وزير الزراعة: دعم محصول القمح وصل إلى 5 مليارات جنيه في الموسم الجاري    «تحالف الأحزاب»: الرئيس السيسي أكبر داعم حقيقي للقضية الفلسطينية في الشرق الأوسط    لميس الحديدي: مصر ستظل شريكا في القضية الفلسطينية وليست وسيطا    أحمد موسى: فوز الأهلي مكسب ل100 مليون مصري.. والتنظيم على أعلى مستوى    عمرو أديب عن تتويج الأهلي بدوري أبطال إفريقيا: المكسب الحلال أهو    نجوم الفن يهنئون الأهلي بالفوز على الترجي وتحقيق لقب دوري أبطال أفريقيا    الباز: الرئيس السيسي حريص على وصول المعلومات للناس منذ اللحظة الأولى    مراسل القاهرة الإخبارية: الطائرات الحربية تقصف مدينة رفح الفلسطينية    أستاذ علوم سياسية: رغم الارتباك والتخبط إسرائيل تتأرجح بين خيارين    بدون وسطاء أو سماسرة.. تفاصيل وخطوات التقديم في فرص العمل باليونان وقبرص    العاصمة الإدارية: تغطية 19% من احتياج الحي الحكومي بالطاقة الشمسية    ولا فيه غيره يفرحنى.. مقاهى القليوبية تمتلئ بمشجعى الأهلى فى نهائى أفريقيا    يوفنتوس يفوز على مونزا بثنائية في الدوري الإيطالي    خلال أيام.. موعد ورابط نتيجة الصف الثاني الإعدادي الفصل الدراسي الثاني    رئيس «إسكان النواب»: حادث معدية أبوغالب نتيجة «إهمال جسيم» وتحتاج عقاب صارم    محمود بسيوني: الرئيس يتعامل مع المواطن المصري بأنه شريك فى إدارة البلاد    انطلاق الامتحانات النظرية بجامعة قناة السويس داخل 12 كلية ومعهد اليوم    مصدر مطلع: عرض صفقة التبادل الجديد المقدم من رئيس الموساد يتضمن حلولا ممكنة    سلوى عثمان تنهمر في البكاء: لحظة بشعة إنك تشوفي باباكي وهو بيموت    شيماء سيف تكشف:" بحب الرقص الشرقي بس مش برقص قدام حد"    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    خلال زيارته لجنوب سيناء.. وفد «صحة النواب» يتفقد أول مستشفى خضراء صديقة للبيئة.. ويوصي بزيادة سيارات الإسعاف في وحدة طب أسرة وادى مندر    أب يذب ح ابنته ويتخلص من جثتها على شريط قطار الفيوم    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    لعنة المساخيط.. مصرع شخصين خلال التنقيب عن الآثار بقنا    مصلحة الضرائب: نعمل على تدشين منصة لتقديم كافة الخدمات للمواطنين    بعد استخدام الشاباك صورته| شبانة: "مطلعش أقوى جهاز أمني.. طلع جهاز العروسين"    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    وائل جمعة مدافعا عن تصريحات الشناوي: طوال 15 سنة يتعرضون للأذى دون تدخل    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    عاجل.. تشكيل يوفنتوس الرسمي أمام مونزا في الدوري الإيطالي    المدن الجامعية بجامعة أسيوط تقدم الدعم النفسي للطلاب خلال الامتحانات    شريف مختار يقدم نصائح للوقاية من أمراض القلب في الصيف    نائب رئيس جامعة عين شمس تستقبل وفداً من جامعة قوانغدونغ للدراسات الأجنبية في الصين    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    «فوبيا» فى شوارع القاهرة    5 أبراج محظوظة ب«الحب» خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    واين روني مديرا فنيا لفريق بليموث أرجايل الإنجليزي    تفاصيل مالية مثيرة.. وموعد الإعلان الرسمي عن تولي كومباني تدريب بايرن ميونخ    بروتوكول تعاون بين جامعتيّ بنها والسادات في البحث العلمي    ضبط تشكيل عصابي تخصص في الاتجار بالمواد المخدرة فى المنوفية    عقيلة صالح: جولة مشاورات جديدة قريبا بالجامعة العربية بين رؤساء المجالس الثلاثة فى ليبيا    