وصلنى تعليق من باحث سياسى قدير حول مقالى الأخير بعنوان "إعلام بلا ضمير.. الإبراشى نموذجا"، ونظرا لأهمية الكلام الذى طرحه كان واجبا علىَّ نقله بحيادية تامة مع التعليق.. يقول: يتوجب على أى حزب ذى منطلقات إسلامية أن يقدم نموذجا مشرفا فى التعامل مع خصومه وبشكل خاص فى التعامل مع خصومه الشرفاء ذوى التاريخ النضالى فى مواجهة استبداد النظام السابق وهو أمر معروف لدى الجميع. ومستشار الرئيس د. سيف عبد الفتاح هو رجل قدير ومعروف للكافة منذ النظام السابق، لم يراع وظيفته كمستشار للرئيس، وسمح لنفسه بالانزلاق فى نفس المنحى دون أى داعٍ لذلك، خاصة أن خصمه على الجانب الآخر معروف للجميع ببذاءاته والمشاهد يتوقع منه ما قاله، أما العكس فهو غير صحيح، بل كان صادما لمن يعرفون الرجل ويتابعون أطروحاته منذ زمن بعيد. الموضوع ببساطة أن الفصيل المناوئ للسلطة الحاكمة اليوم يوظف الإعلام بشكل احترافى لخدمة أهدافه وهو شىء طبيعى فى سياق هذا الصراع المقبول فى النظم الديمقراطية، ويبقى أن نواجهه بنفس الاحترافية والكفاءة؛ لأن الفضاء الإعلامى بات مفتوحا للجميع، وعلى الأكفأ والأجدر أن يثبت ذلك أمام الجمهور أيضا وفى الموقع نفسه، فإذا لم نفعل ذلك، فكأننا نقول إن مسار النظام السابق كان صحيحا وأن مهاجمة خصومه كانت مسلكا مقبولا، وإلا فلماذا نُصرّ على سلوك المسار نفسه. أعتقد أن شبابنا بحاجة لمراجعة مواقفهم الأخيرة وإجراء التصحيح الواجب سريعا، وإلا فإن البديل هو مزيد من الاستبداد والمواجهة العنيفة وهو خيار غير مأمون العواقب.." انتهى. أتفق قلبا وقالبا مع صديقنا العزيز حول تعليقه؛ لأن المصريين بعد ثورة 25 يناير لم يعد مقبولا لديهم حفلات الاستخفاف بالعقول التى كان النظام المخلوع ينظمها من قبل، ومن ثم فمن يسلك طريق التضليل والتدليس لن يجنى شيئا سوى إهدار الجهد والمال. إذًا لو أردنا إبطال مفعول سحرة الإعلام تجاه المشروع الإسلامى، فينبغى علينا جميعا إدراك ضرورة ممارسة الإعلام بنفس الاحترافية والكفاءة؛ لأن البقاء سيكون للأكفأ والأصلح.. والمسألة فى مجملها تتلخص فى كيفية استخدام الأدوات الإعلامية بحرفية ومهارات فائقة لتحقيق الأهداف المرجوة، حتى وإن تطلب الأمر الاستعانة بأهل المهنة من غير المنتمين للتيار الإسلامى، لأنهم فى النهاية "صنايعية". كذلك لا بد من التحرك الميدانى وسط الناس فى كل محافظات مصر من أجل رفع مستوى الوعى الثقافى والتعليمى، وبناء عقول قادرة على لفظ من لا يحترمها، وكما قال الرئيس البوسنى الأسبق على عزت بيجوفيتش كلمته المشهورة والتى توزن بماء الذهب: «ليسهناك دواء للصحفيين المستعدين للكذب فى دولة ديمقراطية، سوى رفع سوية الشعب، والارتقاء بمستوى التعليم والثقافة العامة، بحيث يستطيع الناس أنفسهم تمييز الكذب من الحقيقة، والغث من السمين».. فهل من مدكر؟!