يتمسك قائد الانقلاب العسكري بمقولته المشهورة "احنا فقراء أوي" في كل حديث يبشر فيه الغلابة بالفقر والجوع ويدعوهم للتقشف، إلا أن رواتب الجهات السيادية ومكافأتهم ومن ضمنها الشرطة والجيش والقضاء وأصحاب الحظوة والمرضي عنهم، تؤكد أن مصر لم تكن فقيرة إلا على الشعب المطحون، في حين تفتح ذراعها لكل من يخدم سلطات الانقلاب، ويعمل في محيطها. هذا ما كشفه النائب طلعت خليل عضو لجنة الخطة والموازنة ببرلمان العسكر، أي نائب برلماني يواظب على حضور جلسات المجلس، ولا يتغيب عنها مطلقًا يتراوح أجره ما بين 20 و22 ألف جنيه شهريًا. وأضاف خليل، في لقاء ببرنامج "صالة التحرير"، المذاع على فضائية "صدى البلد"، مساء أمس الأربعاء، أن كل عضو بمجلس النواب يتقاضى مكافآة شهرية قيمتها 5 آلاف جنيه، لافتًا إلى تقاضي كل عضو لبدل حضور جلسات الجلسة بقيمة 150 جنيهًا عن الجلسة الواحدة، فضلًا عن بدل حضور لجنة بقيمة 75 جنيهًا لكل اجتماع لجنة هو أحد أعضائها. واستطرد: "بعض الأعضاء يحضرون الجسات والبعض الآخر يتغيب، لذا فلا يتقاضى كل الأعضاء نفس المبالغ شهريًا"، مؤكًدا أن عضو مجلس النواب ليس موظفًا، ولا يتقاضى أجرًا سوى راتبه من البرلمان. مصر المنهوبة وعلى الرغم من ارتفاع راتب النائب في برلمان العسكر الذي يص ل 22 ألف جنه، في الوقت الذي مازال هنام 30 مليون مواطن من الشعب المصري ينفق أقل من 400 شهريا، إلا أن النائب زعم أن ما يتقاضاه من البرلمان لا يكفي مصروفاته الشهرية؛ "لأنني امتلك مكتبًا لخدمة المواطنين بإيجار شهري، ويعمل لدي موظفين، والتزم بسداد فواتير استهلاك الكهرباء والمياه وغيرها من الالتزامات". ومع رواتب نواب العسكر، كان قد كشف نائب أخر أن رواتب الدبلوماسيين في وزارة الخارجية وسفراءها يزيد على 45 ألف دولار، ليتفوق رواتب البلوماسيين على رواتب سفراء دول الخليج التي تتضخم أموالها من خلال النفط، فضلا عن ارتفاع رواتب القضاة والضباط الجيش والشرطة، والتي كشفت عنها تقارير صحفية متتالية، أكدت أن أقل راتب يحصل عليه ضابط شرطة هو عشرين ألف جنيه، فضلا عن الرشاوى والفساد التي امتلك بها أصحاب هذه المناصب ثروات هذا الوطن المنهوب. دولة غنية فما انتقد الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة رئيس تحرير الأهرام الأسبق، بعض التصريحات التي تفيد بأن مصر دولة فقيرة في الوقت الذي ينفق فيه البرلمان ببذخ على شراء عدة سيارات لرئيسه ووكيليه. وقال سلامة في مقال نُشر له ب"المصري اليوم" الخميس، تحت عنوان "مصر الفقيرة" إن الدولة " بدليل أنها تعاقدت على الرافال والميسترال فى عز أزمتها الاقتصادية، دولة غنية بدليل أنها الوحيدة فى العالم الآن التى تُشيد عاصمة إدارية، دولة غنية بدليل أنها تنازلت ذات يوم عن أهم جزيرتين بحريتين، ذلك أن التنازل عادة يكون عن الفائض".. مشيرًا إلى أن مصر غنية: " بدليل زيادة رواتب ومعاشات الأجهزة السيادية أكثر من مرة". وأكد سلامة أن مصر "دولة غنية ، بدليل ال64 مليار جنيه التى تم جمعها من الشعب طواعية خلال أسبوع واحد، دولة غنية بدليل أننا لا نعلم شيئاً عن مصير نحو 50 مليار دولار مساعدات خليجية، أو أوجه إنفاق 36 ملياراً أخرى كانت تمثل الاحتياطى النقدى للبلاد، مصر دولة غنية بدليل ما تم جمعه لصندوق تحيا مصر، بدليل صبّح على مصر بجنيه، بدليل التنازل عن الفكّة، بدليل حجم تحويلات المصريين بالخارج، بدليل حجم احتياطى النفط والغاز، بدليل احتياطى الذهب والمعادن والمحاجر، بدليل نهر النيل، بدليل قناة السويس، بدليل أنها تطل على البحرين الأبيض