ما نشر بالأمس عن توجه المتظاهرين فى بعض المحافظات إلى مقرات جماعة الإخوان المسلمين ومحاولة اقتحامها وإشعال النيران بها، هى ليست المرة الأولى من نوعها لا في المحافظات التى وقعت بها ولا فى محافظات أخرى، فقد سبق وان قام المتظاهرون فى القاهرةوالمحلة الكبرى والجيزة وفى مدينة الإسكندرية بمحاصرة مقرات الإخوان وحاولوا اقتحامها وإشعال النيران بها، وعلى ما أذكر أن أول محاولة كانت فى مقر الإخوان المسلمين فى المقطم وربما فى مدينة المحلة الكبرى عندما قام الشباب بإنزال اللافتة الخاصة بمقر الجماعة. بالأمس توجه العشرات من المتظاهرين إلى مقر جماعة الإخوان فى مدينتى السويس والإسماعيلية وقاموا بمحاصرتها، وذكرت الأخبار وقوع اشتباكات بين المتظاهرين الغاضبين وبين رجال الشرطة، وذكرت أيضا وقوع اشتباكات بين المتظاهرين وشباب جماعة الإخوان المسلمين الذين أسرعوا لحماية مقر جماعتهم، وأشاروا إلى وقوع إصابات بين الأطراف الثلاثة الشرطة والمتظاهرين وشباب جماعة الإخوان، وقد سبق وان قام المتظاهرون بتعليق لافتات على محمد محمود وميدان التحرير تحذر جماعة الإخوان المسلمين من المشاركة ودخول الشارع، كما قاموا فى الإسكندريةوالقاهرة وبعض المحافظات بالهتاف ضد مرشد الجماعة وضد الرئيس مرسى لتبعيته للجماعة. وأظن ان هذه الوقائع تنذر بمخاطر جسيمة، هذه المخاطر لا تتمثل فى عمليات الاقتحام وفى محاولة إشعال النار فى المقرات فقط، بل تتمثل فى النتائج التى سوف تترتب على هذا التفكير، منها وقوع مصادمات سوف تسفر عن ضحايا، وقد تتمثل فى توجه المتظاهرين إلى منازل قيادات الجماعة، أو إلى محاصرة أماكن عملهم، كما فعل بعض المتظاهرين بالتوجه إلى منزل الرئيس مرسى فى الشرقية، وهشام قنديل فى الدقي وقاموا بمحاصرة البيوت والهتاف ضدهم، وهو ما يعنى أن البلاد سوف تشهد مواجهات عنيفة يقع فيها ضحايا وتدمر بها مقرات ومنشآت وبيوت. ولا ننسى ان هؤلاء الشباب قد قاموا أول من أمس بمحاصرة منطقة قصر العينى، وتربص بعضهم بأعضاء اللجنة التأسيسية من جماعة الإخوان، وتردد أن قيادات الجماعة باللجنة خافوا من الخروج وفضلوا البقاء فى مقر المجلس لحين تأمينهم، ولم تتم عملية التأمين وخروجهم سوى بعد فترة طويلة، حيث انتظر رجال الأمن هدوء المنطقة المحيطة بالبوابة الخلفية. على أية حال هذه الوقائع قد تشكل مع الأيام ظاهرة وسلوكا وهو ما نرفضه تماما، لكن رفضنا هذا لن يعمل على منع الشباب المتطرف فكريا من محاصرة مقرات جماعة الإخوان ولا من الاعتداء على قيادات الجماعة ورموزها، ولن تقدر إدانتنا لتصرفات الشباب الغاضب علي منع مهاجمته لمقرات وقيادات الجماعات السلفية لتبعيتهم لجماعة الإخوان واصطفافهم خلفهم، لذا نطالب قيادات الجماعة بأن يعيدوا النظر فى سياستهم وفى أسلوبهم فى الحوار والتصريح، حيث ان أغلب قيادات الجماعة تستخدم اسلوبا فجا ومستفزا للجميع، وأظن أن اسلوبهم هذا هو الذى أثار غضب الشباب والتيارات السياسية الأخرى، كما انه هو الذى شجع الشباب على استخدام العنف فى التعبير عن رفضهم للجماعة، بمعنى آخر ان العنف اللفظى الذى يصل إلى حد البلطجة فى بعض الحالات هو الذى دفع الشباب إلى مبادلة الجماعة عنفا بعنف وبلطجة ببلطجة. ومن هنا نكرر ونناشد جميع الأطراف ان نعود للحوار الهادئ، وأن نبتعد عن العنف اللفظى ومحاولات إقصاء الآخر أو قهره والانتصار عليه، مصر تحتاج جميع الأطياف السياسية، كما أن البلاد لن تقوم سوى بسواعد وعقول وأفكار الجميع، كما يجب أن نبعد من الساحة بعض الانتهازيين الذين يؤججون المعركة بين الأطراف المختلفة، نحن لا نقبل أبدا أن ينتهى بنا المطاف إلى مواجهات دامية بين الفصائل السياسية المختلفة، لن نقبل أن تتحول مصر بتاريخها العريق إلى ساحة قتل بين متشددين دينيا ومتشددين فكريا، الدولة الديمقراطية المدنية التى ننشدها لا مجال فيها لمتطرف أو متشدد أو منحرف فكريا، ولا مكان بها لبلطجى أو انتهازي أو أفاق يلعب على جميع الأطراف، مصر التي ننتظرها لأولادنا ولشبابنا هي التي تقام على التعددية وثقافة الأغلبية، والتي تؤمن بحرية التعبير والنشر والاعتقاد.