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    «أشد من كورونا».. «البيطريين» تُحذر من مرض مشترك بين الإنسان والحيوان    مهرجان الكى بوب يختتم أسبوع الثقافة الكورية بالأوبرا.. والسفير يعلن عن أسبوع آخر    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    كيف تعالج الهبوط والدوخة في الحر؟.. نصائح آمنة وفعالة    مفاجآت جديدة في قضية «سفاح التجمع الخامس»: جثث الضحايا ال3 «مخنوقات» وآثار تعذيب    ضبط 14 طن أقطان داخل محلجين في القليوبية قبل ترويجها بالأسواق    "كاف" عن نهائى أفريقيا بين الأهلى والترجى: "مباراة الذهب"    وزارة التجارة: لا صحة لوقف الإفراج عن السيارات الواردة للاستعمال الشخصي    مساعد نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد محطات الصرف الصحي والصناعي بالعاشر    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    مباحثات عسكرية مرتقبة بين الولايات المتحدة والصين على وقع أزمة تايوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمام حسن البنا.. الرجل القرآني

يوافق، اليوم الثلاثاء 12 فبراير، ذكرى استشهاد الإمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين والمرشد الأول للجماعة في مصر.
ولد البنا في الرابع عشر من أكتوبر عام 1906م، بالمحمودية بمحافظة البحيرة، ووالده هو الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا من العلماء العاملين، وكان لحسن البنا أربعة أشقاء ذكور؛ منهم الشيخ عبد الرحمن البنا من الرعيل الأول للإخوان وكان عضوا بمكتب الإرشاد، والأستاذ جمال البنا.
ومن عجائب التاريخ أن يصادف يوم استشهاده أول يوم تستنشق فيه مصر نسائم الحرية بعدما سقط نظام مبارك الدكتاتوري في 11 فبراير من عام 2011م.
وبالنسبة لحياته الدراسية، فقد التحق البنا بمدرسة المعلمين وبعد إتمام الدراسة بها انتقل إلى القاهرة، وانتسب إلى مدرسة دار العلوم العليا، وتخرج منها عام 1346ه (1927)، وكان ترتيبه الأول وبعد نجاحه بشهور عُين مدرسا بمدينة الإسماعيلية.
تكوينه الديني
أخذ حسن البنا في بداية حياته التصوف عن الشيخ عبد الوهاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية في عام 1923، حيث كان للشيخ الحصافي أثر كبير في تكوين شخصية البنا، وكان اهتمام البنا بالعمل الإسلامي في سن مبكرة، حيث اشتغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، وكان محبوبا بين زملائه في المدرسة فأنشأ معهم "جمعية الأخلاق الدينية" ووقع اختيار زملائه عليه ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية، وكان وقتها طالبا بمدرسة الرشاد الإعدادية، وبعدها كون هو ومجموعة من زملائه جمعية أخرى خارج أسوار المدرسة أطلقوا عليها "جمعية منع المحرمات"، ثم تطورت الفكرة في رأسه بعد أن التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور، فألف "الجمعية الحصافية الخيرية" التي زاولت عملها في حقلين مهمين هما:
الأول: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة.
الثاني: مقاومة الإرساليات التبشيرية التي اتخذت من مصر موطنًا، تبشر بالمسيحية في ظل التطبيب، وتعليم التطريز، وإيواء الطلبة.
وعندما انتقل للقاهرة اشترك في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، وكانت الجمعية الوحيدة الموجودة بالقاهرة في ذلك الوقت، وكان يواظب على سماع محاضراتها، كما كان يتتبع المواعظ الدينية التي كان يلقيها في المساجد حينذاك نخبة من العلماء العاملين، وكان قد شارك في ثورة 1919 وهو في الثانية عشرة من عمره.
