الحجاب معناه وحكمه: معناه: هو الستر، وهو جملة الأخلاق والآداب التى جاء بها الإسلام؛ ليهدم الفوضى التى كانت سائدة قبل الإسلام بالنسبة للمرأة، من تبرج وتحلل وعرى وإثارة، وهو ردٌّ للمرأة إلى أصل فطرتها؛ لأن تعرية جسدها من اللباس، يساوى تعرية قلبها منة التقوى والإيمان والحياء من الله ومن الناس، وهو عمل الشيطان. يقول الحق تبارك وتعالى فى سورة الأعراف: "يَا بَنِى آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ" (الأعراف: 27)، قال عبد الرحمن بن أسلم: "يتقى الله فيوارى عورته، فذاك التقوى". فهناك ارتباط وتلازم بين شرع الله واللباس لستر العورات، والتقوى، وكلاهما متلازمان، فمَن لا يتقى الله ويستحيى منه لا يهمه أن يتعرى وأن يدعو إلى العُرى. إنَّ ستر الجسد ليس مجرد عادة أو اصطلاح؛ إنما فطرة خلقها الله فى الإنسان، ثم هو شريعة أنزلها الله للبشر ويجب على المسلم والمسلمة أن يربطا بين الحملة الموجهة إلى الحجاب والدعوة السافرة للمسلمين إلى العُرى الجسدى باسم الزينة والحضارة والموضة، ومن وراء كل هذه الخطة الصهيونية لتدمير إنسانية الإنسان. جاء فى كتاب (بروتوكولات حكماء صهيون): "يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق فى كل مكان لتسهيل سيطرتنا.. إنَّ فرويد معنا وسنظل نعرض العلاقات الجنسية فى ضوء الشمس؛ لكى يبقى فى نظر الشباب شيئا مقدسا، ويصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية، وعندئذ تنهار الأخلاق"، ولقد نفَّذ الأعداء خطتهم من خلال الغزو الثقافى، من خلال بعض الكتاب والمفكرين، حتى أصبحنا نرى الكثيرَ من أجهزة الإعلام مصممة أن تعرض لنا الحياة وكأنها تدور أساسا حول الجنس. إنَّ النماذج المؤمنة للفتيات الملتزمات فى مجتمعنا اليوم تستحق من كل غيور على هذا الدين أن يحيطها بكل رعاية، وأن يدفع عنها كل شر، وأن يرد عنها بشتى الأساليب والأقلام التى مردت على الإثم والدفاع عن الباطل، إنها قضية حيوية فى مستقبل أجيالنا وبلادنا، وإنها لصفعة على وجوه أعداء الإسلام من دعاة التبرج والانحلال الذين تربوا على موائد الغرب، كما يجب أن تفضح الدعوات التى تنطلق لتنادى بتحرير المرأة وسلخها من دينها وأخلاقها والسير بها فى فلك الشهوات والمتعة والهوى، إنَّ تبرج المرأة واختلاطها هما السم الذى يُقضى به على مقومات الأمة المسلمة وعلى الشباب بوجه خاص. هل الحجاب قيد ورجعية وتخلف، كما يقول السطحيون من المتملقين للمرأة، لقد سُئلت بعض الأخوات المحجبات عن شعورهن إزاء هذا الزى الإسلامى، فكانت الإجابة مشرفة وتدل على وعى وإيمان وخير كثير، قالت إحداهن: "والله إنَّ عزتنا فى هذا الحجاب، ولقد شقيت كل متبرجة، وسعدنا نحن به". وقالت الثانية: "إنَّ الحجاب لا يمنعنا من تلقى العلم فى أرقى درجاته، وليست هناك علاقة بين الاختلاط والعلم ولا بين السفور والعلم.. فهذه أكاذيب". وقالت ثالثة: "سنتمسك بالحجاب إلى الأبد، ونحن لا ننادى بالتحرير لأننا متحررات فعلا ومصانات من يوم أن نادى محرر الإنسانية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسلام الذى أخرج البشرية من الظلمات إلى النور". وعن عائشة رضى الله عنها قالت: "كانت نساء الأنصار يشهدن مع النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفحات بمروطهن، لم ينقلبن على بيوتهن حتى يقضين الصلاة، لا يعرفن من الغلس" (أخرجه الشيخان)، ووجه الدلالة هو قولها: "لا يعرفن من الغلس".. فإن مفهوم الحديث: "أنه لولا الغلس