قال الكاتب الصحفي وائل قنديل "اسأل أي مواطن شارك في ثورة يناير بمصر، لماذا خرجت، سيقول لك: خرجت ضد 30 عاماً من فساد حسني مبارك". وقال قنديل خلال مقاله بصحيفة "العربي الجديد" اليوم الجمعة، إن الدفاع عن المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في معركته ضد وحوش الفساد، يعني أنك في القلب من مبادئ الثورة وأهدافها، تلامس جوهرها الأخلاقي والاجتماعي، بصرف النظر عن موقفك وموقفه السياسي، وبالتالي، يصبح وقوفك إلى جانب جنينة انحيازا للحق وللثورة، ضد الفساد الواقف على قدمين، دولة عميقة، وسلطة انقلاب. وأعرب قنديل عن استغرابه من ألا يجد بعضهم في مأساة هشام جنينة سوى أن السلطة الحالية تستخدمه لإلهاء الناس عن ذكرى الثورة، واصطناع الحكايات والحواديت المسلية لخطف الأبصار عن الموعد المضروب في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، من دون الانتباه إلى موضوع التربّص برئيس جهاز المحاسبات، لكونه تحدّث عن فساد النظام الحالي، يكفي لحشد الجموع من الذين حلموا يوماً بوطن بلا فساد، وبلا ظلم، يمتص أرزاق البلاد والعباد، ويعيد ثنائية الأسياد والعبيد. وتعجب من القول بأن هشام جنينة استمر رئيساً لجهاز المحاسبات بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، ولم يتقدم باستقالته. ومن ثم هو من رجال النظام التالي وأدواته، وأنه يؤدي دوراً في مسرحية، متسائلا: "هل يستفيد الحراك المناهض للانقلاب من تسفيه معركة تتفاعل معها قطاعات واسعة، وتعتبرها أحد أهم الأسباب والدوافع لطلب التحرّر من الاستبداد، والانعتاق من المستنقع الذي تغرق فيه مصر؟ وماذا يضير معارضي الانقلاب في الخارج، إن اشتعل الداخل غضباً ضد سلطة قررت التنكيل برجل كشف عوارها وفسادها وانحطاطها، حتى لو كان هذا الرجل ممن استمروا يعملون في جهاز رقابي، من المفترض أنه لا يتلوّن بصبغة النظام السياسي الحاكم، في ظل سلطةٍ نعارضها، ونعتبرها جاءت بالغصب وإراقة الدماء؟". وأشار قنديل إلى التقرير الذي أصدره الجهاز المركزي للمحاسبات، عن حجم الفساد في زمن السيسي، إسناداً للمشروع المعارض للانقلاب، أكبر بكثير من مئات الكتب والمقالات والحوارات الفضائية، كونه يأتي مدعماً بالوثائق والمستندات التي توفر لكل ما يقال عن فشل هذه السلطة وفسادها الأساس المعلوماتي الإحصائي، والذي يصلح دليلاً أو قرينة، على أن مصر الآن مخطوفة من عصابة مصالح وامتيازات خاصة، أو فئوية، تهدر ثروات الشعب، وتستولي على موارده. وأوضح أنه "ليس من "الثورية" في شيء أن تتعامل مع ما يتساقط من رجل مثل جنينة أو حتى البرادعي من اعترافات وشهادات إدانة بحق النظام، بمنطق التسفيه والتحقير، وبالطريقة نفسها التي يتصرّف بها إعلام الانقلاب، مشيرا إلى أنه في شهر مايو الماضي، أدلى البرادعي في محفلٍ دولي مهم، بما اعتبرته أخطر وثيقة إدانة لجريمة الانقلاب ضد التجربة الديمقراطية الوليدة في مصر، وقلت "من السذاجة أن يختلف اثنان حول أهمية اعتراف الرجل الثالث في بدايات مؤسسة "30 يونيو 2013" بأن ما جرى كان انقلاباً، وخروجاً على ما تم الاتفاق عليه". وأظن أن هناك من المعسكر المناهض للانقلاب من يفعل الشيء نفسه، في معركة هشام جنينة، مستسلماً للرغبة في التنكيت والتسفيه والمرح في ملاهي السوشيال ميديا، داعياً، بيقين جازم، الجمهور للانصراف عما يعتبره "ملاهي هشام جنينة".