أعلن سياسيون رفضهم التام لتوجيه البعض الدعوة إلى الجيش والشرطة للتدخل فى الحياة السياسية وحضور جلسات الحوار الوطنى المعنى به فى المقام الأول القوى والتيارات والأحزاب السياسية. وقالوا: "إن عودة الجيش للمشهد السياسى مرة أخرى أصبح أمرا مستحيلا، فنحن نسعى لبناء عملية ديمقراطية حقيقية، والجميع يعرف ويقوم بدوره المنوط به ودون خروج عليه، والجيش يحمى الشرعية الدستورية فقط، وهناك مسئوليات عليه أمنية ودفاعية عن أرض الوطن دون التدخل فى الشأن السياسى". وأكدوا أن هذه الدعوات لا تمت للديمقراطية بصلة، فالجيش أحد مؤسسات الدولة، بينما التعامل السياسى يكون مع رمز الدولة المتمثل فى شخص الرئيس والقوى السياسية الأخرى فقط، وذلك لترسيخ العملية الديمقراطية والممارسة السياسية الرشيدة، لذلك فهذا مطلب غريب ومرفوض جملة وتفصيلا، خاصة أن البلد قطعت شوطا فى العملية الديمقراطية وعليها استكماله من أجل الانتقال إلى الاستقرار والبناء والتنمية. وكان د. محمد البرادعى -رئيس حزب الدستور والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى- دعا إلى عقد اجتماع بين الرئيس محمد مرسى وجبهة "الإنقاذ الوطنى" وأحزاب التيار الإسلامى ووزيرى الدفاع والداخلية لبحث سبل وقف العنف الذى تشهده البلاد منذ أيام وبدء حوار جاد. وقال البرادعى، عبر حسابه على موقع "تويتر": "نحتاج فورا لاجتماع بين الرئيس ووزيرى الدفاع والداخلية وحزب "الحرية والعدالة" الحاكم والتيار السلفى وجبهة الإنقاذ لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف وبدء حوار جاد". فى البداية ترى سهام الجمل، عضو المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة، أن الجيش والشرطة لهم مهام محددة فى حماية المؤسسات والمنشآت -مثل باقى أجهزة الدولة- وهذا دور علينا أن نثمنه ونعظمه، وكل يؤدى دوره المنوط به، ومن ثم فمحاولات إقحامهما فى السياسية أمر مرفوض، لأنه إعادة للمشهد القديم مرة أخرى وهو اعتداء على الشرعية، وكأننا لا نمارس العملية الديمقراطية ولم تكن هناك انتخابات. وأشارت الجمل إلى أنها ترفض الدعوة لإعادة القوات المسلحة إلى المشهد السياسى؛ لأن ذلك له هناك مخاطر كثيرة علينا تجنبها حتى لا نعود للوراء بدلا من التقدم إلى الأمام، خاصة أن مؤسسة الرئاسة لها شرعية دستورية وشعبية وهى من مكتسبات الثورة التى يجب على الشعب أن يحافظ عليها ولا يفرط فيها مهما حدث. واتفق مع الرأى السابق السفير إبراهيم يسرى، مساعد وزير الخارجية، الذى أعلن رفضه بشكل قاطع طلب البعض من الجيش أو الشرطة للتدخل فى العمل السياسى قائلا: "هذا الأمر من شأنه أن يجهض التجربة الديمقراطية ومسيرة الثورة، خاصة أننا على وشك استكمال مؤسسات الدولة وإرساء القواعد الديمقراطية السليمة، ومن ثم فهذه محاولة لتعويق المسيرة وعمل مشين لضرب الديمقراطية فى مقتل". وقال يسرى: "نحن الآن فى الطريق للنضج الديمقراطى بعد أن عشنا 60 عاما تحت حكم العسكر، وعودتهم للمشهد السياسى مرة أخرى يعنى أننا نرجع للمربع رقم صفر وقد يأخذنا ل60 عاما آخر لحكم العسكر غير المدربين أو المؤهلين للعمل بالسياسة، خاصة أن الجيش مؤسسة لها عمل مقدس وهو الحفاظ على كيان الوطن أمام الأعداء والتصدى للاضطرابات أو الفوضى الداخلية". وأضاف أنه إذا ما أردنا أن نمارس العملية السياسية الديمقراطية بالشكل الذى ينبغى أن تكون عليه، فعلينا أن نتنافس ونتحاور ونختلف من خلال الآليات الديمقراطية المعهودة والمعروفة فى كافة بلاد العالم، مؤكدًا أن طلب بعض الشخصيات للجيش والشرطة التدخل فى السياسية يأتى كمحاولة للضغط على السلطة واستقواء عليها بالمؤسسة العسكرية وكذلك استغلال العنف والفوضى والتخريب من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية. أما الدكتور عصام دربالة، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، فأشار إلى إنه من غير المقبول إقحام الجيش والشرطة فى الشئون السياسية، وقد أعلنت القوات المسلحة من قبل أنها لن تتدخل فى الشأن السياسى. وأوضح محمد سعد الأزهرى، مدير مركز الفتح للبحوث والدراسات، أن دعوات إقحام الجيش فى السياسة عودة للوراء، وهو أمر مرفوض ولا يمت للديمقراطية بصلة، فالجيش أحد مؤسسات الدولة، بينما يتم التعامل سياسيا مع رمز الدولة المتمثل فى شخص الرئيس والقوى السياسية الأخرى فقط، لافتا إلى أن تدخل الجيش يجعله وكأنه دولة داخل الدولة. وأشار إلى أن هذه مسألة مبدأ وعرف ديمقراطى واضح، مطالبا أصحاب هذه الدعوات بالتوقف الفورى عنها وأن يتسقوا مع ذواتهم وأنفسهم، فقد طالبوا سابقا برجوع الجيش لثكناته وقت حكم المجلس العسكرى، لذا علينا أن نضع الجيش فى إطاره ودوره الخاص به، وكذلك بالنسبة لجهاز الشرطة وباقى مؤسسات الدولة. وأضاف الأزهرى أن الدستور حدد الدور المنوط بالقوات المسلحة، من خلال الحفاظ على الحدود والدفاع عن البلاد من أية مخاطر خارجية أو داخلية بعد قرار من مجلس الدفاع الوطنى. بدوره تعجب الدكتور يسرى العزباوى، الخبير السياسى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، من دعوة بعض القوى الليبرالية الجيش للتدخل فى السياسة الآن، لأن قادة هذه القوى كانوا أول المنادين بعودة الجيش لثكناته العسكرية سابقا، مطالبا إياهم بأن يتسقوا مع أنفسهم وألا يكونوا فى حالة تناقض واضح وفاضح. ولفت إلى أن من ينادى بعودة الجيش يضع نفسه فى مأزق حقيقى تجاه الشارع فيجعل صورته مرتبكة ومهزوزة، فالعملية السياسية تكون بين أطرافها فقط ولا تمتد لأى طرف آخر، وذلك لترسيخ العملية الديمقراطية والممارسة السياسية الرشيدة، فهذا مطلب ينم عن تناقض غريب ومرفوض جملة وتفصيلا، خاصة أننا قطعنا شوطا فى العملية الديمقراطية وعلينا استكماله. وأضاف: "إن عودة الجيش للمشهد السياسى ثانية أصبح أمرا مستحيلا، فنحن نسعى لبناء عملية ديمقراطية حقيقية، والجميع يعرف ويقوم بدوره المنوط به، والجيش يحمى الشرعية الدستورية فقط، وعليه مسئوليات أمنية ودفاعية عن أرض الوطن دون التدخل فى الشأن السياسى".