ومن الأساتذة الذين أخذ عنهم البنا في بداية حياته وكان على علاقة طيبة بهم: والده الشيخ أحمد البنا والشيخ محمد زهران والشيخ أبوشوشه والشيخ عبد الوهاب الحصافي والشيخ موسى أبوقمر والشيخ أحمد بدير الشيخ محمد عبد المطلب وغيرهم.
تأسيس جماعة الإخوان
وكانت فكرة الإخوان قد تبلورت في رأسه أول ماتبلورت وهو طالب بدار العلوم، فقد كتب موضوعًا إنشائيًا كان عنوانه "ماهي آمالك في الحياة بعد أن تتخرج"، فقال فيه: إن أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أمل خاص،ووهو إسعاد أسرتي وقرابتي مااستطعت إلى ذلك سبيلاً.
وأمل عام: هو أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء، وأقضي ليلي في تعليم الآباء أهداف دينهم، ومنابع سعادتهم تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة.
وبدأ بنشر الدعوة الإسلامية في تجمعات الناس في المقاهي، وقد امتاز بحسن عرضه وقدرته على الإقناع.
وفي شوال 1346ه مارس 1928م، تعاهد مع ستة نفر من إخوانه في الإسماعيلية على تكوين أول نواة لجماعة الإخوان المسلمين وهم؛ حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، وزكي المغربي.
وفي عام 1351ه– 1932م، نُقل إلى القاهرة، وكان لذلك أثر كبير على الدعوة، حيث أخذت طوراً جديداً، وأسس المركز العام بالقاهرة.
تحركه بالدعوة
استفاد الإمام حسن البنا من الذين سبقوه في العمل الدعوي والمقاومة في سبيلها، وجمع الله في شخصه مواهب تفرقت في أناس كثيرين، كان نديمًا لتلاوة القرآن الكريم يتلوه بصوت رخيم، وكان يحسن تفسيره ، وكان له مقدرة على فهم أصعب المعاني ثم عرضها على الجماهير بأسلوب سهل قريب، وقد درس السنة المطهرة على والده الذي أعاد ترتيب مسند أحمد بن حنبل، كما درس الفقه المذهبي باقتضاب فأفاده ذلك بصرًا سديدًا بمنهج السلف والخلف.
ووقف البنا على منهج محمد عبده وتلميذه صاحب المنار الشيخ محمد رشيد رضا، ووقع بينه وبين الأخير حوار مهذب، ومع إعجابه بالقدرة العلمية للشيخ رشيد وإفادته منها فقد أبى التورط فيما تورط فيه، ولعله كان أقدر الناس على رفع المستوى الفكري للجماهير مع محاذرة لبقة من أسباب الخلاف ومظاهر الغضب، وقد أحاط الأستاذ البنا بالتاريخ الإسلامي، وتتبع عوامل المد والجزر في مراحله المختلفة، وتعمق تعمقًا شديدًا في حاضر العالم الإسلامي، ومؤامرات الاحتلال الأجنبي ضده.
وأخذ الإمام البنا ينتقل في مدن مصر وقراها فقد دخل تقريبا ثلاثة آلاف من القرى الأربعة آلاف التي تكون القطر كله.. وخلال عشرين عامًا تقريبًا صنع الجماعة التي صدعت الاستعمار الثقافي والعسكري، ونفخت روح الحياة في الجسد الهامد ثم تحركت أمريكا وانجلترا وفرنسا وأرسلت سفراءها إلى حكومة الملك فاروق مطالبين حل جماعة الإخوان المسلمين.
وبدأ البنا يربي الجيل الجديد للإسلام على الأساس الذي وضعه للنهوض به، إنه يريد تكوين دولة إسلامية، وإقامة حكم شرعي رشيد، فسلك إلى هذه الغاية الطريق الوحيد الذي ينتهي بها وإن طال المدى، وتراخت الأيام، وكثرت التكاليف... طريق التربية الإسلامية.
