فور صدور قرارات الرئيس مرسى الأخيرة بشأن النائب العام، وتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، رأى السياسيون الوطنيون أن هذه القرارات ثورية، وأنها تصب فى صالح الثورة واستقرار البلاد، وأنها أعادت الأمور إلى نصابها بعد أن بلغت الروح الحلقوم، وبعد أن كاد البعض أن يصاب بالإحباط من بطء الرئيس فى اتخاذ قرارات تصلح البلاد والعباد، وتطهر مؤسسات الدولة من النظام القديم الذى لا يزال رابضا فى كل مفاصل الدولة، لدرجة أن الثورة المضادة بدأت تنشط ويتنادى أطرافها ويتداعون إلى حيث التخريب والتحريق والتقتيل، ومحاصرة التأسيسية التى تعتبر معركة فاصلة بالنسبة لهم، يأتى بعدها انتخابات مجلس شعب فيصدر قوانينه ويضع الوطن على الطريق الصحيح... أقول بعد هذا كله جاءت قرارات الرئيس مرسى لتقطع الطريق على الثورة المضادة، وتبدأ محاكمات حقيقية لقتلة الثوار ورءوس النظام الهالك، وترعى حقوق الشهداء والمصابين. ومن ناحية ثانية لترسى حالة من الاستقرار الذى سيعززه استكمال التأسيسية لوضع الدستور، وطرحه على الشعب للتصويت عليه، ثم انتخابات تشريعية، وهذا الاستقرار له آثاره الاستثمارية الاقتصادية، وآثاره الأمنية، وآثاره السياسية، وآثاره الاجتماعية كذلك. ومن ناحية ثالثة ليحدث بذلك توازنا بين نشاط الرئيس ومكانته فى الخارج، وبين استقرار الحكم له فى الداخل وتحقيق الأمن والأمان للوطن، ودفع عجلة الاستثمار والاقتصاد عموما بهذه القرارات بما سيثمره تطبيقها من استقرار أمنى واجتماعى؛ حيث إن المجتمع الدولى بلا استثناء يشيد بدور مصر الدولى فى القضايا المختلفة، وأنها على طريق استعادة مكانتها ودورها وريادتها فى المنطقة، وما أحداث غزة الأخيرة عنا ببعيد! ولكن ظهر يتامى مبارك ومدعو الثورة والوطنيون المزيفون لينعوا على الرئيس ما اتخذه من قرارات، ويصفوه بأنه أعطى لنفسه الحق بأن يكون الحاكم بأمر الله، وأن مصر تشهد ديكتاتورية وصناعة فرعون جديد... إلى آخر هذا الكلام الممجوج!. فهؤلاء لن يستطيع أحد أن يرضيهم حتى لو أنزل الله لهم ملائكة؛ لأنهم إذا أبطأ الرئيس فى اتخاذ قرارات يقولون: الرئيس فاشل، ولا يستطيع أن يقوم بدوره، ومصر أكبر منه، وأنه عاجز، ويترك البلد للخراب والدمار. وإذا أخذ قرارات فهو الفرعون الكبير والديكتاتور الأكبر!. إن الرئيس مرسى كرر كثيرا أنه لا يريد أن يستخدم سلطاته التشريعية، ولا يريد أن يستخدم أيا من سلطاته بما يجعل أى قوانين استثنائية فى هذه الفترة الانتقالية من ناحية الدستور أو القانون، ولكن إذا اقتضى الأمر وأصيب الوطن بما يهدده فسوف يتدخل فورا إنقاذا للوضع وإعادة للتوازن الأمنى والاجتماعى والسياسى والدستورى. إن على الرئيس ألا يصبر حتى تحدث مصائب ليستخدم صلاحياته، وإنما عليه أن يصدر قراراته الثورية والإصلاحية التى تحقق القصاص العادل وتنتصر لدماء الشهداء، وتوفر الأمن والأمان الذى يجلب الاستثمار ويضاعف السياحة وينمى الاقتصاد، وتعمل على تطهير الجهاز الإدارى للدولة من الفاسدين وأصحاب الثورة المضادة الذين يجرّون الوطن من ثوبه من الخلف يعرقلون مسيرته، ويحجزونه عن أن يتقدم خطوة للأمام. والحق ثابت وأبلج، والباطل لجلج، ولن ينطلى على الشعب محاولات النخب الفاسدة التى لا يعجبها العجب ولا الصيام فى رجب، وإنما يوعدون ويصدون من يريد الإصلاح ويبغونها عوجا.. ولسوف يجد الرئيس من الشعب خير نصير، ومن الله تعالى قبل ذلك خير مؤيد ومعين.. وإلى مزيد من القصاص العادل الذى بدأ بقرار إعادة محاكمة قتلة الثوار، وإلى مزيد من الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار. -------------- د. وصفى عاشور أبو زيد رئيس مركز بناء للبحوث والدراسات [email protected]