لم يكن يتوقع الإمام حسن البنا عند تأسيسه لجماعة الإخوان المسلمين، أنه سيأتى يوما ويمتلكون زمام حكم البلاد وعلى رأس السلطة بعد أن كانت الجماعة دعوية. ولد حسن البنا في المحمودية بمصر عام 1906م، لأسرة بسيطة، كان والده يعمل مأذونا وساعاتي، وكان متميزًا بين زملائه، ومرشحًا لمناصب القيادة بينهم، حتى أنه عندما تألفت "جمعية الأخلاق الأدبية" فى المدرسة وقع اختيار زملائه عليه ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية. تطورت الفكرة في رأسه بعد أن التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور، فألف "الجمعية الحصافية الخيرية" التي زاولت عملها في حقلين، أولهما نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة، وثانيهما مقاومة الإرساليات التبشيرية التي اتخذت من مصر موطنًا، تبشر بالمسيحية في ظل التطبيب، وتعليم التطريز، وإيواء الطلبة. انتقل إلى القاهرة، بعد انتهائه من الدراسة في "المعلمين"، وانتسب إلى مدرسة دار العلوم العليا، واشترك في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، وكانت الجمعية الوحيدة الموجودة بالقاهرة في ذلك الوقت، وكان يواظب على سماع محاضراتها، ويتتبع المواعظ الدينية التي كان يلقيها في المساجد حينذاك نخبة من العلماء العاملين. ومن الأساتذة الذين أخذ عنهم البنا وكان على علاقة طيبة بهم والده الشيخ أحمد البنا، ومحمد زهران، وأبوشوشة، وعبد الوهاب الحصافي، وموسى أبوقمر، وأحمد بدير، ومحمد عبدالمطلب وغيرهم. ويبدو أن فكرة الإخوان تبلورت في رأسه وهو طالب بدار العلوم، فقد كتب موضوعًا إنشائيًا كان عنوانه "ماهي آمالك في الحياة بعد أن تتخرج"، فقال فيه: إن أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أمل خاص، وأمل عام. فالخاص هو إسعاد أسرتي وقرابتي ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، والعام أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء، وأقضي ليلي في تعليم الآباء أهداف دينهم، ومنابع سعادتهم تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة . حصل البنا على دبلوم دار العلوم العليا سنة 1927 وكان أول دفعته، وعُين معلمًا بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية الأميرية، وفي مارس 1928 تعاهد مع ستة من الشباب علي تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في الإسماعيلية، وهم حافظ عبد الحميد، وأحمد الحصري، وفؤاد إبراهيم، وعبد الرحمن حسب الله، وإسماعيل عز، وزكي المغربي. وعن قصة اغتياله، فروى أنه كان خارجا من جمعية الشبان المسلمين ويرافقه رئيس الجمعية لوداعه ودقّ جرس الهاتف داخل الجمعية، فعاد رئيسها ليجيب الهاتف، فسمع إطلاق الرصاص، فخرج ليرى صديقه "البنا" أصيب بطلقات تحت إبطه وهو يعدو خلف السيارة التي ركبها القاتل، ويأخذ رقمها . وعرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرالاي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية كما هو ثابت في مفكرة النيابة العمومية عام 1952. لم تكن الإصابة خطرة، بل بقي البنا بعدها متماسك القوى كامل الوعي، وأبلغ كلا من شهدوا الحادث برقم السيارة، ثم نقل إلى مستشفى قصر العيني فخلع ملابسه بنفسه. لفظ البنا أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل، أي بعد أربع ساعات ونصف الساعة من محاولة الاغتيال بسبب فقده للكثير من الدماء بعد أن منعت الحكومة دخول الأطباء أو معالجتهم للبنا مما أدى إلى وفاته. لم يعلم والده وأهله بالحادث إلا بعد ساعتين، وأرادت الحكومة أن تظل الجثة في المستشفى حتى تخرج إلى الدفن مباشرة، ولكن ثورة والده جعلتها تتنازل فتسمح بحمل الجثة إلى البيت، مشترطة أن يتم الدفن في الساعة التاسعة صباحاً، وألا يقام عزاء!. اعتقلت السلطة كل رجل حاول الاقتراب من بيت البنا قبل الدفن فخرجت الجنازة تحملها النساء، إذ لم يكن هناك رجل غير والده، ومكرم عبيد باشا والذي لم تعتقله السلطة لكونه مسيحيا، وكانت تربطه علاقة صداقة بحسن البنا. وأهم ما كتبه البنا فى حياته ( المرأة المسلمة، تحديد النسل، مباحث فى علوم الحديث، السلام فى الإسلام، قضيتنا، الرسائل، مقاصد القرآن الكريم).