قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي، إنه حين يكون للحياة النيابية فى مصر تاريخ عريق بعمق 150 عاما، ثم تفرز تلك الخبرة الثرية مجلسا يرثى لحاله كالذى نشهده الآن، فهل يدعونا ذلك إلى التباهى والاحتفال أم إلى الخجل والانتحاب؟. وأشار هويدي خلال مقاله بصحيفة "الشروق" مساء أمس الأربعاء، إلى خطاب الفضيحة على لسان رئيس برلمان العسكر علي عبد العال والذي لم يثير انتباه المصريين سوى بأخطائه اللغوية والنحوية، موضحا أن الخطاب لم يشر لوظيفة المجلس ودوره فى الرقابة والتشريع وهى مهمته الأساسية فلم يتطرق إليها أحد، قائلا إن أغلب الظن أن ذلك الجانب جرى التستر عليه لأن موقف المجلس من هذه الناحية يعد فضيحة سياسية كبرى. فرئيسه الذى هو أستاذ للقانون لا يجيد التحدث باللغة العربية (مجلة الأهرام العربى رصدت له 165 خطأ لغويا فى كلمته التى استغرقت 19 دقيقة بمعدل 9 أخطاء كل دقيقة) يمنع أى نقد للحكومة ويرفض استجوابها. وقال إن خطبته التى ألقاها كانت تعبيرا عن ولائه للحكومة والسلطة التنفيذية، وتجديدا لبيعة السيسي وإشادة بدوره. وبالتالى فإن غاية ما يحسب للمجلس فى دور انعقاده الأول أنه بارك كل جهود الحكومة ومرر كل ما أصدره الرئيس من قرارات بقوانين فى غيابه. وظلت تلك حدود دوره فى التشريع، أما دوره فى الرقابة فقد تنازل عنه وظل مكتفيا بالتهليل للحكومة والتصفيق لإنجازاتها. وأكد هويدي أنه حين يكون الإنجاز فى هذه الحدود المتواضعة، فإن العراقة والسبق التاريخى يصبح كل منهما بلا قيمة، ويغدو التاريخ شهادة تدين التجربة ولا تمجدها، إذ يفترض أن تكون المدة الطويلة مصدرا لانضاجها وإنجاحها. حيث يتوقع المرء أن تكون قد جعلت مجلس النواب منبر الشعب الأول، وإحدى المؤسسات الوطنية القوية التى تراقب أداء السلطة التنفيذية وتحاسب رموزها، كما يقوم بدور إيجابى وفعلى فى مناقشة القوانين قبل إصدارها. وحين لا يحدث شىء من ذلك فإن المناسبة تصبح سببا فى إصابتنا بالاكتئاب والحزن، وعند الحد الأدنى فإنها تغدو فرصة لتقييم التجربة ودافعا إلى الدعوة لمعالجة أسباب العجز والإعاقة التى يعانى منها المجلس وجعلته يقوم بدور «المحلل» للسلطة وليس الرقيب عليها.