وصل حد الخلاف السياسي إلى أن حشد كل فريق جنوده في أرض المعركة، ورغم أن القوى المدنية رفضت خلط الدين بالسياسة،إلا أنها لم تجد غضاضة في الاستعانة برجال الدين لمحاربة جماعة الإخوان المسلمين، وهو نفس ما فعلته عندما تخلت عن ثوابتها بمطالبة القوات المسلحة بالتدخل والإطاحة بالرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي رغم معارضتها للحكم العسكري. وشهد العام الماضي كثير من الفتاوى الدينية التي خرجت من رجال لهم اتصال مباشر وتأثير قوي في العملية السياسية، وكان أبرزهم الشيخ علي جمعة مفتي الديار الأسبق والشيخ مظهر شاهين. رسولين من الله ولم تقتصر الأمور عند حد الفتاوى، بل وصلت إلى أن قال سعد الدين هلالي أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر إن مصر شهدت سرقة للدين مرتين؛ الأولى في عهد فرعون موسى، والثانية في عهد الرئيس مرسي، مؤكدا أن "الله أرسل رسولين من عنده إلى مصر لإنقاذها، وهما المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية"، مؤكدا أن الله حمى مصر والدين الإسلامي بالوزيرين اللذين ابتعثهما الله كما ابتعث موسى وهارون عليهما السلام. سبق أيضا أن أفتي بأن أي شخص مات ميتة غير طبيعة وهو علي حق فهو شهيد، والراقصة إذا ماتت وهي تجلب لقمة العيش في غير وضع الرقص فهي شهيدة لأنها لا ترقص 24 ساعة في اليوم!. زواج الإخوانيات أما الشيخ مظهر شاهين، فقد حصد رصيد غير قليل من الفتاوى المثيرة للجدل، بدأها بتطليق الزوجة المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين، لأن "مصلحة الوطن والدين أهم من المصالح الشخصية"، مشيرا إلىأن الكثير يعانون من اكتشاف أن زوجاتهم إخوانيات، وأنه يوجد خلية نائمة بجواره على سريره. وقال لو تعارضت مصلحة الزوجة مع المصلحة الوطنية فإن البلد أولى، وأن هذا ما يسمونه فقه الأولويات، والتضحية بالزوجة مقدمة على التضحية بمصر لكن بشرط أن يعطيها حقوقها بما يرضي الله. وتابع: إذا تبرأت تلك الزوجة من انتمائها فأهلًا وسهلًا بها، أما إذا استمرت ما بداخلها من أفكار إرهابية متطرفة ضد الوطن وضد الدين فقد وجب طلاقها، وتروح تقعد مع أبوها. الاخوان .. خوارج ولم يسلم الدكتور علي جمعة مفتي الديار السابق، من فخ الفتاوى المثيرة للجدل، بأن أفتى بوصف جماعة الإخوان المسلمين بال"خوارج " ووصفهم ب " كلاب أهل النار" الذين لا يحسنون تربية أبنائهم لذا كثير منهم "ملحدون وفسقة"، على حد قولهفي تصريح تلفزيوني. وأضاف جمعةأن أحد الإخوان أرسل له يسأل هل تقصد أني من " كلاب أهل النار"، قائلًا: فقال له طالما إخواني يبقى خوارج وكلاب أهل النار. وطالب السيسي قائلا: اضرب في المليان وإيا كأن تضحي برجالك وجنودك من أجل هؤلاء الخوارج وطوبي لمن قتلهم، ومن قتلهم كان أولى بالله منهم، ويجب تطهير المدينة من هؤلاء "الأوباش" فهم لا يستحقون الجنسية المصرية وهم أناس "نتنة"رائحتهم كريهة في الظاهر والباطن. وكانعلي جمعة قد طالب بعدم محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ونجليه لأنهم من أهل الجنة، على حد تعبيره. غرامة الصلاة على النبي ومؤخرا، أصاب فيروس الجدل مؤسسة الداخلية المصرية، بعد أن أصدرت قرار إزالة ملصقات "هل صليت على النبي اليوم" – صلى الله عليه وسلم-، بدعوى أنها تحمل توجها طائفيا، ووصفتها الأوقاف المصرية ب"سيئة النية"، واتفقت معها جامعة الأزهر التي قالت أنها "فتنة"، بل وفرضت غرامة مالية قدرها 50 جنيها على كل من يعلق ملصقا يدعو للصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم-. وأثبتت كل هذه المظاهر إقحام الدين في السياسة سواء لخدمتها أو للدفاع عن ثوابتها، ومازال الجدل مستمر في الشارع المصري ما بين مؤيد لتلك الأقوال والقرارات، وبين معارض لها على طول المسار. اقرأ فى هذا الملف "30 يونيو عام من الواقع والحلم" * إغلاق القنوات وقصف الأقلام.. عنوان المرحلةبعد30 يونيو * خبراء اقتصاديون: الحكومات أدارت المرحلة بمنظور قصير المدى * توقعات بانتهاء الارتباك السياسي بمصر.. وخبراء: الوضع معقد * «الثلاثون من يونيو» وانقسام المجتمع المصري * السيسي في قصر الرئاسة.. ثورة شعب أم انقلاب عسكري * علاقات مصر الخارجية.. تحديات وفشل في إدارة الأزمات ** بداية الملف