في تسييس مقيت للدين، طالب وزير أوقاف الانقلاب محمد مختار جمعة، المواطنين في كافة محافظات مصر، بعدم تأجير أي وحدة سكنية لأي من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، بدعوى عدم اتخاذها وكرا للقيام بالعمليات الإرهابية، خاصة الشقق المفروشة التي أكد أنها تتخذ لإيواء الهاربين من أحكام القضاء، والعمل على اتخاذها في تنفيذ عمليات ضد الدولة. وأضاف وزير الأوقاف خلال مقال له، اليوم، بموقعه الشخصي "المختارون"، أن أعضاء الإخوان يقومون بتأجير الوحدات السكنية المفروشة لاستغلالها في العمليات الإرهابية، زاعما: "أينما حلوا لا يأتون بخير، إذ إن قلوبهم السوداء قد انطوت على الفساد والإفساد وكره المجتمع والشعور بالتميز عليه، إذ يترسخ في أذهانهم ظلمًا وزورًا أنهم جماعة الله المختارة، وكل من ليس معهم فهو عليهم، أو خائن مما يستدعي أقصى درجات اليقظة من هذه الجماعة الإرهابية وعناصرها الشريرة وحلفائها المغرضين"، بحسب جمعة. تأتي دعوة الانقلابي جمعة في استهلاك رخيص للدين، دشنه السيسي منذ انقلابه على الرئيس محمد مرسي، في 3 يوليو 2013؛ حيث شهدت الفترة الأخيرة تصعيدا من كافة مؤسسات الدولة على جماعة الإخوان المسلمين، سواء الاعلامية والدينية والأمنية. وطفت على المشهد المصري عدة فتاوى عدائية، تدعو لتطليق الزوجة الإخوانية، أو أن تبلغ الزوجة عن زوجها الإخواني للجهات الأمنية، بنص فتوى إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، مظهر شاهين، قائلاً، "كل زوج يجد زوجته تابعة للإخوان عليه أن يطلقها". وأضاف، أنّه "من غير المعقول أن تكتشف أن زوجتك التي تنام جوارك هي خلية نائمة تابعة للجماعة الإرهابية وأنت لا تعلم"، متابعاً، "لا مانع أن يضحي الرجل بزوجته إذا كان هذا في مصلحة الوطن، فالتضحية بالأشخاص واجب في سبيل الوطن". وفي اليوم التالي لهذه الفتوى التي أثارت عاصفة من ردود الأفعال المستهجنة، خرجت عضو لجنة السياسات في الحزب "الوطني"، عميدة كلية الدراسات الإسلامية بنات في جامعة الأزهر سابقاً، الدكتورة سعاد صالح، الملقبة ب"مفتية النساء"، بفتوى تبيح، "فسخ خطبة الشاب من خطيبته إذا كانت تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، بدعوى الحفاظ على الأسرة والدين ومصلحة العائلة والوطن. وكذا فتوى شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، بتشبيه مُقاطِع الانتخابات البرلمانية في مصر، ب"العاق لوالديه". كما أفتى أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة بتجريم ترديد شعار "يسقط حكم العسكر". وذهب أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، إلى وصف السيسي ووزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم، بأنهما "رسولان بعثهما الله لحماية الدين". وقال الهلالي، إن "الله بعث رجلين هما السيسي وإبراهيم، كما أرسل من قبل موسى وهارون. كما وصف وكيل وزارة الأوقاف، الشيخ سالم عبدالجليل، معارضي السيسي بأنهم "بغاة يجب قتلهم". وحرض المفتي السابق، علي جمعة، علنًا، على قتل المعتصمين في ميدانَي رابعة والنهضة، قائلاً، "طوبى لمن قتلهم وقتلوه". ثم لاحقًا، قال جمعة، خلال برنامجه "والله أعلم"، على قناة "سي. بي. سي"، إنّ "الأمير الآن يمثّله الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويجب طاعته وعدم عصيانه"، مسترشدًا بأحاديث نبوية. ومنذ انقلاب السيسي حرص على استدعاء الدين الإسلامي والمسيحي، في محاولة للتأثير على قناعات الشعب المصري، الذي يتجه بغالبيته إلى القيم الدينية، بوصفه شعبًا يميل إلى أن يكون محافظًا. ويرى مراقبون أن مثل تلك الفتاوى والدعوات تعبر عن فشل السيسي في مواجهة أصحاب الحق من المعارضين ودعاة الشرعية، فيريد الانقلاب تحويل المواطنين إلى مخبرين، وهو ما يهدد بانقسامات مجتمعية، من أجل بقاء قائد الانقلاب.