28 مليار جنيه للنهوض بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بمحافظات الصعيد    المشاط: الاقتصاد المصري أثبت مرونة كبيرة أمام الصدمات والتحديات    محافظ كفر الشيخ يستمع لشكاوى وطلبات أهالي دسوق    مدبولي: دور الرئيس السيسي في وقف الحرب على غزة محل إشادة دولية واسعة    سموحة يفوز على المحلة بثلاثية ويتأهل لدور ال 16 بكأس مصر    الأهلي يرتدي زيه التقليدي والجيش الملكي بالأسود في لقاء غد    ضبط 1900 لتر سولار و100 شيكارة أسمدة مدعمة خلال حملات تموينية بالبحيرة    ضبط 10 آلاف لتر سولار ومصنع بدون ترخيص لتعبئة التمور في كفر الشيخ    الشيخ خالد الجندي يوضح معنى حديث أول شيءٍ يُرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا    وزارة الأوقاف تعقد 574 ندوة علمية حول "الجوار الصالح مفتاح للسكينة والمودة"    معادلة نظام الدراسة بمدرسة عين شمس للمتفوقين بالبكالوريا المصرية    مدبولي: تحرك جاد لتفعيل بروتوكولات التعاون مع الجزائر وتعزيز الشراكة في مختلف المجالات    حلمي عبد الباقي يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد مصطفى كامل    إعلان نتائج بطولة الملاكمة بالدورة الرياضية للجامعات والمعاهد العليا دورة الشهيد الرفاعي "53"    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    أحمد السلمان: مهرجان الكويت المسرحي موعد مع الإبداع والاكتشاف    الأزهر: التحرش بالأطفال جريمة منحطة في حق المجتمع وحرمتها جميع الأديان والشرائع    رئيس المجلس الوطني للإعلام بالإمارات يزور عادل إمام.. والزعيم يغيب عن الصورة    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    عقدة ستالين: ذات ممزقة بين الماضى والحاضر!    توجيهات مزعومة للجنة الدراما تثير جدلا واسعا قبل موسم رمضان 2026    قراءة في هدية العدد الجديد من مجلة الأزهر، السنة النبوية في مواجهة التحدي    مُصطفي غريب ضيف آبلة فاهيتا "ليلة فونطاستيك.. السبت    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    «التأمين الصحى الشامل» يقرر تحديث أسعار الخدمات الطبية بدءًا من يناير 2026    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    زهراء المعادي: الموافقة على عرض الشراء الإجباري مرهونة بعدالة السعر المقدم    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    بعثة منتخب سيدات اليد تغادر إلى هولندا لخوض لبطولة العالم    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    لتعاطيهم المخدرات.. إنهاء خدمة 9 عاملين بالوحدة المحلية وإدارة شباب بكوم أمبو    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    عادل فتحي نائبا.. عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    محامي رمضان صبحي: التواصل معه صعب بسبب القضية الأخرى.. وحالة بوجبا مختلفة    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    المفوضة الأوروبية: ما يحدث في السودان كارثة إنسانية    3 قرارات جديدة لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    طقس الخميس.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحا    جامعة بنها ضمن الأفضل عربيًّا في تصنيف التايمز البريطاني    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكرام اللئيم.. واستدراج الجمعية التأسيسية إلى المحظور
نشر في بوابة الحرية والعدالة يوم 22 - 09 - 2012

هى فريضة علينا أن نقوّم الرئيس مرسى، ونلفت انتباهه إلى أخطائه وأخطاء من حوله، وفريضة علينا ألّا نتركه هو وإخواننا فى مجلس الشورى والجمعية التأسيسية فريسة لضغوط علمانية شرسة تستهدف علمنة مصر ودستورها وتحويل المادة الثانية إلى ديكور، والوجود الإسلامى السياسى إلى شكل بلا مضمون.
وفريضة علينا أن ندفع فى الاتجاه المضاد لما يدفع إليه الغوغاء الأفاقون المنتشرون فى الصحف والفضائيات والأحزاب العلمانية والناصرية؛ لأننا إن لم نفعل فإن النتيجة حتما ستكون وقوع إخواننا المسئولين فى المحظور، لقد حاولت خلال الأسبوع الماضى الوصول إلى ثلاثة من كبار الشخصيات الإسلامية فى مواقع السلطة لإسداء النصح لهم على المستوى الشخصى، وباءت محاولاتى بالفشل؛ لأن الاتصالات لا يرد عليها أحد، والرسائل (SMS) أيضا لا يرد عليها أحد. لقد كتبت من قبل مرارا (لمن يقرأ) محذرا من الترويع الإعلامى الذى يمارسه العلمانيون، وحذرت من أننا بصدد استبداد من نوع جديد؛ نخبة "على راسها ريشة" تستخدم الصحافة والإعلام كأداة للترويع والابتزاز والبلطجة، كما كان مبارك أيضا "على راسه ريشة" وهو يستخدم جهاز أمن الدولة للأسباب نفسها. ولا جدال فى أن نخبة الريشة حققت نجاحات مشهودة فى هذا الصدد، أذكر منها ما يلى:
أولا: حالة الصحفى خالد صلاح الذى تحول إلى مركز قوة نتيجة سيطرته على صحيفة ذائعة الانتشار وبرنامج تليفزيونى على فضائية مشهورة، فقد تم إدراجه عضوا فى المجلس الأعلى للصحافة، وهناك من هم أكثر استحقاقا منه لهذا الموقع، كما أنه تلقى رسالة ترضية من الرئيس مرسى إثر حادث الاعتداء على سيارته، وكأنه حالة خاصة تتميز عن غيره من المصريين الذين يتعرضون لحوادث مشابهة، وعلى الرغم من اتهامه للدكتور عصام العريان بتدبير هذا الاعتداء، وسكوت العريان على هذا الاتهام المشين، وكأنه يريد أن يتجنب إثارة المزيد من سخط خالد صلاح.
