رأى عدد من الخبراء أن زيارة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان لمصر، والتى تعتبر الثانية منذ تولى الرئيس محمد مرسى سدة الحكم، تشير إلى أن التحالف بين القاهرةوأنقرة يوحى بصعود نظام إقليمى جديد يختفى فيه النفوذ الأمريكى بشكل تدريجى مقابل صعود التيار الإسلامى الذى وصل لسدة الحكم بعد موجة الربيع العربى التى هزت المنطقة منذ نهاية 2010. ويقوم أردوغان بزيارة رسمية لمصر، اليوم السبت ولمدة يومين، يرافقه خلالها 12 وزيرا من الحكومة التركية وعدد كبير من رجال الأعمال، يبدؤها بلقاء مع الرئيس مرسى، كما يحضر الاجتماع الثانى لمجلس التعاون الإستراتيجى الأعلى التركى المصرى، ويبحث أردوغان خلال الزيارة أوجه التعاون بين البلدين فى اجتماع مجلس التعاون الإستراتيجى الأعلى، مع التركيز بصفة خاصة على دعم ومساندة تركيا لعملية إعادة البناء والتنظيم التى تشهدها مصر حاليا. كما سيلقى خطابا فى جامعة القاهرة. وفى اليوم الثانى للزيارة، يلتقى أردوغان مع رجال الأعمال المصريين فى منتدى الأعمال التركى-المصرى؛ حيث سيجرى بحث إمكانات الاستثمار للشركات التركية فى مصر. ويلقى كلمة فى المنتدى، كما سيفتتح رسميا الخدمة العربية لوكالة أنباء الأناضول فى القاهرة وهو أكبر فرع للخدمة العربية للوكالة التركية، ومعرض الصور الذى تقيمه الوكالة التركية بعنوان "'الصحوة العربية" ويضم الصور المتميزة التى التقطتها عدسات الصحفيين من وكالة الأناضول خلال ثورات "الربيع العربى" فى مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا. وزار أردوغان القاهرة العام الماضى عقب ثورة 25 يناير. وقال "صديق حسن شكرى" -المختص بالشئون التركية-: إن "كل بلد لديه رؤية واضحة تجاه الإسلام السياسى، غير أن تركيا التى تفصل أسيا عن أوروبا، ومصر التى تعتبر القلب التقليدى للعالم العربى، أصبحتا تكملان بعضهما بعضا؛ فالاقتصاد التركى القوى ربما يساعد فى إنقاذ الأزمة المالية المصرية، فى حين أن القاهرة ربما تعزز طموح أنقرة فى الصعود كقوة فى أوساط الحكومات المدعومة إسلاميا. ويرى شكرى -فى تصريحات ل"الحرية والعدالة"- أن هذا التحالف سيؤثر بشكل كبير على السياسات المستقبلية تجاه إسرائيل، خاصة فى ظل العملية التى تشنها الأخيرة ضد غزة، والعلاقات المتوترة أصلا مع الكيان الصهيونى منذ حادث سفينة المساعدات التركية "مرمرة"، مشيرا إلى أن الروابط بين البلدين كثيرة؛ فقد أجريا فى الآونة الأخيرة تدريبات بحرية فى البحر المتوسط، وقام الرئيس محمد مرسى بزيارة أنقرة، فى حين يزور أردوغان وفى جعبته وعود بتقديم مساعدات تصل إلى مليارى دولار. وفى حين يعمل أردوغان على تقديم ديمقراطية تركيا نموذجا للحكومات العربية، يسعى مرسى لاستعادة مكانة مصر بعد سنوات من الغياب فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ولفت إلى أن مرسى وأردوغان عمدا إلى تقويض النفوذ السياسى لجنرالاتهما، ولكنهما اتهما من قبل العلمانيين بميولهما إلى "الاستبداد المرتبط بالإسلام". إلا أن الكاتب يوضح أنه رغم الروابط التى تجمع البلدين، فإن هناك اختلافا بين حكومتى مرسى وأردوغان بشأن الدستور، فسياسات تركيا تنبثق من ديمقراطية علمانية وأحزاب سياسية تستاء من النفوذ الإسلامى، فى حين أن الحكومة المصرية تندفع باتجاه دستور يقوم أساسا على الشريعة، مشيرا فى هذا الصدد إلى أن الأحزاب الإسلامية فى تركيا تتجاوز تطبيق الأيديولوجيات الدينية، وتركز على السياسات الاقتصادية والإصلاح.