* 463 مليار جنيه "تائهة" بين الصناديق الخاصة وبنك الاستثمار * 8.5 ملايين مواطن يتقاضون معاشات شهرية 90% منهم فقراء * "التأمينات": أموال أصحاب المعاشات فى الحفظ والصون * ميرفت التلاوى: 435 مليار جنيه استولى عليها بطرس غالى لا يزال الجدل مستمرا والأقوال متضاربة حول مصير أموال التأمينات وأين هى؟ وهل هى موجودة فى الصناديق المخصصة لها؟ فيرى البعض أن الأموال التى تزيد عن 463 مليار جنيه غير موجودة، وأن حكومات النظام السابق ضمتها إلى موازنة الدولة وخصصت جزءا كبيرا منها للاستثمار. والبعض الآخر يقول: إنها موزعة بين عدة جهات منها بنك الاستثمار القومى ووزارة المالية، أما الحكومة فتؤكد أن أموال التأمينات فى الحفظ والصون، من جانبها تستغيث رابطة أصحاب المعاشات وتطلب التدخل للحفاظ على هذه الأموال. وأعدت وزارة المالية مذكرة قدمتها لوزارة التأمينات تتضمن حجم مديونية الخزانة وبنك الاستثمار القومى لصندوق التأمينات حتى نهاية العام المالى 2010 / 2011 والتى تقدر بنحو 445,3 مليار جنيه، حيث وصلت أعباء الخزانة العامة فى ظل النظام التأمينى القائم اعتبارا من العام المالى 80 / 81 وحتى 30 يونيو 2011 نحو 231,9 مليار جنيه خلاف ما يتم دفعه من فوائد الأذون والسندات التى تكتب فيها الصناديق سنويا، فضلا عما تتحمله الخزانة العامة سنويا لحصة الحكومة فى صندوق التأمين الاجتماعى للحكومة باعتبارها رب العمل والتى بلغت نحو 10 مليارات جنيه فى العام المالى 2011/ 2012 بالإضافة إلى ما تحمله بنك الاستثمار القومى من فوائد على أموال الصناديق للتأمين الحكومى اعتبارا من أول يوليو 1980 وحتى نهاية يونيو 2011 ومقدارها 186,7 مليار جنيه ليصبح إجمالى ما تحملته الدولة نحو 418,6 مليار جنيه. وتقول السفيرة ميرفت التلاوى؛ رئيس المجلس القومى للمرأة ووزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية السابقة، أن حجم أموال التأمينات التى استولى عليها بطرس غالى وقت أن كان وزيرا للمالية تقدر بنحو 435 مليار جنيه، والعجيب فى الأمر أنه لا أحد يعلم أين ذهبت تلك الأموال!. وأوضحت أن غالى قد يكون سد بها عجز ميزانية سنة، أو تم استثمارها فى مشروعات، أو أرسلها للخارج، فلا توجد إجابات لتلك الأسئلة ولم تجد المالية منها سوى 200 مليار جنيه، فى صورة صك موجود بأحد البنوك وليس بوزارة المالية. وأضافت التلاوى أننا بحاجة لوضوح الرؤية وإلى جهاز يختص بأموال التأمينات، مشيرة إلى أن دخول تلك الأموال فى البورصة تسبب فى خسائر كبيرة، لأن أموال التأمينات ليست مجالا للاستثمار وليست ملكا لأحد، وهو ما لم يكن يؤخذ به، مشيرة إلى أن حكومات النظام السابق كانت تسعى إلى الربح بأى صورة على حساب المواطنين الفقراء. وأوضحت التلاوى؛ أن ضم أموال التأمينات لميزانية الدولة هو السبب الرئيسى الذى سهل من عملية الاستيلاء عليها رغم أنها أموال خاصة، ولا يجب الاقتراب منها بأى صورة من الصور، وأشارت أن الكارثة بدأت حين تم إلغاء وزارة التأمينات، وضمها لوزارة المالية فأصبحت أموال التأمينات تحت قبضة بطرس غالى الذى أصبح يُحاسب نفسه بنفسه رغم أن أموال التأمينات تدر دخلا يوميا. وقالت: إنها حين كانت وزيرة تأمينات كانت عدة جهات تُحاسبها وهى وزارتا المالية والتخطيط وبنك الاستثمار أما غالى فلم يكن أحد يُحاسبه بعدما آلت إليه جميع أموال التأمينات. تعديل القوانين من جانبه يقول سعيد الصباغ "الأمين العام للنقابة العامة لأصحاب المعاشات، وعضو مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات": إن أزمة التأمينات تعد مشكلة قديمة بدأت مع إنشاء بنك الاستثمار القومى حيث أعطى القانون الحق لهذا البنك باستثمار أموال المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات دون أى ضابط أو رابط، وازدادت المشكلة مع حدوث عجز فى الموازنة العامة حيث كان يتم سد هذا العجز فى أحيان كثيرة من هذه الأموال. وأضاف الصباغ أن الأمر الأغرب