لعرفن، وإنما يُعرفن عادةً من وجوههن وهى مكشوفة"، وعن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلّقها، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فأمرها أن تعتد فى بيت أم شريك ثم قال: "تلك امرأة غنية من الأنصار كثيرة الضيفان، فإنى أكره أن يسقط خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين" (أخرجه مسلم). ووجه الدلالة فى الحديث على أن الوجه ليس بعورة ظاهرة، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم أقرَّ ابنة قيس على أن يراها الرجال وعليها الخمار؛ وهو غطاء الرأس الذى خشى النبى صلى الله عليه وسلم أن يسقط عنها. عن ابن عباس أن امرأةً من خثعم استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع والفضل ابن عباس رديف رسول الله.. فأخذ الفضل ينظر إليها وكانت حسناء، فأخذ رسول الله الفضل فحول وجهه إلى الشق الآخر، فقال العباس: يا رسول الله، لويت عنق ابن عمك؟ قال: "رأيت شابا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما" (رواه أحمد)، قال ابن حزم: "لو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق". وأحب أن أشير إلى أن بعض الأخوات قد التزمن بالنقاب اقتداءً بأمهات المؤمنين على سبيل الاستنان بالأفضل أو لخشية الفتنة، فلا بأسَ عليهنَّ فى ذلك، ولكن يلزمهن أن ينظرن إلى أخواتهن اللائى يظهر منهن الوجه واليدان على أنهن ملتزمات متبعات، والجميع فى طاعة وعلى خير، وما دام الأمر مختلفا فيه فإنَّ ما وسع الأسلاف يسعنا وقد غضب الآباء والأمهات عندما تتحجب بناتهم، فعلى الأخت التى تلقى المعارضة واللوم من والديها أن تصبر وأن تتمسك بهذا الزى الإسلامى؛ لأنه من طاعة الله "ولا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق"، كما يجب عليها أن تعامل والديها بغاية الحكمة والرفق، وأن تُوضح لهما الأمر، وأن تقنعهما بالحجة والبرهان من غير ملل أو يأس لعلَّ الله أن يهديهما على يديها.. وهما من أول الناس باللين والمعاملة بالحسنى. الواقع العملى: إنَّ التجارب التى وصلت إليها البشرية، والثمار المرة التى جنتها حين أباحت الاختلاط والسفور؛ لتهتف كلها بصدق هذا الدين، وأنه من عند الله الخالق هذا الإنسان العليم بما يصلحه، وهذه الكاتبة الأمريكية هيلسيان ستانسيرى، التى تخصصت فى دراسة مشاكل الشباب تقول: "إنَّ المجتمع العربى كامل وسليم، ومن الخليق به أن يتمسك بتقاليده، التى تقيد الشاب والفتاة فى حدود المعقول وتحتم عدم الإباحة الموجودة عندنا فى الغرب، هذه الإباحية التى هددت الأسرة فى أوروبا وأمريكا، فالقيود التى يفرضها المجتمع العربى صالحة ونافعة؛ لهذا أنصح أن تتمسكوا بها.. امنعوا الاختلاط، بل ارجعوا إلى عصر الحريم والحجاب، فهو خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا". ثم تقول: "إن الإباحية عندنا هددت الأسرة وزلزلت القيم والأخلاق، إنَّ الفتاة الصغيرة عندنا أقل من عشرين سنة تخالط الشبان وترقص وتشرب الخمر والسجائر، وتتعاطى المخدرات باسم المدنية والإباحية، فهل بقى شىء؟!". وبعد هذا الوضوح من الذين أصابهم الداء، فهل يفيق السكارى؟ وهل يدرك الساخرون بالأخت المسلمة أبعاد جريمتهم فى حق هذه الأمة؟ وهل يقرأ مَن يقيم السدود أمام المحتشمات هذا الإنذار من عقلاء الغرب؟ إنَّ التخلف والرجعية لن يكونا فيمَن اتبع أوامر ربه وأسلم له قياد نفسه، إنما يكونان فيمن هاج وماج واعتدى على من يسلك طريق الله المستقيم. الله أكبر ولله الحمد