تسعى الولاياتالمتحدة للتغلغل فى القارة الإفريقية لتحقيق العديد من الأغراض، أهمها سرقة الثروات الطبيعية التى تتميز بها القارة السمراء، إضافة إلى مواجهة نفوذ الصين المتزايد فى العمق الإفريقى، خاصة أن التنين الصينى أنفق ما يزيد على 100 مليار دولار منذ عام 2010 لشراء النفط والغاز والمعادن النادرة من الدول الإفريقية. ومن أجل تنفيذ هذه الإستراتيجية أنشأت الولاياتالمتحدة قيادة خاصة بإفريقيا أطلق عليها "أفريكوم"، وهى مسئولة عن العمليات العسكرية الأمريكية وعن العلاقات العسكرية مع دول إفريقيا، ومؤخرا جاء البيان الصادر عن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بإرسال قوات إلى 35 دولة فى إفريقيا خلال عام 2013؛ لتكتمل المهمة لتأمين الممرات الحيوية التى ستنقل من خلالها مسروقاتها إلى العالم الجديد. وقالت مجلة (أمريكان فرى برس) الأمريكية: إن البيان الأخير الصادر عن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بإرسال قوات إلى 35 دولة فى إفريقيا عام 2013، يؤكد وجود خطة أمريكية لاستنزاف ثروات القارة، كما كان يحدث خلال موجة الاستعمار التى انطلقت فى القرن السابع عشر والثامن عشر ضد دول القارة السمراء. وأضافت أنه منذ عام 2007، عززت خطط البنتاجون الوجود العسكرى الأمريكى سرًّا عبر القارة الإفريقية، من خلال إرسال وحدات استخباراتية خاصة وفنيين متخصصين فى إطلاق الطائرات وأفراد قوات خاصة إلى قواعد فى أوغندا وكينيا وإثيوبيا، ومنذ ذلك الحين سارعت الولاياتالمتحدة لتكثيف وجودها فى إفريقيا؛ لاستهداف الجماعات التى قد تمثل تهديدا للمصالح الأمريكية؛ وهو ما يعنى فى الأساس استحواذها على النفط وعمليات التعدين. ووفقا لتصريحات أدلى بها الجنرال كارتر هام، قائد القيادة الأمريكية فى إفريقيا (أفريكوم)، فإن خطة نشر قوات أمريكية فى دول القارة الإفريقية تتضمن: ليبيا والسودان والجزائر والنيجر وكينيا وأوغندا؛ وذلك بهدف تدريب جيوش تلك الدول وملاحقة عناصر المنظمات والمجموعات المسلحة المناهضة للولايات المتحدة. ويخطط البنتاجون لإجراء أكثر من مائة مناورة عسكرية وبرامج تدريب وأنشطة أخرى متنوعة فى مختلف أنحاء القارة الإفريقية، تمهيدًا للتعاون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية فى هذه الدول، ويتطلع المسئولون العسكريون الأمريكيون إلى إقامة قواعد شبه دائمة بعدد قليل من هذه القوات فى الجزائر والمغرب، وربما تونس، ثم تزيد العدد تدريجيًّا خلال وقت قصير، وإلى إقامة قواعد أصغر وأقل تكلفةً تنشأ فى السنغال ومالى وكينيا وغانا. وقال مسئولون عسكريون أمريكيون: إن وزارة الدفاع الأمريكية ستعمل خلال سنوات قليلة على زيادة وجودها العسكرى فى إفريقيا ليصل إلى ما بين 5000 و6500 جندى من مشاة البحرية "المارينز" والقوات الخاصة الموجودة فى قاعدة "ليمونيور" العسكرية فى جيبوتى، التى تضم 1800 جندى أمريكى. وسيكون للبنتاجون آلاف الجنود الأمريكان عبر إفريقيا وعدد لا بأس به من القوات الخاصة والوحدات التقنية المتخصصة فى عمليات الطائرات دون طيار، وسيتم استخدام المرتزقة من خلال الشركات الخاصة بالحرب التى أصبحت موجودة بغزارة فى دول كثيرة من جميع أنحاء العالم. ويعود اهتمام أمريكا بالنفط الإفريقى للمنافسة التى أبدتها الصين فى القارة، وإلى الكلفة الضعيفة لنقل النفط والغاز من غرب إفريقيا عبر الأطلسى إلى سواحل أمريكا، مقارنة بنفط الخليج العربى، أما المبادلات التجارية الإفريقية- الأمريكية، فإن 87% منها متكونة من النفط ومشتقاته. أما من حيث الكم فإن الاحتياطات النفطية فى ليبيا تقدّر ب40 مليار برميل، وفى نيجيريا ب31 مليار برميل، وفى الجزائر ب12 مليار برميل، وأكثر من 3 مليارات برميل فى بقية البلدان المحيطة بالصحراء، ويعادل الإنتاج الحالى فى منطقة خليج غينيا الممتد إلى نيجيريا وأنجولا 6 ملايين برميل يوميا، أما نفط تشاد والكاميرون فإنه يصل الأطلسى عبر أنابيب تضخ أكثر من 250 ألف برميل يوميا. كما تكمن الأهمية الإستراتيجية لإفريقيا فى معابرها التجارية وموانئها البحرية التى تطل على المتوسط والمحيطين الأطلسى والهندى، وفى ثروتها النفطية التى تقدر ب8% من الاحتياطى العالمى، إضافة إلى الغاز الطبيعى والثروة المعدنية الهائلة والمتنوعة، كما ستصبح سوقا استهلاكية كبرى، وسيتجاوز سكانها مليار نسمة بعد بضع سنوات، ولا تمثل حاليا سوى 2% من إجمالى التجارة الأمريكية.