لا يمر يوم إلَّا ويمتعض علي عبد العال، رئيس مجلس نواب العسكر، من «تزويغ النواب» وعدم حضورهم الجلسات، ما يعطل أعمال المجلس ويعوق عملية إصدار التشريعات. وبحسب مراقبين فإن هذه الظاهرة كانت منتشرة في كل مجالس حسني مبارك، ثم اختفت مع برلمان الثورة الذي تم حله بعد ستة شهور فقط، ثم عادت مرة أخرى مع مجلس نواب العسكر وانقلاب 30 يونيو المشئوم. وأثار غياب عدد كبير من النواب عن جلسة البرلمان التى عُقدت، أمس، غضب عبد العال، وعدد من النواب الذين التزموا بالمواعيد الجديدة لانعقاد الجلسات البرلمانية فى العاشرة والنصف صباحا. وقال «عبد العال»: «نتحدث دائما عن حضور النواب، وضرورة الالتزام بالمواعيد، ولا بد أن نصل إلى حل فيما يتعلق بهذا الأمر». وكان برلمان العسكر قد تعثر فى جلساته المنعقدة على مدار اليومين الماضيين فى إقرار 5 مشروعات قوانين بشكل نهائى، وتتطلب الموافقة عليها تصويت ثلثَى أعضاء المجلس، باعتبارها من القوانين المكملة لدستور العسكر. وفى مقدمتها قانون المنظمات النقابية الجديد، وتعديل قوانين المواريث، واختيار نائب الوزير، ومحاكم الأسرة. أبرز المُزوغين وأشارت المصادر، بحسب صحيفة "الوطن"، إلى أن اجتماع اللجنة العامة المزمع عقده قريبا، بحضور جميع الهيئات البرلمانية، سيطلب إعلان أسماء النواب دائمى الغياب عن الجلسات البرلمانية منذ بداية دور الانعقاد الحالى، وعلى رأسهم عبد الرحيم علي، والدكتور أسامة الأزهرى مستشار السيسي للشئون الدينية. ولميس جابر، إضافة إلى أحمد مرتضى منصور، الذى لم يتحدد قرار إسقاط عضويته بموجب حكم المحكمة. ويوضح ثروت بخيت، عضو اللجنة التشريعية بمجلس نواب العسكر، أن العقوبات فى اللائحة متدرجة بالنسبة لغياب النواب عن الجلسات، وتصل إلى حد إسقاط العضوية حال إخلال العضو بواجبات عضويته، لافتاً إلى أن من أول واجبات العضوية حضور النائب للجلسات. وكيل المجلس: «ظاهرة موروثة» من جانبه، قلل سليمان وهدان، وكيل مجلس نواب العسكر، من ظاهرة غياب وتزويغ النواب، ورغم وصفه لذلك بالخطأ إلا أنه برر ذلك، خلال اتصال هاتفي ببرنامج «الحياة اليوم»، المذاع عبر فضائية «الحياة»، الإثنين الماضي، بأنه «ظاهرة موروثة»، إضافة إلى أن النواب "وفقا لوهدان" عليهم ضغوط من دوائرهم، وقد يترددون على مكاتب الوزراء لأكثر من مرة لتلبية مطالب أهالي دوائرهم. وكان مجلس نواب العسكر قد رفع بدلات حضور الجلسات من 250 جنيها للجلسة الواحدة إلى 300 جنيه، وذلك منتصف يونيو 2016 عندما تفاقمت الظاهرة بصورة كبيرة، إلا أن هذا الإجراء لم يضع حدا للظاهرة التي باتت فضيحة لمجلس نواب جاءت به الأجهزة الأمنية، ولا يمثل الشعب المصري في شيء. لماذا اختفت هذه الظاهرة من برلمان الثورة؟ ولم يشهد برلمان الثورة هذه الظاهرة "غياب النواب أو تزويغهم بعد توقيع الحضور"، وذلك لأسباب متعددة بحسب خبراء ومراقبين، منها أنه كان برلمان الشعب كله، حيث شارك 27 مليون مصري في اختيار نوابه لأول مرة في تاريخ البلاد، وشهدت انتخاباته التي أجريت بين شهري نوفمبر 2011 حتى يناير 2012 أنزه صورة وأكثر مشاركة، وطوابيره الطويلة الممتدة أمام اللجان كانت خير شاهد. وثاني الأسباب أن برلمان الثورة تنوعت تشكيلته وضمت كل أطياف الشعب المصري، من إسلاميين إلى يساريين وليبراليين وفلول النظام السابق ومستقلين وغيرهم. وحصل التحالف الديمقراطي، الذي ضم حزب الحرية والعدالة وغد الثورة "أيمن نور" والكرامة "حمدين صباحي" وأحزابًا أخرى، على 238 مقعدا بنسبة 47.2%، كان نصيب حزب الحرية والعدالة وحده منها 218 عضوا، بنسبة "43%"، وذلك من إجمالي 498 مقعدا. أما التحالف الإسلامي (النور والبناء والتنمية والأصالة) فقد حصل على 127 مقعدا بنسبة 24 %، منها 111 مقعدا لحزب النور، و13 مقعدا للبناء والتنمية، و3 مقاعد لحزب الأصالة. وجاء حزب الوفد في المرتبة الثالثة بعد حصوله على 39 مقعدا بنسبة 8%، يليه تحالف الكتلة المصرية (المصريين الأحرار والمصري الديمقراطي والتجمع) بحصوله على نحو 34 مقعدا، وحصل حزب الوسط على 10 مقاعد بنسبة 2% تقريبا، وحصل حزب الإصلاح والتنمية على 8 مقاعد، وحصل تحالف الثورة مستمرة على 7 مقاعد. كما حصل حزب مصر القومي والحرية على 5 مقاعد لكل منهما، بينما حصل حزب المواطن مصري على 4 مقاعد، وحصل المستقلون الذين خاضوا الانتخابات منفردين على 26 مقعدا، ولم يتمكن 22 حزبا من تجاوز عتبة 0.5% من الأصوات المطلوبة لدخول البرلمان. وبناء على هذه التنوع وتلك التشكيلة؛ يعد برلمان الثورة هو الأكثر كفاءة وتمثيلا للشعب منذ عقود طويلة.