"ودن من طين والتانية من عجين".. بالتأكيد لم يسمع المدير التنفيذي لفيسبوك "مارك زوكربيرغ"، المولود في أمريكا، عن هذا المثل، إلا أن المعنى لا يخفى عليه بعدما تجاهل التفاعل مع محرقة حلب، ووقف موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" موقف المتفرج على المجزرة، ولم يكن هذا موقفه مع هجوم باريس عندما أطلق خدمة التضامن مع باريس ضد الإرهاب بلون العلم الفرنسي. تجاهل "زوكربيرغ" عن عمد محرقة حلب، تلك المدينة التي تنضح بآلاف السنين من عبق التاريخ الزاخر، التي تطل عليك من خبايا زواياها وأزقتها برائحة آلاف الحضارات المتعاقبة، ويشتبك فيها ألق الأزمان الغابرة مع أنوال الصناعات النسيجية وروعة العمران المتقنة، لينسجوا عقدًا من الماس يزين رقبة حارات حلب القديمة ويصوغها بحنو مع أحيائها الراقية. حلب، التي كانت مقصد المتنبي، وجنة عدن المعري التي خلع أمام تيهها عنفوانه ورعًا، والتي استلت حسامها دومًا لتقطع دابر مخربيها، تعاني اليوم من حملة ممنهجة ومجرمة لتقويضها، تستبدل حُليَّها بدماء أبنائها على ثراها الطاهر، وتلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن استوطنها شذاذ الخلق ومغول العصر الحديث، ليصبح عنوانها المشهور اليوم #أنقذوا_حلب. "ليه يا مارك؟" وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تدعو إلى مقاطعة موقع "فيس بوك"، وإغلاق الحسابات عليه لمدة 24 ساعة، تبدأ من منتصف ليلة الأحد اليوم بتوقيت مكةالمكرمة؛ وذلك احتجاجا على سياسة الصمت التي اتبعها الموقع، وإدارته إزاء ما يحدث في مدينة حلب. وجراء اجتماع صواريخ الهيئة العربية للتصنيع، التي أرسلها عبد الفتاح السيسي مع طائرات روسيا والأسد، اعتبر رواد "فيس بوك" صمت "زوكنبرج" تواطؤا ومشاركة في الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون منذ أيام، بغارات نظام الأسد والجيش الروسي. كما عمد بعض النشطاء إلى كتابة تعليقات على صورة "زوكربيرغ"، التي نشرها تعاطفا مع ضحايا أحداث باريس الأخيرة، أعربوا فيها عن غضبهم من التفرقة بين ضحايا العنف والإرهاب في الدول الأوروبية، وضحايا المدينة المنكوبة في سوريا. "حتى أنت يا تويتر؟"! وتُلاحِق مؤسسَ الموقع الشهير على كل منشوراته آلاف من التعليقات، تنتقد تجاهله أحداث المجزرة في حلب، وتدعوه إلى المساواة في النظر إلى الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين في كل مكان حول العالم. وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد أطلقوا حملة قبل أيام لتغيير صورهم الشخصية على "فيس بوك" إلى "بطاقة حمراء" كرمز لأشلال الدم المنهمر في حلب، وكبطاقة حمراء في وجه الظلم والقتل. وعلى موقع التدوين القصير "تويتر"، أطلق الناشطون هاشتاج "حلب تحترق"، حاولوا من خلاله جذب أنظار المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في المدينة، حتى تصدر قائمة "الهاشتاجات" الأكثر تداولا عالميا بأكثر من 700 ألف تغريدة، وعندما لم يجدوا صدى لدعواتهم أطلقوا وسم "لك الله يا سوريا". أطلق ناشطون وكتاب وصحفيون حملات على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال عدة هاشتاجات؛ لإيقاف التدمير الممنهج وآلة الحرب التي حصدت خلال أقل من أسبوع أرواح أكثر من 600 مدني، حيث كانت أكثر الوسوم رواجًا هاشتاج #أنقذوا_حلب، #حلب_تحترق، #حلب_تباد. كما أطلق النشطاء أيضًا حملة لتغيير الصور الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى اللون الأحمر؛ تعبيرًا عن التضامن مع حلب الجريحة، حيث لاقت هذه الحملة تجاوبًا هائلًا من أهم المواقع والمنصات الإخبارية الرئيسية، ومنها قناة الجزيرة وصحيفة الهافينغتون بوست العربية.