تلقى ملف السياسة الخارجية اهتماما كبيرا، منذ بداية رئاسة الدكتور محمد مرسي لمصر، رغم وجود معضلات كبيرة في الداخل المصري، وهو ما ظهر في قيامه بجولات خارجية لأربع قارات زار خلالها أكثر من عشر دول، كما أوفد عنه عدة ممثلين، بالإضافة لتشجيع وزارة الخارجية المصرية على الاضطلاع بدور أكبر. وقد استهدفت زيارات الرئيس مرسي في مجملها إعادة وتقوية العلاقات مع دول العالم المختلفة، وإرسال رسائل طمئنة للخارج بوجود تحول ديمقراطي سلس عقب الثورة بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، علاوة على العمل على استرجاع دور مصر الريادي وذلك بعمل تحالفات جديدة تخلخل النظام العالمي الحالي غير المتوازن. تطمين دول الخليج عمل الرئيس مرسي على تشجيع ازدهار العلاقات بين مصر ومحيطاتها الأربع العربية والإفريقية والإسلامية والعالمية. وكانت بداية زيارات الرئيس مرسي للخارج هو لدولة عربية مؤثرة وهي المملكة العربية السعودية التي مثلها مثل كثير من دول الخليج العربي تتخذ موقفا متشككا من الحكومات الناتجة عن الربيع العربي. وقد شارك الرئيس مرسي في قمة منظمة التعاون الإسلامي الاستثنائية بمكةالمكرمة في أغسطس الماضي؛ وأدى الرئيس مناسك العمرة مع كل زيارة، مستهدفا إرسال رسائل طمأنة للنظام السعودي الحاكم، ودول الخليج بشكل عام، علاوة على طمأنة المصريين العاملين في تلك الدول، والذين أصاب الكثير منهم القلق بسبب بوادار عدم استقرار سياسي بين مصر وبعض دول الخليج عقب ثورة يناير. إعادة الدفء للروابط الإفريقية عقب وجود ركود كبير في العلاقات المصرية الإفريقية إبان النظام السابق، سارع الرئيس مرسي بالعمل على إعادة الدفء للعلاقات مصر بمحيطها الإفريقي. وكانت من أوائل زياراته الخارجية لأثيوبيا حيث شارك في قمة المؤتمر الإفريقي بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وهي زيارة لم تحدث منذ عام 1994 عقب محاولة اغتيال الرئيس المخلوع مبارك هناك. وتعمل الإدارة المصرية مع دول حوض النيل على الوصول لحلول مرضية فيما يخص عدم تأثر حصة مصر من مياه النيل وحق بعض تلك الدول في إقامة مشروعات على نهر النيل دون التأثير على حقوق الدول الأخرى. وظهر تفاعل الدكتور محمد مرسي مع أحداث القارة الإفريقية بموقفه الرافض للتدخل العسكري الفرنسي في مالي ودعمه لحل الصراع هناك على المستوى الإفريقي. كما شاركت مصر برئاسة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء المصري في قمة الساحل والصحراء هذا الأسبوع للتفاعل مع قضايا المنطقة البيئية وغيرها. روابط جديدة مع المحيط الإسلامي برز توجه الدكتور محمد مرسي نحو العمق الإسلامي بسبب أهميته الكبيرة والاستراتيجية لمصر، حيث تبلغ عدد الدول الإسلامية 57 دولة ذات أغلبية مسلمة، بالإضافة للعشرات من الدول ذات الأقليات المسلمة. كما تسلمت مصر رئاسة منظمة التعاون الإسلامي لمدة ثلاث سنوات؛ واستضافة مصر القمة الإسلامية الثانية عشر في القاهرة الشهر الماضي بحضور غير مسبوق في مثل تلك القمم، حيث حضر 26 رئيس وقائد لدول إسلامية، بالإضافة لممثلين عن باقي الدول. وقبلها شارك الرئيس مرسي في قمة مكة الاستثنائية في أغسطس الماضي؛ كما انتوى المشاركة في قمة الدول الثماني بباكستان، لكن نظرا للظروف الداخلية، أوفد بدلا منه نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكي. كما ظهرت بوادر حلحلة للمقاطعة المصرية مع طهران والتي تمتد ل34 عام عقب الثورة الإيرانية؛ حيث سافر الرئيس مرسي لساعات إلى إيران لتسليم رئاسة مؤتمر دول عدم الانحياز لإيران؛ علاوة على استقبال مصر لرئيس الإيراني أحمدي نجاد في القمة الإسلامية الأخيرة. وما سبق يظهر تعاملا دقيقا مع إيران، فلا هو قطيعة مطلقة ولا انفتاح مطلق. وكانت من أكثر الدول حظوظا من التواصل المصري تركيا والتي قام الرئيس مرسي بزيارتها لحضور مؤتمر لحزب العدالة والتنمية هناك؛ علاوة على استقبال رئيس وزرائها رجب طيب أروغان مع مئات من رجال الأعمال الأتراك في مصر؛ كما استقبل الرئيس مرسي الرئيس التركي عبدالله جول خلاق القمة الإسلامية الأخير في القاهرة، حيث قام الأخير بافتتاح المنطقة الصناعية التركية بتكلفة 2 مليار دولار. وجه عالمي جديد لمصر تقدمت مصر للعالم تحت قيادة الدكتور محمد مرسي بوجه جديد عبر عن اهداف الثورة المصرية التي تمثلت في الاستقلال والحرية والعدالة