أكد الكاتب الصحفي وائل قنديل، أنه لم يتبقًّ لقائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي من كارثة تعويم الجنيه إلى فضيحة بيع الجزيرتين للسعودية، سوى عضلات أمنية، وحناجر عقور، وذلك بعد تآكل المساحة الشعبية، المصنوعة، تحت أقدام الجنرال البليد، بأسرع من التوقعات، إذ يتنقل من فشلٍ إلى فشل، ويتلعثم في سياساته، كما في كلماته، والمحصلة: حالة انكشاف تام أمام أشدّ مؤيديه. وأضاف قنديل -خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الأربعاء- أن السيسي ونظامه يقفان عاريين أمام حقائق الواقع التي تنطق إن المسألة ليس انعدام كفاءة، فقط، وإنما هي، عدم جدارة معرفية وأخلاقية، وجهل كامل بمقتضيات التاريخ والجغرافيا، واصفا إياه بالتاجر الذي يبيع أي شيء، بأيّ ثمن، من دون أدنى اعتبار لقيم الحق والواجب، وضارباً بمقتضيات الحلال والحرام عرض الحائط، مفترضاً أن الشعب سيصفق له، كلما أخرج من أكمامه بعض الخبز والأموال. وأشار قنديل لحكم القضاء الإداري، بخصوص جزيرتي تيران وصنافير، أمس، والتي تعتبر دليل على خيانة السيسي في بيع التراب الوطني، واستهانة بالقسم والدستور، مضيفا: "يتابع السيسي الانهيارات المدوية في أرضية مؤيديه، فيهرع لاستدعاء الجيش والشرطة والمخابرات، مستعرضاً عضلاته الأمنية، على شعبه، معلناً وضعية الاستعداد القتالي، بمواجهة كل من يقترب من الكرسي، وفي الخلفية تنفجر بالوعات إعلامية، تقذف حمماً فاشيّة، وتحرّض على قتل (وإبادة) كل من يفكر في التظاهر ضده". وأكد أنه لن يبقى للسيسي، سوى مليشيات رجال الأعمال الذين راهنوا على سلطة الانقلاب، وربطوا مصيرهم بها، وهؤلاء أكثر ذعراً، وأشد كرهاً للغضب الشعبي من السلطة نفسها، وما لدى هؤلاء سوى إسناد من قطاعات شعبية، تستفيد بما يتساقط من فتات موائدهم، خاصة وأنها قطاعات صارت غير قادرةٍ على الحياة في أجواء القانون والمعايير الأخلاقية، غير أن قسماً كبيراً من هؤلاء أدرك أن الأمور صارت من السوء، بحيث باتت مصالحهم مهدّدة، فبدأوا ينصتون لدعوات الاحتجاج والغضب، مع وصول منحنى التوحش الرأسمالي إلى درجاتٍ غير مسبوقة، بما يهدّد وجودهم ذاته. وقال إنه على الصعيد الخارجي، تبدو وضعية "طفل العالم المبتسر" التي يبتز بها السيسي المواقف الدولية، في حالة تآكل وانكماش، خصوصاً على وقع أزمته مع السعودية، فيجد نفسه مكشوف الظهر، فيلعب على حبالٍ جديدة، فيتنقل من الولاء الكامل للرياض إلى سياسة إخراج اللسان، وتلعيب الحواجب، والتلويح بالدخول في علاقةٍ كيديةٍ مع طهران، للضغط على السعوديين، فيحصل فيلم سينمائي عن مليشيات الحشد الشعبي"الشيعي" على جائزة في مهرجان في القاهرة، وتلعب وسائل الإعلام في مساحة تأكيد زيارة وزير البترول المصري إلى إيران، ثم نفيها، بحثاً عن وقود. وقال قنديل: "باختصار شديد، لم تكن أحوال عبد الفتاح السيسي على هذا السوء، من قبل، ولم تكن مشاعر الغضب الشعبي على هذه الدرجة من التأجج، لكنه الغضب اليتيم الذي يبقى بلا مظلةٍ، كون المعارضة لا تزال تتعامل باستعلاء شديد، مع أصوات الغلابة، وتواصل رفاهية الثرثرة في أبراجها، أو بوتيكاتها التي تتغير ألوان واجهاتها، من دون تغيير في بضاعتها، أو خطابها المجفّف".