ثانيا: اجتماع الرئيس فور توليه السلطة برؤساء تحرير الصحف والفضائيات (وجلهم من العلمانيين)، وهو ما لم يفعله مع غيرهم من المهنيين، وكأنه يريد أن يتقى شرهم. ثم اجتماعه الشهير مع مجموعة من الفنانين ومثقفى "حظيرة فاروق حسنى"، وهو الاجتماع الذى أقصى الإسلاميين عنه بالكامل، وهم الأكثر تعبيرا عن ثقافة وهوية شعب مصر، وكأننا ما زلنا فى زمن مبارك. وكان تأثير هذا الاجتماع واضحا فى ستة مقالات ب(المصرى اليوم) تحدث فيها محمد سلماوى عن الرئيس مرسى بكل توقير واحترام، عكس حديثه المعتاد عنه قبل هذا اللقاء، فلماذا انقلب حال سلماوى تجاه مرسى؟ هل لأنه رأى فى إقصاء الإسلاميين إقرارا من الرئيس بأنه لا مثقفين فى مصر إلا مثقفو الحظيرة، وأنه بالتالى يستحق الرضا العلمانى؟ إن الشىء الوحيد المقبول علمانيا من أى مسئول فى مصر هو إعادة الإسلاميين إلى "مكانهم الطبيعى"، مهمشون مغيبون بعيدا عن البرلمان والحكم والسياسة والصحافة و.. إلخ. عندئذ يصبح هذا المسئول "فرخة بكشك".
ثالثا: حالة العلاقة بين الرئيس من جانب، والجماعة والحزب من جانب آخر. فقد أحدثت تهمة "حكم المرشد" الأثر الترويعى نفسه الذى تحدثه تهمة "معاداة السامية" فى الغرب، حتى أصبح كل من الرئيس والجماعة يتجنبان بعضهما البعض، خوفا من أن يتصيد الإعلام مكالمة أو لقاء ينصبّ عليه السيرك الإعلامى. ومع ذلك يبقى الاتهام مرفوعا فوق الرقاب، لأن الخصم لا يرحم ولا يرضى بأقل من اختفاء الإسلاميين عن جميع الساحات. وقد وصل الابتزاز إلى درجة أن طالب أحدهم الرئيس بأن "يعلن طلاقا بائنا لتوجهاته وانتماءاته للجماعة أولا حتى نقول إنه رئيس لكل المصريين". بتعبير آخر، على الرئيس أن يعتبر الإسلاميين شبهة ويتجنب الالتقاء بهم وإلا.. وعلى هذا الأساس يمكن أن نفهم ما تحدث عنه مؤخرا د. عبد المنعم أبو الفتوح الذى بذل جهدا كبيرا لصالح حملة د. مرسى خلال جولة الإعادة، وكان يتلقى يوميا اتصالات منه. ثم بعد دخول مرسى مقر الرئاسة، فإن أبو الفتوح لم يتلقّ مكالمة واحدة لا من الرئيس ولا من أى من مسئولى مؤسسة الرئاسة.
رابعا: حالة مجلس الشورى الذى كان من المفترض فور انتخابه أن يعلن تعييناته لمناصب الصحافة القومية، ثم تراجع ورضخ لحملة ترويع ضخمة شنها عليه الإعلام الغوغائى. وكنت قد كتبت مقالا (17 مارس) انتقدت فيه هذا التراجع، محذرا من عواقبه. وتم تصوير الأمر لقيادات الشورى بأن الجماعة الصحفية ستهدأ وترضى إذا تم وضع معايير لاختيار القيادات. كان الهدف هو تضييع الوقت، والحيلولة دون تعيين قيادات إسلامية، حتى تصدر أحكام بحل مجلسى الشعب والشورى، وتبقى الأوضاع فى الصحف القومية على ما هى عليه. ولكن بعد التوصل للمعايير، ثار الغوغاء ثورة أخرى رفضا لها، وضغطوا من أجل أن تكون القيادة الجديدة من داخل المؤسسة الصحفية، وذلك حتى تعجز هذه القيادة، تحت تأثير الزمالة والعلاقات الشخصية، عن إجراء أى تغيير ذى قيمة. وبالفعل أدت الغوغائية هذه المرة ليس فقط إلى الاستجابة للشرط المفروض، وإنما أيضا إلى ردع الإخوان عن التقدم بمرشح إخوانى واحد. ولهذا كتبت مقالا (7 يوليو) طالبت فيه بالتوقف عن مزحة المعايير تلك، وممارسة مجلس الشورى للمهمة التى انتخب من أجلها، وهى أسلمة (أى إصلاح وتطهير) الصحف القومية. وقلت إنه لن يستطيع تطهير هذه الصحف إلا صحفيون من خارج المؤسسة لا يتأثرون بأهواء وضغوط وابتزازات الزملاء، ولا يضعون فى منظورهم إلا الصالح العام وليس المصالح والمنافع الشخصية. لم يلتفت أحد للنصيحة، وظل الإخوان محصورين فى زاوية الدفاع عن النفس والامتناع عن ممارسة حق أصيل لهم، على أمل أن يرضى ذلك الغوغاء والأفاقين فى الصحف والفضائيات. ولكن هل يرضون؟ هيهات. إن إكرام اللئيم والاستسلام لترويعه، يزيد نهمه ويفاقم جشعه، ويشجعه على الانتقال إلى الضحية التالية لإرهابها، وهى الجمعية التأسيسية للدستور.