وكان الساسة في ميدانهم قد هجروا القرآن، فما تدور على ألسنتهم آياته، وما تعرف في أعمالهم توجيهاته، فإذا بهم يسمعون في ميدان السياسة واعظًا يقرأ القرآن ويستهدي بمنار السنة، وكان الطيبون من أهل الخير قد نسوا في العزلة التي رمتهم الحضارة الغربية فيها، أن للإسلام شريعةً تحكم، ودولةً تسود.. فإذا بهم يسمعون في الصوامع والمساجد رجلاً يحدثهم عن سياسة الدنيا باسم الله و يسوق حشدًا من النصوص الحاسمة تدفع الصالحين إلى إصلاح ما فسد حولهم من شئون الأمة ومراسيم الدولة.
وحرص الإمام البنا أن تكون دعوته غير إقليمية في حدود مصر، ولذلك فإنها امتدت إلى الكثير من أقطار العالم العربي والإسلامي.
القائد المربي الرباني
كان حسن البنا- حيث حل- يترك وراءه أثرًا صالحًا، وما لقيه امرؤ في نفسه استعداد لقبول الخير إلا وأفاد منه، ما يزيده صلة بربه، وفقهًا في دينه، وشعورًا يتبعه نحو الإسلام والمسلمين .
وكانت كل مواقف الإمام البنا تدلُّ على توكله على الله، ومن هذه المواقف حين رغب الإخوان في شراء قصر آل (أبو الحسن) وهو المبنى الضخم المقابل لدار المركز العام للإخوان المسلمين في ميدان الحلمية الجديدة، ولم يكن في خزانة الجماعة غير مائتي جنيه فقط، بينما المبلغ المطلوب أربعة عشر ألفًا من الجنيهات، وأصحاب القصر يطلبون مبلغ خمسمائة جنيه عربونًا على أن يتم سداد المبلغ خلال شهر، وهنا يهتف الإمام قائلاً: "شيء عظيم اشترينا القصر إن شاء الله، وهو يعلم أن الخزانة ليس بها إلا مائتا جنيه، لكنه متوكلٌ على الله ويُوقن بأن الله سيجعل له من أمره يسرًا، ما دام أن القصد إرضاء الله تعالى، والهدف إعلاء كلمة الله، ويطلب الإمام البنا من أمين الصندوق الحاج أحمد عطية تدبير ثلاثمائة جنيه؟ ويقول له: أنت رجل مبروك وفي وجهك الخير فيقول له الرجل: ومن أين لنا باقي المبلغ؟ فيرد عليه: "توكل على الله"
ويعلن الخبر للإخوان ويساهمون جميعًا ابتغاء مرضاة الله، وفي أقل من شهر تم جمع المبلغ وأكثر بفضل التوكل على الله تعالى.
وبعدما اعتقل الإمام البنا بعد مقتل أحمد ماهر ازداد يقينًا في نصر الدعوة، وكتب إلى إخوانه من خلف القضبان في 16/3/ 1363ه يقول: إن ما نلقاه الآن ليس جديدًا علينا ولا من المفاجآت في طريق دعوتنا، فكذلك كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم من الأنبياء والصديقين والشهداء، "وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" 139(آل عمران)، وقد حقق لنا القوم بهذا ما كنا نتمثل به من قبل "إن سجني خلوة، وقتلي شهادة، وتغريبي سياحة"، وقد نقلونا بهذه المحنة نقلة واسعة إلى الأمام والحمد لله، ووقفوا بنا على طريق معبد من طريق الدعوة، وهذا أول الخير وأنا به جد متفائل، وأعتقد أن وراء ذلك الفتح العظيم إن شاء الله.
