لا تظن أن كل الناس يميزون بين القبح والجمال فيتألمون للأول ويستحسنون الثانى، واعلم أن الجمال أوسع من أن نحصره فى حسن المظهر الذى تلحظه العين.. فالعدل جمال والعمل وإتقانه وحسن الخلق جمال. ومن بين القليلين الذين يميزون الجمال من القبح، أقل يملك الأمل والحلم ليعبر من القبح إلى الجمال، ومن بين هؤ?ء الحالمين أقل القليل يملكون جسارة الدعوة لتحقيق حلمهم ويحسنون التعبير والتبشير به حتى يتجاوز كونه حلما لهم، ويتلبس الأمل والحلم عقول من يأسرونهم ليس بقوتهم المادية، بل بقدر ما يراهم ا?خرون يحيون بحلمهم، ويعيشون له، فيحيلون كل من حولهم إلى حالين بذات الحلم ومعاونين لهم فى تحقيقه. ولكن من هؤلاء مَن لا يملك القدرة حتى وإن امتلك الحلم والإرادة لتغيير الواقع، فمنهم مَن لا يسعى إلى بناء قدرته على إنفاذ إرادته، فتفتر بالزمن إلى أن يركن لواقعه فيتعايش معه مستسلما لما فيه من قبح. أما الرائعون فهم أولئك الذين يسعون إلى بناء قدرتهم على إنفاذ إرادتهم، وبعد أن يمتلكوا تلك القدرة يعملون واضعين حلمهم بالجمال بمعناه الواسع أمام أعينهم، فيستروحون بهذا الحلم على واقع أليم، فلا ينحرفون عن الطريق لتحقيق الحلم، ويصبرون ويثابرون وإن طال الطريق حتى يبلغوا ما يريدون، ويحققوا الحلم الذى كانوا إليه يطمحون وعندها.. عندها فقط يبدءون فى حلم جديد لمجد جديد وجمال جديد، هؤلاء هم أصحاب الأنفس التواقة.. إما أن تكون منهم أو تكون من هؤلاء الأصفار الذين لا يضيفون لواقعهم حلما، ولا يزينون قبح واقعهم بجمال نفوسهم، أو من محدودى الخيال الذين يفتقدون الأمل والحلم أو من الضعاف، الذين يحلمون ولا يسعون إلى امتلاك القدرة على إنفاذ إرادتهم، أو لضعيفى الهمة الذين تعيقهم العقبات أو تحرفهم التباس الرؤى لتحقيق حلمهم. كن من الحالمين الذين يستشعرون القبح فى واقعهم، ويحلمون ويأملون فى تغييره، ويملكون لذلك الإرادة، ويبنون القدرة لإنفاذ تلك الإرادة، ثم يعملون لتحقيق الجمال فى واقعهم بصبر على طول الطريق وبوضوح رؤية الغاية والهدف، التى تعصم من الانحراف لغايات أو أهداف أخرى. كن من الحالمين بوضوح رؤية الغاية.