لقد صدرت تصريحات خطيرة عن عدد من أعضاء الجمعية بشأن حرية الصحافة، لا يجوز السكوت عنها، فقد قال الدكتور وحيد عبد المجيد -المتحدث باسم الجمعية-: إنه سيتم إلغاء عقوبة الحبس فى المواد المتعلقة بقضايا النشر، وجارٍ العمل على إغلاق الباب أمام إمكان وقف الصحف أو تعطيلها بالطريق القضائى، وضمان استقلال الصحف ووسائل الإعلام القومية عن جميع السلطات، ما قاله د. وحيد لا معنى له سوى أن غوغاء الصحافة والإعلام نجحوا فيما فشل فيه المجلس العسكرى، وهو أن تتحول هذه المؤسسة العلمانية المتطرفة إلى دولة فوق الدولة، ويتميز العاملون فيها عن جميع المصريين، بعد أن منحهم الدستور هم ومنابرهم حصانة تضعهم فوق رقاب الجميع.
كلام مشابه صدر عن د. محمد محسوب ود. منار الشوربجى التى قالت إنه تم إلغاء مادة حبس الصحفيين فى الدستور الجديد والنص على فرض غرامة مالية، لأن "فلسفة الدستور الجديد يجب أن تكون قائمة على إطلاق الحريات وأهمها الصحافة". ولكن يبدو لى كأن الفلسفة التى تحكم عمل الجمعية التأسيسية لا تتجاوز مراعاة خاطر اللئيم ومصالح نخبة تملك من وسائل الضغط والترويع ما لا يملكه غيرها من المصريين. لقد نجح الصحفيون والإعلاميون فى فرض أجندتهم الخاصة على الجمعية التأسيسية بما يملكونه من أدوات تثير الصخب والضوضاء، تماما كما يفعل الإعلام الصهيونى فى الولايات المتحدة، حتى أصبحت حرياتهم "أهم الحريات". وهم، بذلك التدخل السافر فى عمل الجمعية، يستحقون العقاب والتعنيف وليس الانصياع والرضوخ. لو أن مصلحة مصر هى الفيصل، لشددت الجمعية العقوبات على كل من يخون أمانة الكلمة، ولما سمحت الجمعية بترك مستقبل مصر وسلامها الاجتماعى تحت رحمة جماعة من الأفاقين لا تفهم معنى الشرف حتى نتوقع منها أن تلتزم ب"ميثاق شرف إعلامى". إن "إطلاق الحريات" مسألة نسبية؛ لأن كل حرية تنتهى عند الحد الذى تبدأ عنده حريات الآخرين وحقوقهم وأعراضهم، أما أن نطلق الحريات بلا رابط أو ضابط ونحصن ذلك دستوريا، فلا أرى تعبيرا يصف هذا الأمر أدق من خيانة الأمانة التى ائتمن الشعب أعضاء الجمعية عليها.
إن إلغاء الحبس فى جرائم النشر فى الدستور إجراء تمييزى ليس فقط لأن من يرتكب الجرائم نفسها فى غير قضايا النشر سيتعرض للحبس، ولكن أيضا لأن قصر العقوبة على الغرامة يميز صاحب الصحيفة الملياردير عن صاحب الصحيفة الذى لا تكفيه موارده المحدودة للإنفاق عليها، ولا يستطيع تسديد الغرامة نفسها للمخالفة نفسها، بينما بالنسبة للملياردير فإن الغرامة هى مجرد "فكة".
إن استرضاء العلمانيين تجنبا لصخبهم وضوضائهم هو تكرار لما كان يفعله مبارك مع "إسرائيل"، تجنبا لصخب وضوضاء الإعلام الأمريكى، والنتيجة ستكون واحدة.. عبيد وكنوز كامنة لنخبة الريشة..
وللحديث بقية، غدًا إن شاء الله تعالى.
------------------------
د. صلاح عز
الأستاذ بهندسة القاهرة
ssezz.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.