* 57 طالبة داخل المعتقلات و3 مفقودات * الانقلاب يستعيد أمجاد الستينيات في اعتقال الحرائر لا يزال المقام يتسع في تلك أيام الهجرة العطرة للحديث عن الدروس والعبر المستخصلة من هجرة النبيصلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، فرارا بدينه من بلاد القمع والملاحقة والقتل والتشريد إلي موطن الدعوة ورحابة الحرية، إلا أن الدرس هذه المرة نأخذه من أحد صناديد الكفر -ربما لأنه لم يكن يدرك أن هناك من هو أشد وأكثر قمعا- عندما دخل أبو جهل بيت صديق رسول الله أبوبكر لملاحقة سيد الخلق بعد أن وضعته قريش على قوائم الممنوعين من السفر.
أبو جهل الذي دخل بيت خليفة رسول الله في جمع من كفار مكة، لم يجد سوى ابنته أسماء، فقال لها: أين أبوك يا بنت أبي بكر؟ فقالت: لا أدري والله أين أبي، فرفع أبو جهل يده ولطم خدها لطمة قوية طرح معها قرطها، ثم خجل من نفسه فتركها وغادر المنزل، وقال لمن معه اكتموها عليّ لئلا تتحدث العرب أنّا ضربنا النساء.
الأمر مع أبو جهل العصر الحديث وصناديد القمع في زمن الانقلاب، يبدو مختلفا تماما فلا حياء من ضرب النساء ولا غضاضة في اغتصاب الحرائر ولا أزمة في اعتقال الطالبات، في مشهد يندى له الجبين خجلا على ضياع النخوة ونضوب الرجولة في عروق من هم من بني جلدتنا ومحسوب –كذبا- على ديننا، بعد تزايد عمليات اعتقال الطالبات والتنكيل بالحرائر واستحياء النساء من أجل حفظ أمن العسكر وتعبيد الطريق لقواده والقضاء على مكتسبات ثورة 25 يناير.
زهرات الثورة منذ بداية الدراسة هذا العام بالجامعات المصرية، وقوات أمن الانقلاب تشن حملة اعتقالات واسعة ضد الطالبات اللاتي يشاركن في التظاهرات الطلابية المناهضة للحكم العسكري في مصر، من أجل كسر إرادة زهرات الثورة ونبضها ووقودها، حتى وصل عدد الفتيات داخل المعتقلات إلى 57 طالبة بينهن 3 مفقودات.
ملف الفتيات المعتقلات يكشف مدى حالة الهياج الأمني التي سيطرت على داخلية الانقلاب، مستعيدة أمجاد الستينيات في اعتقال الحرائر والتعدي عليهن من أجل كسر شوكة الطلاب، ومحاولة بائسة لوأد حراك الطالبات، إلا أن عقليات العسكر يبدو أنها دائما وأبدا تعاني من القصور في التفكير وانعدام الرؤية المستقبلية واستقراء التاريخ، خاصة وأن الاعتداء على النساء يشعل الثورات لا يخمدها ويؤجج جذوة النضال لا يطفئه.
مرصد نساء ضد الانقلاب كشف عن اعتقال 34 فتاة في القاهرة والجيزة كلهن محبوسات في سجن القناطر، ما عدا فتاة واحدة فقط لا تزال في قسم الشرطة، فيما تقبع في سجون الانقلاب في باقي المحافظات فيها 20 فتاة موزعات على أقسام الشرطة والسجون العمومية، ووصل عدد المفقودات من قبل الأمن واللاتي لم تستدل أسرهن عن أماكن احتجازهن 3 فتيات من محافظات مختلفة.
وكشف "مرصد طلاب حرية" الانتهاكات التي تمت بحق الطالبات خلال يوم واحد فقط –فى مسيرات جمعة العسكر يبيع سيناء- باعتقال 15 طالبة، مؤكدا أن خطف الفتيات يخالف بشكل صارخ كافة القوانين.
وشهدت الأيام القليلة الماضية، موجة شرسة من الاعتقالات ضد الحرائر، تعد هى الأكبر منذ الانقلاب، حيث اقتحمت قوات داخلية الانقلاب جامعة الأزهر واعتقلت العشرات، كما اعتُقِلت 8 فتيات من محافظة المنوفية.
وتوالت حملات الاعتقال في القاهرة وبني سويف والإسماعيليةوالإسكندريةوالدقهليةوالبحيرة، في موجة مسعورة من الاعتقالات دعمها قضاء الانقلاب بإصدار حكم أولي –قبل أيام- على 7 فتيات معتقلات من مسيرة الاتحادية الرافضة لقانون التظاهر بالسجن 3 سنوات والمراقبة نفس المدة وغرامة مالية قدرها 10 آلاف جنيه لكل معتقلة.
