تعيش النخبة المصرية حالة من التوهان و"الاستبياع" والبلطجة السياسية من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب ولو حتى على حساب حرق الوطن، فعلى الرغم من حالة التوتر الميدانى واستخدام الأساليب العنيفة بعد الإعلان الدستورى الأخير، إلا أن حكمة وتعقل القوى الإسلامية تستدعى عدم الاحتكاك وضبط النفس قدر الإمكان لكى لا تتحول البلد إلى ساحة حرب. شعار هذه النخبة المزيفة المثل الشعبى "يا فيها لاخفيها" ولعل ما كتبه مدير تحرير جريدة الشروق وائل قنديل قبل أيام قليلة يثبت حقيقة هذا الكلام، عند ما قال: "فى مناسبة جمعت أعضاء بارزين فى تأسيسية الدستور من القوى الليبرالية، سألت أحدهم عن حالة الفزع العام من الدستور القادم، فأجابنى بقوله: إن الدستور القادم من أفضل الدساتير فى تاريخ مصر، وسيخرج على نحو محترم من حيث المواد.. وهنا سألته لماذا لا تخرجون على الناس لتطمئنوهم بدلا من تركهم نهبا للمعارك الكلامية الصاخبة التى تصنع مناخا مخيفا؟وكان الرد أنهم يفضلون مواصلة الضغط على الجمعية التأسيسية لكى يحصلوا منها على الأفضل من حيث المواد والصياغات، خصوصا أنه لا يزال هناك جدل داخل الجمعية بشأن بعض المواد. هؤلاء تيقنوا تماما أن الشارع المصرى متدين بالفطرة وخياره الدائم هو الإسلام، ومهما عملوا لن يستطيعوا الوصول إلى الحكم من خلال الصندوق الانتخابى فى الوقت الراهن، ولا حتى من خلال الإعلام والصوت العالى؛ لأنهم باختصار يعانون من مرض "الفصام الشعبى". يتشدقون منذ سنوات طويلة بالديمقراطية والحريات والتعددية، ولما أفرزت الصناديق الصوت الإسلامى قاموا بالانقلاب على الديمقراطية وكفروها، بل والأدهى دعوة البعض منهم إلى تدويل القضية والانقلاب على الشرعية المنتخبة؛ لأنها باختصار لم تأت بهم، وكأنهم يظنون أننا لا نعيش فى ظروف استثنائية بعد ثورة 25 يناير. تحالفوا مع الشيطان من أجل إسقاط الإسلاميين، وتربصوا بالصغيرة والكبيرة لكل مسئول أو قيادى إسلامى لإشاعة جو من عدم الثقة بالمشروع الإسلامي، دون النظر إلى تطلعات الشعب وآمال الثورة، ولكن العبرة دائما بالخواتيم. يظن البعض منهم أن حرق مقرات الإخوان "عملا ثوريا" قياسا على ما حدث لمقرات الحزب الوطنى إبان ثورة 25 يناير، ولا يعلمون أنهم بذلك سيجلبون على البلاد الدمار والهلاك؛ لأنه باختصار الإخوان جاءوا عن طريق الشرعية الديمقراطية لا بالتزوير والتضليل. كلمة أخيرة يا نخبة مزيفة، إن أردتم الديمقراطية فنحن معكم، وإن أردتم الميادين فنحن أيضا معكم، ونصيحة لوجه الله: انسوا أن هناك قوة على الأرض ستستطيع أن تزيح الإسلاميين مرة أخرى من على المشهد السياسى؛ لأنهم ببساطة يستمدون قوتهم من الشارع لا من الفضائيات.. فهل من مدكر؟! --------------- عبادة نوح [email protected]