ينتقلُ من عمله في القاهرة إلى قنا، عقوبة له على نشاطه في الدعوة إلى الله، وغضب أعضاء مكتب الإرشاد، وغضب الأخوان في كل مكان، ولكنه طمأنهم وأكد لهم أن الخيرة فيما أختاره الله، وبادر إلى تنفيذ النقل على عجل، أذهل رؤساءه الذين ظنوا سيحتج وسيتعطف ويتظلم، وشد الرحالة وكأنه كان معه على ميعاد، وما أن أستقربه المقام في قنا، حتى شمر عن سعادة في نشر الدعوة، وأقبل الناس عليها إقبالا أقلق سكينة من ظنوا أنهم عاقبوه بهذا النقل، فعدلوا عن قرارهم الخاطئ.. والذين أصدروا المر بنقله من القاهرة، هم الذين اصدروا الأمر بعودته إليها دون أن يطلب أو يسترحم.
البنا والقضية الفلسطينية
في شهر رجب 1358ه الموافق أغسطس 1939م كان الإخوان المسلمون على أهبَّة الاستعداد لنصرة فلسطين المجاهدة، وجعلوا من يوم 27 رجب يوم فلسطين ومن ذكرى الإسراء والمعراج منطلقًا لبدء حملة كبيرة من الحركة والجهاد لنصرة فلسطين.
وفي هذه الأثناء كان الإمام الشهيد حسن البنا يقوم بجولته ورحلته الصيفية الطويلة والمعتادة في مدن وقرى الصعيد، ومن هناك بعث إلى الإخوان يُذكِّرهم بهذه القضية الخطيرة، ويحملهم التبعة والمسؤولية، ويحفِّزهم للحركة والجهاد والتضحية، وكان الإخوان كعهدهم دائمًا عند حسن الظن بهم.
وهذا نص كلمته التي كتبها تحت عنوان "في 27 رجب.. إلى الإخوان المسلمين"
"أيها الإخوان..
بين هذه التنقلات الدائمة في مدن الصعيد المبارك وقراه أذكِّركم من كل قلبي بيوم فلسطين يوم 27 رجب،
فلسطين الباسلة المجاهدة الشهيدة، تدعوكم بلسان المسجد الأقصى المبارك، وبلسان الشهداء من أبنائها المجاهدين، وبلسان أراملها الطاهرات وأطفالها الأبرياء، الذين جنت عليهم القوة الغاشمة والجبروت الظالم فأصبحوا ولا عائلَ لهم ولا سند، وبلسان هذا العدوان الصارخ من الصهيونيِّين شذَّاذ الآفاق وحثالة الشعوب، وبلسان الأخوَّة الإسلامية التي تجعل من المسلمين جسمًا واحدًا، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
فلسطين الباسلة المجاهدة الشهيدة تدعوكم لتُثبتوا وجودكم، ولتُظهروا غضبكم، ولتقدموا مساعداتكم حتى يعلم الغاصبون الطامعون أنَّ المسلم لن ينسى أخاه، ولن يقصر في واجبه.
ابعثوا بالاحتجاجات الكتابية، وألِّفوا اللجان، اجمعوا الإعانات، تنازلوا عن النعيم والترف يومًا واحدًا في سبيل فلسطين، وابعثوا بما تقتصدونه وتجمعونه من الأهالي إلى اللجنة المركزية لمساعدة فلسطين بدار الإخوان المسلمين؛ لتبعث بالأموال المجموعة إلى الأرامل والأيتام من أبناء المجاهدين.
وإن اللجنة لتنتظر منكم بيانًا وافيًا بأسماء أعضاء لجان فلسطين الفرعية، وبالوسائل العملية الإيجابية التي ستساعدون بها إخوانكم المجاهدين في يوم الإسراء المبارك، احذروا أن تقصروا فتندموا أشدَّ الندم، وتُسألون عن ذلك في الآخرة، وفَّق الله المسلمين لخيرهم وتحرير أوطانهم واستعادة مجدهم".
استشهاد الإمام المؤسس
أعلن النقراشي باشا (رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت) في مساء الأربعاء8 ديسمبر 1948 قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين، ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها، وفى اليوم التالي بدأت حملة الاعتقالات والمصادرات. ولما همّ الأستاذ حسن البنا أن يركب سيارة وُضع فيها بعض المعتقلين اعترضه رجال الشرطة قائلين: لدينا أمر بعدم القبض على الشيخ البنا.
