مصر تقف الآن على مفترق طرق، إما أن تنهض من كبوتها أو تنهار، والسبب فى ذلك ليست هى تلك المظاهرات المعارضة للإعلان الدستورى أو للاستفتاء على الدستور، ولكن المحاولات المجنونة لجر البلاد إلى أتون حرب أهلية لن تبقى ولن تذر، هناك مؤشرات على أن فريقا من الساسة يدعمون مثيرى العنف والشغب ممن يحرقون المقرات أو يدمرون المنشآت العامة والخاصة، هؤلاء الساسة يسعون لبناء مجدهم وتحقيق طموحاتهم على أكتاف شباب غاضب، وتحريضه على العنف ولو بالسكوت، ورغم كل ما يراه الشعب المصرى من مظاهر عنف وبلطجة واعتداءات على مقرات حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه لم يخرج أحد من هؤلاء الساسة ببيان يدين فيه أعمال العنف، والجميع يعرف أن السكوت فى مثل هذه الحالات يعنى إما موافقة على ما يجرى من بلطجة، وإما أن البلطجية من هؤلاء، وهم منهم، يعنى بعضهم من بعض. الدليل على رغبة هؤلاء الساسة فى التهييج وإثارة الفتن: رفضهم المسبق للحوار الذى دعا إليه الرئيس مرسى، ورفض بعضهم الالتزام بما سيخرج عنه هذا الحوار حينما كان منعقدا، أى أنه يستبق الأحداث ويهيئ الشارع لرفض ما سيسفر عنه، وكأنه يريد أن تزداد الأمور اشتعالا، بهذه المناسبة أذكر فقط عمرو موسى أنه حينما كان أمينا للجامعة العربية فتح حوارا مع الإدارة الأمريكية فى الوقت الذى كانت أمريكا تحتل العراق، وقد طالبناه كثيرا ونحن نغطى أنشطة الجامعة العربية بالتوقف عن جولات الحوار التى كانت تسمى "ديترويت 1 و2"؛ لكنه كان يصر على موقفه ويحاور محتلا لبلد عربى، وهو الآن يرفض المشاركة فى حوار وطنى لإنقاذ البلد، يعنى حاور محتلا ولا يحاور رئيسا وطنيا!! من المؤكد أن موسى ومن معه يدركون جيدا أن إصدار إعلان دستورى أو الاستفتاء على الدستور، لم يكن يحتاج كل هذا الصخب وجر البلاد إلى مخاطر كبيرة، وأن الأمر يمكن حله بالتفاوض والحوار، وهما أدوات السياسى فى التعبير عن رفضه، أما تهييج الشارع وحشد الشباب فى الميادين ودفعهم لأعمال عنف من أجل الوصول إلى كرسى الحكم فهى خيانة للوطن؛ لأن هؤلاء يعلمون جيدا مدى ضعف الجهاز الأمنى، وعدم قدرته على حماية المقرات والمنشآت، وهو ما قد يفتح الباب، لأن يدافع كل فصيل أو تيار عن نفسه، وهنا قد تدخل البلاد فى دوامة من العنف لا يمكن التنبؤ بنتائجها، فهل أنتم توافقون على هذا السيناريو؟ الجميع مدعوون الآن وقبل الغد إلى الاصطفاف وراء مصلحة هذا الوطن، والتخلى عن المصالح الضيقة والاحتكام إلى العقل قبل أن تغرق السفينة بنا جميعا، عليكم أيها الساسة أن تدرءوا عن أنفسكم الشبهات، فهناك مخططات لتمزيق مصر تمولها جهات أجنبية، وتتم بأيد مصرية، واقرءوا إن شئتم تصريحات ضابط مخابرات دولة الإمارات، المدعو ضاحى خلفان، حينما يبشر أنصاره بقرب فرار مرشد الإخوان، وكأنه يشارك فى وضع سيناريو المؤامرة على مصر، أيها السياسيون، لن يرحمكم الشعب إذا واصلتم العناد، عودوا إلى رشدكم، واذهبوا إلى صناديق الاستفتاء، وحرضوا الناخبين على رفض الدستور، فتلك هى قواعد العمل السياسى والديمقراطية، أما إثارة الفوضى فهى سلوكيات زعماء العصابات، ونحن نربأ بكم أن تنزلقوا إلى هذا المستنقع. ---------------------- أحمد عبد المنعم [email protected]