كشف مقال للكاتب الصحفي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين السابق، عن تعمد رأس الإنقلاب عبد الفتاج السيسي تقديم مغالطات في أرقام اقتصادية في كلمته قبل يومين ب"غيط العنب"، ولعل منها بشكل رئيسي تصريح قائد الإنقلاب بأن "هناك زيادة سنوية 200 مليار جنيه بالمرتبات والمعاشات"؟! وخلص الولي بحسابات الأرقام إلى أن "زيادة مخصصات كل من الأجور والمعاشات معا؛ خلال السنوات الخمس الماضية، بلغت 139.5 مليار جنيه، أى أقل مما قيل عن زيادات سنة واحدة!.
وكتب ممدوح الولي مقالا اليوم الجمعة بموقع "مصر العربية"، عنوانه "مغالطات السيسي الاقتصادية في "غيط العنب"، كان أكثر ما أثار اهتمامه توسع قائد الإنقلاب في "تأكيد أثر زيادات أجور موظفى الحكومة وأصحاب المعاشات، فى إيجاد سيولة زائدة بالأسواق لم تجد أمامها المعروض السلعى الذى يتوافق معها".
وأبدى "الولي استغرابه من تضخيم "السيسي" لأرقام وبمليارات، قائلا: "ووصل به القول الى أن رواتب موظفى الحكومة تزيد خلال السنوات الخمس الأخيرة بنحو 150 مليار جنيه سنويًا، بالإضافة إلى زيادة خمسين مليار جنيه للمعاشات، ليصل الإجمالى للسيولة الزائدة نتيجة ذلك بالأسواق 200 مليار جنيه سنويًا".
وأضاف الولي "عندما كرر أن هناك زيادة سنوية 200 مليار جنيه بالمرتبات والمعاشات، توقعت أن يكون هناك تنبيه من أحد المعاونين إلى أن هناك مبالغة فى الرقم، لكن ذلك لم يحدث"، نافيًا تصحيح الصحف الحكومية الأمر بل "كررت قوله بالخطاب حرفيا"، بحسب الولي.
الرواتب والمعاشات
وأوضح الولي عن السنوات الخمس التي خصها قول قائد الإنقلاب أن "الأمر يخص الفترة من السنة المالية 2011/2012 وحتى العام المالى الأخير 2015/2016"، وهنا نجد زيادة مخصصات الأجور بالموازنة بالعام الأول أى فى 2011/2012 حوالي 20 مليار جنيه، وبالعام الثاني 36 مليار جنيه، وبالعام الثالث 20 مليار جنيه وبالعام الرابع 20 مليار جنيه".
وأضاف "لم تصل الزيادة فى أى من تلك السنوات المالية إلى الرقم المعلن والبالغ 150 مليار جنيه سنويًا، بل أن مجموع زيادات الأجور بالسنوات الخمس بلغ 89 مليار جنيه فقط".
وأوضح أن زيادات مساهمة الخزانة العامة بصناديق المعاشات فقد بلغت بالعام الأول 10 مليارات جنيه، وبالعام الثاني 13 مليار جنيه وبالعام الثالث 4 مليار جنيه، وبالعام الرابع 14 مليار جنيه، أى أن الزيادة لم تبلغ 50 مليار جنيه فى أى من تلك السنوات، بل إن مجموع زيادات المعاشات بالسنوات المالية الخمس بلغت 41 مليار جنيه فقط".
تراجع المخصصات
واعتبر نقيب الصحفيين الأسبق أن العكس هو ما حدث، حيث "تراجع نصيب الأجور بالموازنة"، مقارنة مع "زيادة مخصصات الأجور والمعاشات خلال السنوات الخمس"، والتى تساهم فى إعاشة الملايين بزيادة مخصصات فوائد الديون بالموازنة نجدها قد بلغت 140 مليار جنيه، أى تزيد عن زيادات أجور الموظفين والمعاشات بحوالى 10 مليارات جنيه، هي التي لا يستفيد منها سوى البنوك المقرضة للحكومة، وذلك بخلاف 221 مليار جنيه لزيادات أقساط الدين بالسنوات الخمس".
وكشف أن النصيب النسبي لأجور الموظفين بالموازانة والمتهمة بزيادة الأسعار، والتى تضم كل أبواب الموازنة الثمانية، كانت نسبته 24 % بالعام المالى 2011 / 2012، وظلت تلك النسبة تنخفض حتى بلغت 19% بالعام المالي الأخير، كما بلغت تقديراتها بالعام المالى الحالي 18.2 % أى أنها تحتل المركز الثالث بعد مخصصات الفوائد بالمركز الأول وأقساط الديون بالمركز الثانى".
وتتشابه الصورة بنسبة مخصصات الأجور إلى إجمالى المصروفات بالموازنة، والتى تتضمن ستة أبواب، لتصل إلى 26.1% عام 2011 / 2012 وتظل تنخفض حتى بلغت 25.2 % بالعام المالى الأخير، ويتوقع بلوغها 23.5 % بالعام المالى الحالى.
وقدر الولي نسبة تلك الأجور إلى الناتج المحلى الإجمالى كانت 7.4% عام 2011/2012، ويتوقع بلوغها 7 % بالعام المالى الحالى.
معدل التضخم
وقال الولي إن زيادات الأجور تعادل معدل التضخم، موضحا أن المقارنة الأهم بين زيادة مخصصات الأجور بالموازنة خلال تلك السنوات الخمس، وزيادة معدلات التضخم – زيادات الأسعار - للطعام والشراب الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء، رغم تحفظ كثير من الخبراء على مؤشر التضخم لتضمنه للسلع المسعرة جبريا مثل السجائر والمنتجات البترولية وتذاكر النقل العام، مما يجعله غير معبر بوضوح عن واقع الأسعار بالسوق.
وكشف أن نسبة زيادة مخصصات الأجور خلال السنوات الخمس الأخيرة بلغت 73 %، ونسبة زيادة مؤشر أسعار الطعام والشراب – رغم التحفظ عليها – 71 %، أى أن القوى الشرائية لمرتبات الموظفين لم تزد خلال السنوات الخمس، إن لم تكن قد انخفضت فى ظل ارتفاع الأسعار بمعدلات تفوق مؤشر التضخم الحكومى الرسمى.
وأوضح أن مرتبات الموظفين تساهم فى إعالة حوالى 30 مليون شخص، وتنشيط الحركة بالأسواق، بل أن معدلات النمو الاقتصادى التى تعلنها وزارة التخطيط خلال السنوات الأخيرة تشير فيها الى أنه نمو يعتمد على الاستهلاك أكثر منه على الاستثمار.
وتساءل الولي: لماذا تتجاهل الجهات الرسمية أثر طبع النقود فى زيادة الأسعار، حيث بلغت الزيادات خلال السنوات الخمس الأخيرة 189.5 مليار جنيه، أي أكثر من زيادات أجور الموظفين والمعاشات بنحو 59 مليار جنيه، وهو الطبع الذى لم يقابله زيادة فى عرض السلع والخدمات كما قيل بالخطاب".
ووصف الولي أثر زيادة مرتبات الموظفين على زيادات الأسعار بال"ضعيف"، معتبرا أن تحميل زيادات المرتبات "شماعة لتبرير الفشل فى مواجهة ارتفاعات الأسعار"، وأن الارتفاعات "ستستمر فى الزيادة" رغم تكرار الوعود بالسيطرة عليها.