من الجرائم المنسية للديكتاتور جمال عبد الناصر والتي يتجاهلها الإعلام، تفريطه في آثار مصر، خصوصا "الآثار النوبية"، حيث فرَّط في معابد وآثار في غاية الروعة والعظمة، لكلّ من أمريكا وإسبانيا وهولندا وغيرها من بلاد الغرب، التي كان يتشدق الديكتاتور بالتصدي لها والوقوف أمام أطماعها!. ومع البروباجندا التي أطلقها العسكر في عهد عبد الناصر لإقامة مشروع السد العالي، ووصفه بأنه يمثل النقلة الحضارية لمصر، وبدونه لن يحدث تقدم أو نهوض، قرر الديكتاتور إقامة المشروع دون النظر لسلبياته، ومنها تهجير جميع القرى النوبية التي كانت تقيم منذ آلاف السنين في هذه المنطقة. وكذلك تهديد المشروع للآثار المصرية عن طريق رفع مستوى المياه الجوفية، ما يهدد بتدمير الآثار في أسوان وبلاد النوبة. لم يسعَ عبد الناصر حتى إلى نقل هذه الآثار، ولكنه قرر التفريط فيها وأهداها بلا مقابل لدول غربية كانت توصف في عهد الديكتاتور بالدول المعادية والإمبريالية الغربية. وبرر الديكتاتور تصرف عبد الناصر بأنه جاء تقديرا لمجهودات هذه الدول في إنقاذ معبد أبو سمبل بالتعاون مع منظمة اليونسكو. وفي ذكرى وفاة الديكتاتور، والتي توافق يوم 29 سبتمبر من كل عام، نرصد هذه الآثار في هذا التقرير. 1- معبد ديبود شيَّده الملك النوبي "آخر آمون"، أحد ملوك دولة "مورى"، على الطراز المصري لعبادة الإله آمون، منذ ما يقرب من 300 عام قبل الميلاد جنوبأسوان، بالقرب من الشلال الأول في منطقة دابود، على الضفة الغربية لنهر النيل. وأهدى عبد الناصر معبد "ديبود" إلى دولة إسبانيا عام 1968م، وأعيد بناؤه في حديقة "دل أويسته"، بالقرب من القصر الملكي في مدريد، وافتُتح أمام الجمهور في أغسطس 1972م. 2-معبد دندور معبد روماني، شُيِّد جنوبأسوان أمام قرية دندور في عهد الإمبراطور أغسطس، الذي أهداه بدوره إلى الإله إيزيس، بجانب شخصين عاديين اعتُبرا بطلي حرب هما "باديسه" ويعني "عطية إيزيس"، و"باحور" أي "عبد حوريس". وأهداه الديكتاتور إلى الولاياتالمتحدة التي بذلت مجهودًا ضخمًا لنقله من مكانه الأصلي. 3-معبد طافا يقع معبد طافا، أو "تافيس باليونانية"، على بعد 48 كيلو جنوبأسوان، وتم تشييده في العصر الروماني، بين العامين الأول والرابع عشر بعد الميلاد، ويعتقد أنه بني في عهد الإمبراطور أغسطس. وأهداه الديكتاتور إلى هولندا، وفي عام 1971م وصل إلى متحف الآثار بمدينة ليدن، وأعيد تركيبه وحفظه بالشكل الذي لا يؤثر بالسلب على أحجاره. 4- مقصورة الليسيه في الأصل كانت منحوتة في الصخر شمال قصر أبريم، ويعود تاريخ بنائها إلى عام 43 من حكم الملك تحتمس الثالث. وأهدى الديكتاتور المقصورة إلى دولة إيطاليا عام 1966م، ونقل إلى مدينة تورينو؛ ليوضع بجوار المتحف هناك. 5- البوابة البطلمية بمعبد كلابشة شُيِّد معبد كلابشة في عهد الإمبراطور الروماني أغسطس في الفترة بين "30 ق.م – 14م"، ويشبه في تخطيطه المعابد المصرية في عصر الدولة الحديثة. وقديمًا كان يقع المعبد على الضفة الغربية لنهر النيل على بعد 55 كم جنوبأسوان، وتسبب بناء الخزان في تغطيته بالمياه على مدار تسعة أشهر في العام. وقدر للمعبد أن يغرق كاملًا؛ لذا قام مركز تسجيل الآثار المصرية بالتعاون مع البعثة الألمانية بإنقاذه ونقله إلى مكانه الحالي. وبالفعل نجحت البعثة الألمانية في بناء المعبد بمنطقة صخرية مرتفعة خلف السد العالي. وتقديرًا لمجهوداتها أهدى لألمانيا البوابة البطلمية من داخل معبد كلابشة، ومتواجدة حاليًا في الجانب المصري بمتحف برلين.