* عطا: إجماع أبناء الصعيد على إقرار الدستور لأنه يعبر عن الهوية الوطنية * عبد الرحمن: الشعب أثبت أنه على درجة كبيرة من الوعى بمتطلبات المرحلة ما من شك فى أن الصعيد مارس دوره التاريخى فى الحفاظ على استقرار البلاد كصخرة تتحطم عليها جميع محاولات اختراق أمنها القومى وتغير هوية مصر الأصيلة، فقد تأبّى هذا القطر على أى محاولات لاختراقه أو تغيير هويته، وإجماعه على إقرار الدستور الذى جاء عن وعى. والتاريخ يشهد بأن أبناء الصعيد أصحاب الفكر المقاوم، ويؤمنون بأن كرامتهم أهم لديهم من قوت يومهم، ولذلك دافعوا تلك الكرامة بنفى الحديث عن حصولهم على مقابل للتصويت، خاصة وأنهم لا يقبلون التهديد ممن قالوا بأنها ستكون حربا أهلية إذا ما أقر العزل السياسى لفلول النظام السابق. فمن جانبه، قال الدكتور عبد الخبير عطا -أستاذ العلوم السياسية بكلية التجارة جامعة أسيوط-: إن ما قام به أهل الصعيد من الحفاظ على الثورة متمثلا فى المشاركة بفاعلية فى الانتخابات الرئاسية الماضية، وإبعاد أحد رموز النظام السابق عن مقعد رئاسة الجمهورية، تم بتكرير هذا الدور الوطنى فى العمل على استقرار البلاد فى النسب العالية التى صوتت لصالح الدستور الجديد. وقال عطا: إن هذا الدور لصعيد مصر ليس وليد اللحظة، بل هو دوره الأصيل على مدار التاريخ بمختلف عصورها وثقافتها وأيدلوجيتها، وكأن هناك حكمة فى تسميتها بالصعيد والتى تعنى المكان المرتفع عبر التاريخ هو طابعها الأساسى والأصيل. وأوضح أن الصعيد تأبى على الاختراق، وأبناؤه أصحاب الفكر المقاوم لأى محاولة اختراق أو احتلال، وكان لهم دور كبير فى صد هجمات جميع الغزاة، ولا يتم غزوهم على مر التاريخ منذ الفراعنة وحتى الحملة الفرنسية التى لم تستطع تخطى محافظة المنيا، ومن الصعيد جاءت أم العرب السيدة هاجر بنت بنى مزار، واحتمت به السيدة مريم العذراء والأديرة الشامخة فى الصعيد شاهد على هذا التاريخ. وأشار عطا إلى أن الصعيد المتمسك بالتقاليد الأصيلة العربية، وصاحب الثوابت لم تؤثر فيه محاولات الإعلام لتغيير هوية مصر، ولذلك جاءت نسب التصويت لصالح الدستور إدراكا منهم بأنه دستور يعبر عن الهوية المصرية ويحافظ على أصالتها. وشدد على أهمية أن يدرك الجميع أن عصور الازدهار لمصر عبر تاريخها انطلق من صعيد مصر، ولن تكون هناك نهضة لها فى المستقبل إلا من خلاله، ويكفى أن نشير إلى أنه فى عهد المخلوع الذى كانت فترة انتكاسة كان الصعيد فى أشد مراحل معاناته؛ فأفقر المحافظات كانت "سوهاج"، وأكثر مناطق طاردة للسكان كان الصعيد، ولذلك كذب الصعيد ادعاءات الفلول الذين قالوا: إن الحرب الأهلية تنتظر الصعيد فى حالة إقرار العزل السياسى، وإذا بالصعيد يكون صاحب الكلمة العليا فى إقرار هذا الدستور. بدوره، قال الدكتور أحمد محمد عبد الرحمن -عضو مجلس الشورى وأمين حزب الحرية والعدالة بمحافظة الفيوم-: إن الشعب بأجمعه أثبت أنه على درجة كبيرة من الوعى، وأنه أذكى من النخبة وأكثر فهما لكيفية الحفاظ على استقرار مصر. وقال عبد الرحمن: إن الصعيد على وجه الخصوص كان صاحب الريادة فى هذا الوعى، وهذا يرجع إلى أنه صعب المنال من أن يخترقه إعلام مضلل، وأن يصدق أكاذيب على أشخاص وأحزاب هم من أبنائهم ويرونهم بينهم ويشاهدون وجودهم الفعلى فى جميع القرى والنجوع، ولذلك رفض حملات التشويه لأبناء التيار الإسلامى، وأدرك حجم الأكاذيب التى سيقت فى تلك الحملات. وأشار إلى أن التاريخ شاهد على أن الصعيد عبر تاريخه كان ولا يزال كتلة صلبة ومتماسكة، وعلى درجة كبيرة من الوعى والفكر الثقافى عكس ما يروج فى وسائل الإعلام، مشددًا على أن ما قام به الصعيد يعد تحديا كبيرا لنا جميعا من أجل رد الجميل للدور التاريخى لأهالينا من أبناء الصعيد ورفع الكاهل عنهم ومحو التهميش الذى عانوا منه عبر عقود طويلة. ووجه عبد الرحمن حديثه لمن أطلق الشائعات على أبناء الصعيد بأنهم يصوتون بمقابل، قائلا: "أنتم لا تدركون أن أبناء الصعيد يحرصون على كرامتهم أكثر من حرصهم على قوت يومهم، ويكفى أن أقول لكم: إن الكبير قبل الصغير فى الصعيد نزل ليكذبكم ويكشف زيفكم". وأضاف: إن الجميع لمس هذا فى مشهد أمس الأول والأسبوع الماضى، والجميع كان لديه تحدٍّ دفعه إلى الوقوف ساعات ليدافع عن كرامته.