فى النهضة لا يمكن إغفالها. وربما غياب القيم الأخلاقية من الشارع المصرى كان هدفا إعلاميا للكثير من الجهات التى أخذت تبث وتضخ إنتاجا إعلاميا يعمل على تغييب تلك القيم باسم الحرية الشخصية وباسم التمدن، حتى أصبحت الأخلاق ينظر لها بمنظار الظلامية والرجعية والتخلف، وأصبح التمرد على تلك القيم عنوانا للتنوير والتحضر، حتى غاب عن الكثير الإحساس بالمسئولية وعمت روح الفردية التى هى من أخطر الأمراض التى تصاب بها المجتمعات، رغم أن الإحساس بالمسئولية جزء من آدمية الإنسان؛ فالإسلام وضع القيم الأخلاقية فى صياغة دينية وجعل تنفيذها جزءا مكملا للإيمان ومن ذلك قول النبى -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وقوله: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ"، وهذه القضايا رغم أنها اجتماعية قيمية إلا أنها دينية أيضا نتعبد بها إلى الله سبحانه.
اختزال الإسلام
· البعض يطالب بعدم إقحام الإسلام فى قضايانا السياسية والاجتماعية وغيرها على أساس أعلى وأجل من أن نقحمه فى أى شىء، فهل تحريك الإسلام بين الناس أمر عسير إلى هذا الحد؟
هم معذورون فى ذلك؛ لأن المنابر طيلة فترة النظام السابق كانت قد اختزلت الإسلام فى الشعائر التقليدية من الصلاة أو الصيام أو الحج، واعتبرت الإسلام علاقة بين العبد وربه فقط كما يدندن بذلك الكثيرون زيفا وباطلا، ولكن منهج الإسلام ينظم أربعة من العلاقات الأساسية، وهى علاقة الفرد بربه، وعلاقة الفرد بنفسه، وعلاقة الفرد بالمجتمع، وعلاقة الفرد بالكون الطبيعى من حوله كالسماء والأرض والزرع. وهذه المناحى والعلاقات جميعها لها أسس قيمية ودينية نتقرب بها إلى الله تعالى.
· هل مصر لديها فرصة الآن تجعلها تحقق للأمة الإسلامية خيريتها وشهادتها على العالم؟
هذه قضية مهمة للغاية، فالكثير من التبعة الآن ملقاة على عاتق جماعة الإخوان المسلمين ثم حزب الحرية والعدالة، فهى مسئولة الآن أمام الله والتاريخ إذا فشل المشروع الإسلامى فى نظام الحكم، وإذا نهضت الأمة المصرية بهذا المشروع سوف ينهض العالم الإسلامى شرقه وغربه، ولذا ينبغى له أن ينفتح قلبه وعقله لاستيعاب كل المعارضين، فتأليف القلوب سياسة وثقافة إسلامية، كما أنصح الحزب أيضا أن يفصل خطابه عن خطاب مؤسسة الرئاسة لكى يتحمل كل فريق مسئولية كلامه، فالرئاسة الآن تتحمل أوزارا ليست مسئولة عنها.
مقومات الشهادة
· ما أهم الفرص المتاحة لإنجاح المشروع الإسلامى؟
أولا: وجود الكوادر المخلصة وغير المنتمية لجماعة الإخوان، ولكن لا تعارضها وتريد الخير لمصر، وكانت منبوذة فى النظام السابق لحسّها الوطنى، فينبغى للرئاسة السؤال عنها وطلب ترشيحها من قبل أهل الذكر فى كل تخصص. وثانيا: مصر كعبة المسلمين بعد بيت الله الحرام؛ لأن بها كعبة العلم الإسلامى على مستوى العالم، ولذا ينبغى أن يتقدم الأزهر لكى يتبوأ مكانته العالمية تحت ما يسمى ب"السياسة الناعمة"، فعلى سبيل المثال أهملنا إفريقيا لأكثر من ثلاثين عاما، رغم أن نفوذ الأزهر بها أكبر من نفوذ المال، وعن طريق الأزهر والكنيسة ينبغى أن تعود مصر إلى بوابة إفريقيا، كذلك للأزهر دور كبير فى أسيا، خاصة فى الشرق وجنوب الشرق، وهذا كله يمثل امتدادا إسلاميا مصريا للعالم كله. ثالثا: نحتاج الآن إلى عودة الثقة لكى تخرج الأموال المصرية من مخابئها وتضخ فى استثمارات خاصة فى الأراضى الزراعية، فما زلنا حتى اليوم نزرع مساحة 5% فقط من الأرض، واقترحت ذات يوم أن نؤسس فى الجيش سلاحا تحت عنوان فرق الأمن الغذائى مثلا، تتولى مهمة استصلاح الأرض وزراعتها ثم تسويقها، ونجمع مع هذا الأمن الغذائى الأمن الاجتماعى بتجنيد خريجى كليات الحقوق بوزارة الداخلية كضباط، حتى يتم تغيير الرؤية الثقافية للوزارة بشكل تدريجى. وبتطبيق هذا كله؛ وبعد ثلاث أو أربع سنوات تقريبا يفيض خير مصر على الدول من حولها، لكن من العبث أن نملك المال والأرض والأيدى العاملة والماء، ثم بعد ذلك نأكل مما يزرعه غيرنا، ونستجدى القمح من الدول التى تجود علينا به. فمقومات الشهادة على الأمم موجودة لدينا لكننا لم نحسن استغلالها بعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.