الانتهاكات ضد الحرائر لم تقتصر فقط على عسكر الانقلاب، بل إمتد إلى أمن شركة فالكون الخاصة الذين يتعمدون التحرش بالطالبات أمام بوابات الجامعات، وسط صمت مخزى من رؤساء الجامعات ومشيخة الأزهر.
وقام أحد "بلطجية فالكون" بصفع طالبة بجامعة الأزهر فرع مدينة نصر عقب اعتراضها على تفتيشه لها ذاتيًا، قبل دخولها الحرم الجامعي، قبل أن يحتجزها مكتب الأمن الإدراي للجامعة، ويعتدى عليها بالضرب والسب.
إلا أن الأمر يهون إذا ما تعلق في المقابل بما تلقاه الحرائر في سجون الانقلاب، حيث قامت المعتقلات بتسريب رسالة من محبسهن بسجن القناطر، يشتكين فيها من انتشار الثعابين في العنبر الخاص بهن، وأنه تم نقل إحداهن إلي المستشفي وسط شكوك حول بخ أحد الثعابين سمه في طعامها.
العالم ينتفض ومع توالي الحملات القذرة من جانب مليشيات الداخلية ضد الحرائر، أطلق نشطاء وأكاديميون مصريون وأجانب من بينهم المفكر الأمريكي الشهير "ناعوم تشومسكي" والباحث الكبير "نورما فانكنشتين"، حملة للتضامن مع الجامعات المصرية بعنوان Save_Papyrus. الحملة تُطالب بإطلاق سراح الطلبة والأساتذة المعتقلين، ووقف الإنتهاكات البشعة التي ترتكب في حق طالبات مصر واقتحام الحرم الجامعي وفرض القبضة الأمنية على الجامعات المصرية، وشارك في التوقيع على بيان الحملة، الكثير من الأساتذة والباحثين الغربيين في جامعات أوروبا وأمريكا والجامعات المصرية.
حركة «نساء ضدالانقلاب» أدانت استمرار جرائم العسكر اللا أخلاقية والتي تتنافى مع الأعراف والقيم الدينية والمجتمعية بل والإنسانية بخطف النساء من المنازل والشوارع والاختفاء القسرى لهن كما حدث في الأيام القليلة الماضية.
وشدد الحركة –في بيان لها- أن استمرار تلك الجرائم يؤكد أن مصر باتت تحكمها عصابات مسلحة دون اعتبار لأى قيم دينية أو أخلاقية أو مجتمعية أو حتى أدنى معانٍ للرجولة.
وأكدت الحركة أن مليشيات الانقلاب التي تحتمي وراء الأسوار بالرصاص للقيام بانتهاكات بحق النساء والفتيات لن تفلت من القصاص العادل بعد انتصار ثورة 25 يناير، وحملت السيسي وحكومته الإرهابية مسئولية توابع مثل هذه الجرائم في ظل الغليان الشعبي الحالي.
وطالب البيان، الشعب المصري وكافة المنظمات الحقوقية بالدفاع عن حقوق المرأة خاصة الحقوق السياسية والحق في التعبير والأمان، مؤكدة أن موجات الغضب النسائي مستمرة في أسبوع "أسقطوا النظام" وانتفاضة 18 نوفمبر التي دعا إليها التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب حتى إسقاط الانقلاب وبدء الحساب، وحساب النساء صعبا وسيكون حسابا تتحدث به مصر والعرب.
ودعت الحركة كل النساء والفتيات والطالبات إلى مواصلة النضال بقوة والدفاع عن هوية مصر الإسلامية التي لما حوربت بعد الانقلاب سمع المصريون عن مثل هذه الجرائم النكراء بدون وازع من دين أو قولة حق من عمامة رسمية، مؤكدة أن ثورة مصر وشرفها أمانة في رقبة كل حرة وحر.
وفى المقابل، أكد محللون أن الحملات الأمنية لاعتقال الفتيات تهدف إلي جر الثوار والشباب المناهض للانقلاب العسكرى إلي العنف لتبرير حملات القمع والقتل والاعتقال والمداهمة، وتمرير الأحكام الفاشية بحق أنصار الشرعية ورافضي حكم العسكر أمام العالم.
