فكرة فريدة من نوعها، شباب تتراوح أعمارهم بين ال20 و30 عاما حلموا بتطبيق مشروع نهضوى رائد فى بلادهم، بحثوا فى كتب التاريخ فوجدوا ضالتهم فى "الأندلس" التى سقطت فى خضم مجدها، فقرروا إحياء تاريخ ودوافع تلك الحضارة وأنشئوا فريق "أندلسية" للإنشاد الدينى لخدمة ذلك الهدف. واجهتهم عقبات فى التمويل وتسويق الفكرة، لكنهم ثابروا من أجل رفعة بلدهم مصر، لتنطلق نحو قطار الريادة العربية والإسلامية.. "الحرية والعدالة" التقت محمد كمال -منسق الفريق- ليحدثنا عن فكرتهم وكيف واجهوا الصعاب حتى نجحوا وما أمنياتهم لمصر خلال الفترة المقبلة.. فإلى تفاصيل الحوار.. * حدثنا عن نشأة الفريق؟ ** نحن مجموعة من الشباب جمعنا الاهتمام بالتاريخ الأندلسى، وكانت تربية غالبيتنا منذ الصغر قائمة على الاهتمام بذلك، سواء فى شكل معرفى عن طريق القراءة والسماع، أو غيرها. تدرجنا فى الاهتمام بالقضية من القراءة إلى تغيير صورة البروفايل الشخصى –فى محاولة للتسويق لفكرة إحياء التاريخ الأندلسى إلكترونيا– ثم فكرنا فى تطوير الفكرة، وبالفعل تم الاستقرار على إنشاء الفريق. * ما الركائز التى استندتم إليها فى إنشاء الفريق؟ ** ركيزتنا ورؤيتنا فى العمل كان على استلهام الفكر الحضارى النهضوى للتجربة الأندلسية وإسقاطها على الدول العربية للاستفادة منها فى ظل الربيع العربى لأننا فى أشد الاحتياج لذلك الآن. * وهل كان لكم أهداف محددة فى ذلك؟ ** لدينا 3 أهداف رئيسية من إنشاء الفريق أولها: ربط الأندلس بالأمة وإظهار الصورة المضيئة للنهضة الإسلامية، خاصة أن الحضارة الأندلسية ليست معرفة سطحية أو مجرد خط فى برنامج الword، ولكن الأندلس كانت نموذجا متكاملا. والهدف الثانى: توضيح ودراسة كيف قامت الأندلس، والثالث: دراسة البيئة التى صاحبت السقوط، وحالة التردى بعد 3 قرون من الحضارة والازدهار. * عودة للفريق.. هل لكم توجه فكرى مُعين، وكم عدد الأعضاء المشاركين حتى الآن؟ نحمل خلفيات مختلفة، ولكن جمعنا النشاط والعمل المجتمعى، وتلاقينا خلال جلساتنا الشبابية وأبدينا اهتماما مشتركا، بدأنا ب6 أفراد، وحاليا عددنا 60 شخصا، وتلقينا 200 طلب للانضمام للفريق حتى الآن. * ما أبرز الأشياء التى جذبت انتباهكم فى التاريخ الأندلسى؟ ** لفت انتباهنا "العزة" سواء فى العلم أو الحرب أو المُلك، فرغم أن الأندلس مرت بمراحل تنازع داخلى، إلا أنها كانت يدا واحدة فى علاقاتها الخارجية وهو ما نحن أحوج إليه الآن. * وبم تحلمون لفريق أندلسية؟ ** نحلم بالتنظيم للمشروع بشكل جيد ومؤسسى، فنحن تواصلنا مع مؤسسات أندلسية كبرى فى غرناطة للاستفادة من خبراتهم، ونريد أن يتحول فريق أندلسية لمؤسسة قوية تحمل فروعا فى بلدان الربيع العربى الناهضة لإصقال تجارب نهضتها بما تحمله التجربة الأندلسية من قيم وحضارة وعلوم ومعرفة. * البعض يرى فى تمسككم بإحياء التجربة الأندلسية هروبا من الواقع المصرى الحالى.. كيف ترون ذلك؟ ** الأمر غير صحيح بالمرة، لم ننصرف عن مشاكل وأزمات مجتمعنا، ولم نهرب بالرجوع إلى الماضى، ولم نبك على الأطلال، ولكن ما دعونا له هو محاولة إحياء التجربة الأندلسية واستلهام نهضتها هو شعورنا بأن ذلك سوف يعود بالنفع على مصر فى الوقت الحالى وفى المستقبل. * ما الفعاليات التى قدمها فريق أندلسية لخدمة أهدافه؟ ** بالفعل نظم الفريق مهرجانا للمهتمين بالحضارة والتاريخ الأندلسى تحت عنوان: "الأندلس قصة حضارة.. تاريخ يُقرأ ومستقبل يُبنى" بحضور كوكبة من المؤرخين والفنانين بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، وشارك فيه المؤرخ الإسلامى الدكتور على الصلابي، والمُفكّر والداعية الإسلامى فاضل سليمان، والعالِمة الأندلسيّة والأستاذة المُحاضرة بجامعة غرناطة بإسبانيا الدكتورة أديبة روميرو، وأحيى الفقرات الفنية للمهرجان المنشدين عماد رامى وأحمد بو شهاب. وكانت من أهداف المهرجان دراسة تاريخ الأندلس واستقراء أهم المحطات التاريخية فيه، حيث تناول فقراته البيئة المصاحبة للنهضة الأندلسية والمكونات التى أنتجت وأبرزت تلك النهضة، مع تحليل أسباب سقوط تلك الحضارة، وإسقاط ذلك على أرض الواقع. وناقش المهرجان 3 محاور: المحور التثقيفى وقدمه الدكتور على الصلابى والذى قام على سرد لتاريخ الأندلس والوقوف على أهم محطاته التاريخية، كما قامت الدكتورة أديبة روميرو بتحليل مكونات النهضة الأندلسية ومفرداتها، وأسباب سقوطها بعد ذلك، بالإضافة إلى تجربتها الشخصية باعتبارها من سلالة المسلمين المورسكيين فى الأندلس ما بعد السقوط. وتناول فاضل سليمان كيفية الاستفادة من النموذج الحضارى الأندلسى فى نهضة الأمة، عن طريق عرض أهم المخترعات والمكتشفات فى تلك الحضارة، وتأثير ذلك على البشرية. أما المحور الفنى فشمل الأناشيد الأندلسية للمنشدين رامى وأبو شهاب، بجانب عرضا مسرحيا أندلسيا والتقديم الشعرى بأشعار الأندلس. وحرصنا على صبغة المهرجان بالصبغة الأندلسية بشكل كامل عن طريق محور المعايشة، ابتداء من ملابس المنظمين الأندلسية ومعرض بيع الملابس الأندلسية، ومرورا بمجسمات لأهم الرموز الأندلسية والتعريف بها، وانتهاءً بالمأكولات الأندلسية فى فترة الاستراحة. * وماذا عن تمويل الفريق؟ ** الفريق لم يحتج للتمويل حتى الآن؛ فالقراءة والاطلاع لا يتكلفان مبالغ مالية، أما المهرجان فقد استعان كل منا بدائرة معارفه وأصدقائه وأقاربه على أن يتم السداد من ثمن بيع التذاكر، ولدينا للمهرجان رُعاة تسويقيون وثقافيون ولكنهم ليسوا رعاة ماديين، فلا توجد أية مؤسسة أو شخص يتبنى ذلك حتى الآن، ونُسير أعمالنا بالجهود الذاتية. * وما العقبات الأخرى التى واجهتكم بخلاف التمويل؟ ** واجهنا عقبات متعددة، منها نشر الفكرة بين أصدقائنا وتسويقها بشكل يقبله ويستوعبه المجتمع. كما أن محاولات هدمنا كانت أكثر ما يؤلمنا، وأذكر فى هذا الشأن مقالا للكاتب بلال فضل قال فيه: إن ما نقوم به من العبث لأنه ظن أن اهتمامنا بالتجربة الأندلسية يصرفنا عن الواقع المصرى، ونؤكد له أنه جانبه الصواب فى كثير مما ورد فى مقاله؛ لأن اهتمامنا بالشأن المصرى هو ما دفعنا لاستلهام التجربة الأندلسية الحضارية المزدهرة؛ خاصة أن التجربتين المصرية والأندلسية متشابهتين ومصر مؤهلة لإعادة إحياء تلك التجربة وتصديرها لدول الربيع التى بدأت مشوار نهضتها. كما أن الشعب المصرى بطبعه مُتدين ومرتبط بتاريخه العربى والإسلامى، كما أن العالم يتطلع لنهضة إسلامية منبعها مصر. * وهل من رسالة أو مطالب مُعينة تودون طرحها على الجهات المختلفة؟ ** نناشد كافة الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها حزب "الحرية والعدالة" الاهتمام بدراسة التجربة، خاصة أن تلك الأحزاب يُعول عليها كثيرا فى ريادة البلاد، لذا فأطالبهم بالاستقاء من كافة الموارد والمنابع، ومن واقع قراءتنا للتاريخ الأندلسى نؤكد لتلك الأحزاب أن تلك التجربة تحمل ما يمكن الاستفادة منه.