ثم صادَرت الحكومةُ سيارته الخاصّة، واعتقلت سائقه، وسحب سلاحه المُرخص به، وقبضت على شقيقيه الذين كانا يرافقانه في تحركاته، وقد كتب إلى المسؤولين يطلب إعادة سلاحه إليه، ويُطالب بحارس مسلح يدفع هو راتبه، وإذا لم يستجيبوا فإنه يُحَمّلهم مسئولية أيّ عدوان عليه.
في الساعة الثامنة من مساء السبت 12 من فبراير 1949م كان الأستاذ البنا يخرج من باب جمعية الشبان المسلمين ويرافقه رئيس الجمعية لوداعه ودقّ جرس الهاتف داخل الجمعية، فعاد رئيسها ليجيب الهاتف، فسمع إطلاق الرصاص، فخرج ليرى صديقه الأستاذ البنا وقد أصيب بطلقات تحت إبطه وهو يعدو خلف السيارة التي ركبها القاتل، ويأخذ رقمها وهو رقم "9979" والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرالاي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية كما هو ثابت في مفكرة النيابة العمومية عام 1952.
لم تكن الإصابة خطرة، بل بقي البنا بعدها متماسك القوى كامل الوعي، وقد أبلغ كل من شهدوا الحادث رقم السيارة، ثم نقل إلى مستشفى القصر العيني فخلع ملابسه بنفسه. لفظ البنا أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل، أي بعد أربع ساعات ونصف من محاولة الاغتيال بسبب فقده للكثير من الدماء بعد أن منعت الحكومة دخول الأطباء أو معالجتهم للبنا مما أدى إلى وفاته، ولم يعلم والده وأهله بالحادث إلا بعد ساعتين أخرىين، وأرادت الحكومة أن تظل الجثة في المستشفى حتى تخرج إلى الدفن مباشرة، ولكن ثورة والده جعلتها تتنازل فتسمح بحمل الجثة إلى البيت، مشترطة أن يتم الدفن في الساعة التاسعة صباحاً، وألا يقام عزاء!.
اعتقلت السلطة كل رجل حاول الاقتراب من بيت البنا قبل الدفن فخرجت الجنازة تحملها النساء، إذ لم يكن هناك رجل غير والده ومكرم عبيد باشا والذي لم تعتقله السلطه لكونه مسيحيا، وكانت تربطه علاقة صداقة بحسن البنا.
وفي الأيام الأولى من قيام ثورة 23 يوليو أعادت سلطات الثورة التحقيق في ملابسات مصرع حسن البنا وتم القبض على المتهمين باغتياله وتقديمهم أمام محكمة جنايات القاهرة حيث صدرت ضدهم "أحكام ثقيلة" في أغسطس 1954حيث قال القاضي في حيثيات الحكم "إن قرار الاغتيال قد اتخذته الحكومة السعدية بهدف الانتقام ولم يثبت تواطؤ القصر في ذلك لكن القاضي أشار إلى أن العملية تمت بمباركة البلاط الملكي، المتهم الأول أحمد حسين جاد الأشغال الشاقة المؤبدة المتهم السابع محمد محفوظ الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما المتهم الثامن الأميرلاي محمود عبد المجيد الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما البكباشي محمد الجزار سنة مع الشغل قضاها في الحبس الاحتياطي فأفرج عنه، إضافة لتعويض مادي كبير تمثل في دفع عشرة آلاف جنيه مصري كتعويض لأسرة البنا، وبعد حادثة المنشية في ديسمبر 1954 صدرت قرارات بالعفو عن كل المتهمين في قضية اغتيال حسن البنا.
مؤلفاته
· (مذكرات الدعوة والداعية (لكنها لا تغطي كل مراحل حياته وتتوقف عند سنة 1942م
· المرأة المسلمة
· تحديد النسل
· مباحث في علوم الحديث
· السلام في الإسلام
· قضيتنا
· الرسائل
· رسالة المنهج
· رسالة الانتخابات
· مقاصد القرآن الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.