من جانبه، استنكر عضو الهيئة العليا لحزب الأصالة والقيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية - إمام يوسف، اختطاف مليشيات الانقلاب للطالبات، وطالب داخلية العسكر بالكشف الفوري عن مكان احتجاز الطالبة علياء طارق السيد والمختفية قسريا منذ 20 أكتوبر الماضي.
وحمّل يوسف الجرائم الانقلابية المتلاحقة ضد النساء وأي توابع لمثل تلك الجرائم المنافية للأعراف المصرية والمناهضة للإسلام وتعليماته باحترام المرأة، خاصة في ظل الغضب غير المسبوق بين قطاعات الشعب المصري من تلك الجرائم، مشيرا الي ان التحالف لن يفرط في حقوق النساء المتضررات مهما مر من وقت ولن تسقط أي جرائم بالتقادم.
وقدم عضو التحالف التحية لأسر المعتقلات، وكل بنات الثورة القابضين على جمر الحق في الشوارع والمعتقلات والجامعات رغم ما يحدث ، مؤكدا ان مصر لن تترك حق بناتها وستحاسب كل الفاسدين في وقت ليس ببعيد.
بدورها، انتقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا انتهاكات سلطة الانقلاب في مصر بحق الطالبات، والطلاب وأعضاء هيئات التدريس المعارضين واعتقال عشرات الطالبات في بدء العام الدراسي.
وقالت المنظمة -في تقرير لها- إن المواثيق الدولية ومن بينها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تضمن الحق في التعبير والتظاهر والتجمع، مشددا على أن ما يحدث جريمة تضاف لرصيد النظام الحالي، توجب على المجتمع الدولي الضغط من أجل وقفها.
ودعت المنظمة الأمين العام للأمم المتحدة والمقررين المعنيين بجريمتي الاعتقال التعسفي والتعذيب إلى استخدام كافة الأدوات لوقف الانتهاكات وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين.
وتواصلت موجة الغضب بين أهالي المعتقلات بعد توالي اختطاف الطالبات من قبل مليشيات أمن الانقلاب، ونظم تحالف القوى الثورية والشبابية وطلاب الجامعات وقفات ومسيرات وتظاهرات على الأرض للتعبير عن احتجاجهم.
الأحرار في سجون العبيد قائمة المختطفات والمعتقلات في سجون الانقلاب تضم: رشا منير عبد الوهاب وهند منير عبد الوهاب «أحداث رمسيس الأولي»، والحاجة سامية شنن «أحداث اقتحام ناهيا وكرداسة»، والدكتورة سماح سمير «محيط جامعة الأزهر» وتم ترحيلها عقابيا إلي سجن الإبعادية في دمنهور وحكم عليها بالسجن 3 سنوات، والمهندسة سلوي حسانين وصفاء حسين وأسماء سيد، والحاجة ليلي محمد وشيماء سيد وأسماء مختار «من دار القضاء العالي»، وآية حجازي وأميرة فرج «مؤسسة بلادي لرعاية الأطفال»، وسناء سيف ويارا سلام وسمر إبراهيم وحنان الطحان وناهد الشريف رانيا الشيخ وسلوى «مسيرة الاتحادية»، والصحفية علياء عواد «كتائب حلوان»، و عكاشة وه وآ وة و و و و ، وأسماء حمدي وآلاء السيد ورفيدة إبراهيم وعفاف عمر وهنادي أحمد «أحداث جامعة الأزهر»، وبسنت حلمى سيد البوهى.
وفى المحافظات، فاطمة نصار والسيدة رفاعي ووداد كمال «الإسكندرية»، ومنة مصطفي، ويسرا الخطيب، وأبرار العناني وإسراء عواد وهبة قشطة «الدقهلية»، وإيمان مصطفي وصباح سعيد «الإسماعيلية»، ورشا جعفر ومنى مسعد «بورسعيد»، وهيام على «سوهاج»، وسارة رضوان «البحيرة»، وجهاد أشرف ونادية متولى «بني سويف»، د.أسماء خلف شندين «أسيوط» وعلا عبد الحكيم محمد السعيد «الشرقية»، إلي جانب الطالبة المفقودة علياء طارق السيد طالبة بالفرقة الأولي كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر.
ولا يزال النظام الانقلابي يواصل حملاته القمعية وملاحقة الفتيات، ليؤكد عجزه وقلة حيلته عن مواجهة الثوار والطلاب فيلجأ إلى «فرد عضلاته» على الحرائر، ليؤكد أن أبو جهل هذا الزمان أكثر خسة وندالة من أبو جهل الجاهلية.