شهد ختام مؤتمر: "الإسلاميون .. وتحدي السلطة"، الذي نظمه المنتدى العالمي للوسطية مناظرة بين د. عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي للدعوة السلفية ممثلا لدعاة الشريعة، ود. سعد الدين إبراهيم، ممثلا لدعاة الدولة المدنية ورئيس مركز ابن خلدون، وقد تمخضت المناظرة عن اتفاق لطرح وثيقتين للدستور تطرح وجهتي النظر المدنية والإسلامية والقبول بما يتم التصويت عليه بالأغلبية. وفي بداية المناظرة، أكد د. منتصر الزيات، رئيس فرع منتدى الوسطية العالمي بالقاهرة، أن المناظرة بين دعاة الدولة المدنية ودعاة الشريعة الإسلامية لا تهدف إثارة، ولكن نريد أيجاد أرضية مشتركة للحوار، فمصر للجميع وعلينا أن نعمل على الحوار. وقال: "لقد دعوت عدد من الرموز الوطنية الليبرالية لحضور تلك المناظرة بهدف الحوار بدلا من المقاطعة، فدعوت د. محمد البرادعي فاعتذر لارتباطه، كما دعوت حمدين صباحي ولم أتلق منه ردا رغم اتصالي به أكثر من مرة، ومع ذلك فوجئنا بتصريح غريب من د. صباحي وحملته بأنه لم يتلق دعوة ولن يناظر على أساس ديني"، مؤكدا أن المناظرة ليست معركة بها فائز وخاسر. استطرد: "نحن نؤمن بأن مصر إسلامية حضارة والحاضر والماضي والمستقبل، وإذا كان الأستاذ حمدين صباحي لم يتلق دعوة فأنا أدعوه أن يناظر الشهر القادم الأستاذ حازم أبو إسماعيل". وفي بداية المناظرة، أوضح د. سعد الدين إبراهيم أن الدعوة لدولة مدنية لا تعني محاربة الشريعة، وقال: "أقول المجتمع المدني وليس الإسلامي لأن أول وثيقة في التاريخ آمنت بالتعددية الحقيقية كانت صحيفة المدينة التي وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين 13 جماعة غير إسلامية، وفي عملنا مركز بن خلدون حملنا مفهوم المجتمع المدني باعتباره المدخل الحقيقي للدولة المدنية. وفي كلمته أوضح د. عبد المنعم الشحات أن الصورة الحالية من الديمقراطية منقول كثير من فواصلها عن الإسلام، ونحن نتفق على أن آليات الديمقراطية منبثقة عن آليات الشورى، وتساءل لماذا تركنا آليات الشورى ونتمسك بآليات الديمقراطية قط؟ فالعقل الإسلامي السلفي هو الذي أدى للديمقراطية" أضاف، أن النقطة الجوهرية في الديمقراطية أن بها أمور تعارض شريعة الإسلام رغم أنها أخذت آليات كثيرة من الشورى، مشيرا إلى أنه على استعداد لعمل مليونية للدفاع عن المدنية المنبثقة من الوثيقة المدنية التي وضعها رسول الله. واستطرد: "نحن نقول إن الشريعة حاكمة، ونرفض القول لا سياسية في الدين ولا دين في السياسة، والمدنية لا تقر بحاكمية الله"، مشيرا إلى أن الشريعة لها حكم لكل شيء، وأن الطرف الذي يريد فصل الدين عن السياسة ليس لها قاعدة ولا مصدر لها سوى العقلية العلمانية الغربية. الإسلام عقد بين الإنسان والله من جهة وبين الإنسان والمجتمع، وهذا العقد سابق على الدستور، وإذا كانت الأغلبية مقتنعة أن الشريعة هي التي تكون حاكمة فعلى الداعين للدولة المدنية ووفقا للديمقراطية أن يقروا ذلك. وقد وجه د. عبد المنعم الشحات سؤالا للدكتور سعد الدين إبراهيم حول الفروق بين العلمانية والمدينة، ولماذا تم اختيار مصطلح المدنية في الدعوة بدلا من العلمانية، حيث أجاب سعد الدين قائلا: " العلمانية لها ثلاث معان أوله معاد للدين تماما، وهو معنى وارد من فرنسا التي عانت من الكنيسة وحكمها، هناك معنى آخر وهو الذي يؤمن بالفصل بين الدين والدولة دون عداء، أما المعنى الثالث أمريكي وهو علمانية إيمانية. كما وجه سعد الدين ابراهيم سؤال للدكتور الشحات قائلا: "ما موقفك من التراث المصري القديم الذي به تماثيل من عصر الفراعنة؟ وهل تعتبرها أصناما؟ وهل وافقت على ما قام به طالبان من تحطيم تمثالا بوذا في أفغانستان؟". وأجاب د. عبد المنعم الشحات قائلا: "هذا سؤال ليس في صميم المناظرة، وأنا متنازل عن رأي في أي قضية قلتها حتى في قضية التماثيل، ولو هناك قضية بها بعد ديني ستثار سنحكتم فيها لمجمع البحوث حتى وإن كان الإسلاميون أغلبية، أما القول بأن التمثيل حرام رأي، والرأي الفقهي لا يمكن أن يتحول إلى عمل حتى تقول به الهيئة المختصة بالدولة في إصدار الفتاوى". وفي سؤال من د. منتصر الزيات عن موقفهما من تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي قال سعد الدين إبراهيم: "موقفي واضح وهو أن تحرير فلسطين واجب على من يقيمون فيها وعلى بقية العرب أن يدعموهم ويتضامنوا معهم، وإذا تحرر جزء من فلسطين فقد تحرر من الفلسطينيين أنفسهم وأكثر ما تستطيعه الأنظمة دعم الفلسطينيين، ولا يمكن أن تحرر دولة دولة أخرى". من جانبه، قال د. عبد المنعم الشحات: "أي نظام حكم بمصر يجب أن يحترم اتفاقية السلام، ولكن يجب علينا أن ندعو إلى المطلوب الذي يحتمه علينا الشرع، وكإسلاميين نقولإن قضية فلسطين قضية عاجلة عالمي، والواقع الآن أن النظام السياسي الديكتاتوري السابق وقع معاهدة سلام، فإنه يجب علينا الالتزام بها". وفي سؤال عن الدعوة للديمقراطية وتحقيقها بتداول السلطة بالأغلبية، ومحاولة الليبراليين تغيير قناعتهم السابقة بعد أن مكن الشعب الإسلاميين من السلطة لسحب ميزة الأغلبية من الإسلاميين، قال سعد الدين إبراهيم: "لا يوجد كلمة واحدة كتبتها للمطالبة بسحب البساط أو السلطة من الإسلاميين، وما أقوله إن الإخوان المسلمين فازوا بالأكثرية ومن حقهم الحكم" وفي سؤال من د. الزيات عن أن الإسلاميين قبل الثورة كانوا موزعين بين دعاة أو مسجونين إلا أنهم بعد الثورة آل لهم الحكم، فلماذا لم يتخلصوا من عقلية الداعي والتوجه للسياسية قال د. الشحات: "لا يمكن أن نخلص من فكر الداعي لأن الدعوة أصل تتضمن أصلاح الفرد والمجتمع والدولة، فالدعوة عندنا أصل والسياسة فرع منها، بل نريد أن يكون السياسي نصف داعية حتى يعرف مجموعة أحكام عامة". وعن الضباط الملتحين قال د. سعد الدين إبراهيم: "هذا موضوع جديد ولكن من حق كل فرد أن يمارس حريته وإن كانت مهنته ترفض ذلك فعليه أن يطالب بها في إطار الوسائل المشروعة". وحول تحكيم الشريعة في مصر قال، د. سعد الدين إبراهيم: "أي شيء يوافق عليه الأغلبية نوافق عليه جميعا، مؤكدا أن المدني لا يعادي الدين، مشيرا إلى أن هناك مخاوف بأن الإسلاميين يحولون مصر إلى أمارة إسلامية ضمن دولة خلافة يحلم بها البعض من أندونيسيا لنيجيريا. وعن حقوق المواطنة وموقف الإسلاميين قال عبد المنعم الشحات:"أنا مع حقوق المواطنة بمعناها الشمولي، ولا توجد مشكلة في قضية المواطنة عند تطبيق الشريعة التي كفلت حرية العقيدة، ولا ينبغي أن يصوغ الغرب". وعن عدم الأخذ بالتجربة التركية أو الرؤية التونسية قال د. عبد المنعم الشحات: "نحن في مصر وضعنا أفضل بكثير من حزب النهضة في ونس كما أننا لسنا بحاجة لإعادة صياغة التجربة التركية في مصر، فتاريخنا الدستوري والمجتمعي تجاه الإسلام يكفينا".