أن تشعر بأن هناك فى الكون من يحبك فذاك يهون عليك الكثير من التعب والألم، بل يغمرك بالأنس مع الكون والحياة على ما تلاقيه فيها والسعادة بها وعندما يكون من تحبهم يبادلونك حبا بحب تزداد سعادتك، ولعل هذا مما يستفاد من إرشاد رسولنا، فعن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ مَرَّ رَجُلٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: هَلْ أَعْلَمْتَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ: قُمْ فَأَعْلِمْهُ قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا هَذَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، قَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ". أخرجه أحمد. فلا تكتف فقط بأن تحب من حولك بل عبر لهم عن حبك إياهم، واعلم أن ذلك من هدى نبيك الذى قال "لن تدخلوا الجنة حتى تحابوا" بل لا إيمان دون الحب "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، فالإسلام دين الحب. أن تحب الخلق وتحب الجماد وتحب الكون كله فلك خُلِق وسخره ربك لك، لك أنت وحدك، وتحب ربك الذى يرعاك ويحبك وأن الجذع حنّ لرسولك حبا فنزل عن منبره فاحتضنه، والجمل اشتكى له من قسوة صاحبه والسحاب أظله ليقيه حر الشمس و و و. وتذكر معى مدى الانسجام النفسى مع البشر بل مع الكون والحياة حين تعلم أن من حولك يحبونك. بالله عليك كيف يتضاعف عطاؤك لهم ورضاك عن أفعالهم . هذا كله إذا أحبك البشر، فما بالك إذا أحبك رب هؤلاء، ياااااااااااه لحلاوة الأنس بحب الله لمن يستشعره بقلبه فيرضى عن كل قضاء له بل يحمده عليه فيرى العطاء فى كل منع، ويرى الرعاية والعناية فى تدبير ربه وإن رأى غيره فى الأمر ذاته بلاء وحرمانا. فعين الرضا عن كل عيب كليلة.. وعين السخط تبدى المساوئا فالله يحبك، خلق لك الأكوان، وأنزل لك الأمطار تسوق لك الأرزاق، سوّى لك الأرض، وأظلك بسمائه، وأرسل إليك الرسل والكتب والشرائع لتهتدى فتعود إلى وطن أبيك آدم (الجنة) لتجد فيها ما أعده لك ربك وحبيبك. فسبحانه يريد أن يتوب على عبيده "ويريد الله أن يتوب عليكم" وهم يتدابرون لمعصيته يسخطون من مصائبه، وما كانت إلا ليطهرهم من المعايب "أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب" من حديث قدسى. وسبحانه صرح لك وأرشدك على لسان حبيبه ورسوله بطريقة استحقاقك لحبه "ولا يزال عبدى يتقرب إلىّ بالنوافل حتى أحبه" يا لسعادة من أحبه أحد من الخلق وأخبره بحبه له فراح ينظم الشعر وينتقى أعذب الكلمات التى يهيم بها من يسمعها ويا لعجز الكلمات أن تصف حال من أحبه رب البشر، ويا ليسر استجلاب هذه المحبة "التقرب بالنوافل". فأشيعوا الحب واعلموا أن ذلك من سنة نبيكم وصرحوا به لمن تحبونهم اتباعا لهديه، وأوجز ما سبق فى كلمات فأقول: حققوا الإيمان بالحب "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وإنكم تستحقون بالحب جنة ربكم "لن تدخلوا الجنة حتى تحابوا"، وتذكروا أن فى الكون حتى من غير البشر من يحبكم فهم خلق من خلق ربكم المحب لكم؛ فالأرض تحزن لفقد الطائعين وتبكيهم، أما الطغاة الظالمون فما بكت عليهم السماء والأرض.