بالإضافة للريادة. فبعد غياب دام 23 عاما قام الرئيس المصري بتمثيل مصر أمام الأممالمتحدة وألقى كلمة بليغة أشار فيها إلى الثورة المصرية، وما استتبعها من تغير وضع مصر من التبعية إلى الاستقلال والكرامة التي نادت بها الثورة. وفي تلك الجلسة أوقف رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الجلسة، وقام بترك المنصة ونزل لتحية الرئيس محمد مرسي بعد أن ألقى كلمته، قائلاً "أرجو من ممثلي الدول البقاء في مقاعدهم حتى نحيي فخامة الرئيس محمد مرسي" كأول رئيس مدني منتخب لمصر. كما شارك الرئيس في قمة عدم الانحياز بطهران، كنوع من توثيق العلاقة مع دائرة الدول التي تحررت من الاستعمار قديما، والتي تشكل كتلة تصويتية مؤثرة في الأممالمتحدة. وعمل الرئيس مرسي على إنشاء مراكز قوى جديدة تؤثر على القضايا العالمية، وأبرز مثال على ذلك مبادرته لتكوين رباعية من مصر وتركيا والسعودية وإيران وذلك لحل المشكلة السورية بعيدا عن التدخلات الخارجية المتمثلة في القوى الكبرى مثل الولاياتالمتحدة وروسيا والصين. ومع توجه الرئيس مرسي للخارج للقوى الكبرى بدأ بزيارة للصين، قبل أن يزور واشنطن، وهي رسالة مفادها أن مصر لن تكون تابعا لأحد، حيث الفيصل سيكون هو المنفعة المشتركة، وهو ما استجابت له واشنطن بخطب الود المصري عن طريق إرسال وفد من كبار رجال الأعمال لبحث فرص الاستثمار في مصر. علاوة على ما سبق قام الرئيس مرسي بزيارة لبعض دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا وإيطاليا، لحثها على الاستثمار في مصر. القضية الفلسطينية ظهر الوزن النسبي الجديد لمصر بلجوء الولاياتالمتحدةالأمريكية للرئيس محمد مرسي كي يتدخل كوسيط لوقف الحرب الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل" عقب هجوم الأخيرة العدواني على القطاع، وما تسببه ذلك من خسائر نسبية غير متوقعة للكيان الصهيوني؛ وعليه تدخل الرئيس مرسي لوقف القتال، وأشرفت مصر على الهدنة، وهو ما لاقى استحسانا دوليا كبيرا. وقد كلف الرئيس مرسي رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل بالتوجه إلى قطاع غزة تحت القصف الصهيوني على رأس وفد رفيع المستوى، وسحب السفير المصري من الكيان الصهيوني، مطالبًا الكيان بالوقف الفوري لكل أشكال العنف على الأشقاء في غزة، وخاطب الأمين العام لجامعة الدول العربية بعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث العدوان. أرقام تم استيراد غواصتين من ألمانيا وهو ما جعل حكومة الكيان الصهيوني تعترض لدى نظيرتها الألمانية على الصفقة. وقدمت فرنسا لمصر منحة لا ترد بقيمة 300 مليون يورو للمساعدة في إنشاء الخط الجديد لمترو الأنفاق. كما وقعت مصر مع إيطاليا اتفاقيات بمليار يورو لتنفيذ مشروعات بالإضافة إلى دعم ومساندة الموازنة العامة المصرية. وبلغت الاستثمارات السعودية 2 مليار دولار حتى الآن، وأودعت قطر 2 مليار دولار في البنك المركزي المصري كخطوة لانعاش الاقتصاد المصري من جديد، وتم توقيع اتفاقيات على مشروعات قطرية في مصر ب 18 مليار دولار ليتم تنفيذها في بورسعيد وساحل البحر المتوسط تتضمن مشروعات سياحية وفي مجال بناء السفن. ودعمت تركيا مصر ب 2 مليار دولار كوديعة لدى البنك المركزي وأعلنت دعمها الكامل لمصر ونيتها لبناء علاقات إستراتيجية على أعلى مستوى، وأعلنت مصر والسودان عن افتتاح الطريق الدولي بينهما خلال أيام معدودة، لتسهيل عملية التجارة والانتقال بين البلدين. ويأتي ذلك بعد افتتاح فرع للبنك الأهلي المصري بالخرطوم وكذلك الاتفاق علي إقامة مدينتين صناعيتين في السودان باستثمارات مشتركة وزراعة مليون فدان لصالح مصر. كما أسفرت زيارة الرئيس مرسي للصين عن توقيع 8 اتفاقيات باستثمارات بلغت 5 مليارات جنيه. واستطاعت مصر الوصول لاتفاق مع شركة سامسونج العالمية بإنشاء أول مصنع في الشرق الأوسط لصناعة الإلكترونيات بإجمالي استثمارات 9 مليارات جنيه بمحافظة بني سويف. شهادات ظهرت نتائج حركة الرئيس مرسي في نتائج استطلاعات وسائل اعلام دولية كبرى، حيث كشف استطلاع للرأي أجراه موقع (سي ان ان) في نسخته العربية أن غالبية متابعي الموقع يعتبرون الرئيس مرسي شخصية عام 2012، متفوقًا على شخصيات أخرى عربية وعالمية. كما احتل الرئيس مرسي المرتبة الرابعة في استطلاع الرأي الذي أجرته مجلة "تايم" الأمريكية ضمن أهم الشخصيات المؤثرة في العالم.