فى هذا الموضوع؛ هو صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 72 فى شهر يناير عام 2006، والذى ينص على إلغاء وزارة التأمينات وضم الصناديق لوزارة المالية، فأصبح شخص واحد يتحكم فى هذه الأموال هو وزير المالية وقتها بطرس غالى، وأصبح يُقرض نفسه من نفسه، دون أى ضابط أو رابط حيث اعتبر أموال أصحاب المعاشات هبة من السماء، خاصة بعد ما أصدر القانون رقم 135 لسنة 2010 لمحو الدين الموجود والمتراكم على وزارة المالية بحجة أن أصحاب المعاشات ليس لهم إلا معاشاتهم الشهرية التى تضمنها الخزانة العامة للدولة فى نص الدستور. وتابع أن بطرس غالى طبق هذا القانون فى ميزانية 2010 واستبعد قيمة الصكوك التى تمت فى ذلك الوقت لصالح صناديق المعاشات بقيمة 198 مليار جنيه، والتى تم إسقاطها من الدين العام، مشيرا إلى أن غالى شرع فى إسقاط المديونية من الدين العام، وكأن هذه الأموال بلا صاحب أو ليست حصيلة عرق ودم السنين لمواطنين مصريين يبلغ عددهم قرابة 8,5 ملايين شخص 90% منهم فقراء ظلوا فى العمل لمدة تتقارب من ال40 عاما. وكشف الصباغ أن أرصدة التأمينات تبلغ 463 مليارا و219 مليون جنيه، موزعة على النحو التالى: 2 مليار و429 مليون جنيه فى صناديق الاستثمار، و6 مليارات و223 مليون جنيه ودائع بالبنوك، فى حين تبلغ صكوك وزارة المالية والخزانة العامة 212 مليارا و184 مليون جنيه، أما بنك الاستثمار القومى فتبلغ قيمة أموال التأمينات به 46 مليارا و461 مليون جنيه، وفيما يتعلق بالاستثمارات فى الأوراق المالية فتبلغ قيمة التأمينات 8 مليارات و26 مليون جنيه، أما السندات الحكومية فتبلغ 24 مليارا و801 مليون جنيه، وبالتالى فإن إجمالى الأصول يبلغ 318 مليارا و105 ملايين جنيه، موضحا أنه بإضافة 142 مليار جنيه ديون وزارة المالية فإن الإجمالى يبلغ 463 مليارا و219 مليون جنيه. وقال الصباغ: إن أموال التأمينات ترتفع من عام لآخر بنسبة تصل إلى 20%، ولكن دون مردود على أصحابها نتيجة القوانين الظالمة المنظمة لذلك، منها القانون 130 لسنة 2009 والذى خفض قيمة المعاشات فى يوم واحد 50%، وتساءل: هل يُعقل أن يكون معاش الضمان الاجتماعى الذى تعطيه الدولة منحة لعدد من الفئات الحد الأدنى له أعلى من المعاش الذى سدد أصحابها اشتراكات على مدار 20 عاما. وطالب الصباغ بإصلاح منظومة القوانين التأمينية وإقرار حد أدنى حقيقى يتناسب مع ما يحصل عليه العامل أثناء فترة عمله، وأن تكون هناك قوانين صارمة تحمى العمالة المصرية من اعتداء رجال الأعمال فيما يختص من اشتراك العاملين لديهم فى التأمينات بالأجور الحقيقية حتى لا يخرج هؤلاء إلى المعاش فإذا بهم يفاجئون بتقاضى 15% من راتبهم فى الوقت الذى يجب أن يتقاضوا 80%. فى الحفظ والصون أما ثريا فتوح "رئيس الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية" فتنفى كل هذا وتؤكد أن أموال المعاشات آمنة تماما وهى دين على الحكومة للأفراد المستحقين لها وذلك بنص القانون الذى يحمى تلك الأموال، مشيرةً إلى أن القيمة الحقيقية لأموال التأمينات لا يمكن التلاعب بها أو إخفاؤها؛ حيث إن صناديق التأمينات عبارة عن هيئات اقتصادية. وأضافت فتوح أنه نظرا للظروف الاقتصادية الحالية التى تمر بها البلاد؛ فإنه تمت جدولة ما قيمته 41 مليار جنيه يتم سدادها على مدار 10 سنوات غير قابلة للتداول؛ لأنها فى خزانة الدولة التى تعد ضامنة لأموال التأمينات فلا يمكن بأى حال من الأحوال ضياع حقوق أصحاب المعاشات، خاصة فى ظل مراجعات سنوية للقيمة الإجمالية للمديونية كان آخرها شهر يونيو الماضى. وأوضحت أن الدين مثبت من خلال 212 صكا بعائد سنوى يقدر ب8% تمثل سيولة مالية تقوم هيئة التأمينات بصرف المعاشات لمستحقيها من خلال ذلك العائد السنوى، لافتة إلى أن هناك اجتماعات شبه دورية بين وزارة التأمينات ووزارة المالية فضلا عن مجلس الوزراء لتسديد المديونيات فى صورة أصول وأسهم ناجحة من خلال إعداد دراسة جدوى.