والأحمر، بدليل البحيرات والقرى السياحية، بدليل وجود الأزهر وجامعته، وجود أضرحة آل البيت، وجود بنية تحتية واسعة، وجود السد العالى". وتابع: " مصر دولة غنية بدليل أنها تعاقدت على الرافال والميسترال فى عز أزمتها الاقتصادية، دولة غنية بدليل أنها الوحيدة فى العالم الآن التى تُشيد عاصمة إدارية، دولة غنية بدليل أنها تنازلت ذات يوم عن أهم جزيرتين بحريتين، ذلك أن التنازل عادة يكون عن الفائض، دولة غنية بدليل حجم الودائع بالبنوك، دولة غنية بدليل أن سكانها يعيشون على 10٪ من الأرض، ولم تستغل حتى الآن ال90٪ الباقية، دولة غنية بدليل حجم الأموال المودعة بالخارج، بدليل حجم استثمارات المصريين بالخارج، بدليل أنها احتلت المركز الأول عربياً فى شراء العقارات بإمارة دبى، بدليل حجم الهدر والإنفاق الحكومى الأعلى فى المنطقة، بدليل حجم تعاملات البورصة، بدليل حجم ثروات واقتصاديات الأجهزة السيادية". واستطرد: "مصر دولة غنية بدليل حجم ما يُنفق على مواكب المسؤولين، حتى لو كانت من خلال دراجات هوائية، أو الجوز الخيل والعربية، مصر دولة غنية بدليل لاندكروزر وزير الأوقاف، بدليل حجم الفساد الذى يتم الكشف عنه بصفة يومية، بدليل أعداد المستشارين بالجهات الحكومية ورواتبهم، بدليل ما يُنفق على المؤتمرات التى لا فائدة منها، بدليل القصور الرئاسية التى تم بناؤها، بدليل زيادة رواتب ومعاشات الأجهزة السيادية أكثر من مرة، بدليل أن هناك جهات خارج رقابة الأجهزة المختصة، بدليل هذا العدد الضخم من السجون الذى تم تشييده خلال السنوات الأخيرة، بدليل أننا نتصدر عالمياً قائمة الدول الأكثر فساداً. لا أستطيع الاقتناع أبداً بأن مصر دولة فقيرة، بسواحلها البحرية والنهرية، بشمسها ودفئها، بآثارها وتراثها، بثرواتها الطبيعية، بثروتها البشرية، بتاريخها، بعلمائها، مصر التى كانت ذات يوم تُقرض كبريات دول العالم، التى كانت تستخدم العمال من القارة الأوروبية تحديداً، مصر التى كانت عملتها المحلية الأقوى عالمياً، مصر التى نشرت العلم والمعلمين فى كل دول المنطقة، كل ذلك استمر طوال فترة الحكم الملكى". وقال سلامة "إذا كانت هناك حكومات لا تستطيع الإدارة و هناك سيطرة من غير الأكفاء على المواقع القيادية ، و مشروعات لا تحصل على حقها من دراسات الجدوى المسبقة ، و فشل ذريع فى استغلال موارد الدولة وودائع مواطنيها ، إذا كانت هناك نسبة النصف فى المائة التى تستحوذ على 80٪ من الثروة فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كنا أمام دولة لا تستطيع تحصيل ضرائبها كما يجب فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كان هناك نظام يستمرئ الحصول على القروض الأجنبية دون أسباب منطقية، بما رفع من حجم الديون لأرقام غير مسبوقة فهذا ليس ذنب الشعب، إذا كنا ننفق على مؤتمرات وهمية، اقتصادية وشبابية، فهذا ليس ذنب الشعب. وأكد أن المشكلة لم تكن يوماً ما فى فقر مصر الدولة، ولا حتى مصر الشعب، المشكلة دائماً وأبداً كانت فى الإدارة، هى أزمة مصرية خالصة، عدم استكمال ما بدأه السابقون، العكس دائما هو الذى يحدث، تشويه السابقين، التذرع بالميراث الثقيل، بالتركة المتخمة، الجديد الآن هو التبشير بالفقر، التبشير بالأسوأ، نشر الإحباط، لذا أجد فى بذخ البرلمان أمراً إيجابياً، أجد فى سيارات رئيس المجلس ووكيليه معانى مختلفة، فقط أختلف معهم فى أن تكون السيارات مصفحة، أو مُعدة بأجهزة تشويش، وكأنهم مستهدفون مثلاً، لا قدر الله، رغم أنهم يعلمون يقيناً أنهم لا يشغلون اهتمام المواطن، لا من قريب ولا من بعيد!.