فيلم الفساد العسكري في مِصْر تجاوز ال 60 عامًا، ولكل فيلم أبطال بعضهم يؤدي دور الشر أما الآخرون فأدوارهم ثانوية "سنيدة"، أو ما يصطلح عليه تسميتهم "كومبارس"، 60 عامًا من الفوضى والذل والكبت والطوارئ والاعتقال والسرقة والمؤبدات، والمعاهدات الغبيّة، والاتفاقيات الناهبة لكل خيرات مِصْر، يقوم بالبطولة طوال ال 60 عامًا جنرالات العسكر، بينما يقف بجوارهم ممثلا دور المعارضة "كومبارس" متفق على دوره، من هؤلاء الناصري مؤسس ما يسمى بالتيار الشعبي "حمدين صباحي". عاد "صباحي" إلى مسرح الفضائيات، يمثل دور الكومبارس في مسرحية انتقد فيها "السيسي" وانقطع النور عليه، بينما لم يشجب أو يدِن مذبحة رابعة والنهضة التي راح ضحيتها زهاء ال 5000 شهيد، وإنما قال انها تمت "بلا حرفية"، أما عن الإخوان أنفسهم فقد نصب نفسه قاضي إعدامات جديد بدلا من ناجي شحاتة، الذي تحول إلى الصلاحية والتحقيق، ووصفت أحكامه التي أصدرها بحق الأبرياء بالباطلة. قال صباحي بالحرف:" لا يمكن إدراج الإخوان في الحياة السياسية.. وتعذيب السلميين منهم غير مقبول!". لا يهم "صباحي" أن يغرق مِصْر في 60 عامًا أخرى من النهب، والاستبداد، والقوانين القمعية، والمحاكمات الكاذبة، والإعدامات، والديون الداخلية والديون الخارجية والفساد والرشاوى والتزوير، طالما أنه ليس الرئيس، وطالما أن ذلك لن يمكن الإخوان من الصعود إلى كرسي السلطة بالانتخاب مجددًا. قال "صباحي" -في لقاء الإبراشي أمس الأربعاء، بخصوص النزول في موجة ثورية جديدة يوم 25 يناير القادم-: إن الشعب غير مستعد للثورة، وإن النظام متهور في البطش، وتلك هى الرسالة التي يحملها "الكومبارس" في فيلم العسكر، وذلك دوره "التخويف وإحباط الشباب"، الذي لم يكف عن المسيرات والتظاهر طوال 3 سنوات مضت. لا يبالي "حمدين" بعودة بفقر الشعب وفرض الأتاوات، والظلم والبطش وأكل اموال الناس بالباطل، والقمع وكبت الحريات والسطو على احلام الغلابا والفقراء، ممن يحمل عباقرتهم ومتفوقيهم كراريس التحضير للدكتوراة تحت إبطهم، وهم يتناولون وجباتهم خلف عربات الفول قرب محطّات المترو، طالما أنه يتناول السمك والجمبري في أفخم مطاعم القاهرة. لا يبالي فيها بالفساد الاخلاقي والمجتمعي في الاقتصاد وفي الاعلام، وفي دور النشر وفي السياسة، واستغلال نفوذ الفرعون الأب والزوج والصديق والنسيب، بعد ظهوره بالأمس في برنامج "العاشرة مساء. ومن أبرز التصريحات التي أدلى بها "حمدين": 1- الدولة تسير بنفس سياسات مبارك أوضح صباحي أن السلطة الحالية في مِصْر تنتهج نفس سياسات نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك والأنظمة القديمة، قائلا: "في رأيي مِصْر في مأزق الآن، وأنا غيور على مِصْر وقلق عليها، وأقول ذلك لأجل التصحيح وليس التجريح". وأضاف: "أنا لم أختفِ الفترة الأخيرة بل أخذت خطوة إلى الخلف حتى يحصل الرئيس السيسي على فرصته في إدارة البلاد في مناخ خالي من المناكفة السياسية". الغريب أن "حمدين"، وقف ضد الرئيس الشرعي محمد مرسي، ودعم الانقلاب بداية من تشكيل ما يسمى ب"جبهة الإنقاذ"، وحتى الترويج والتوقيع على استمارة "تمرد"، ثم النزول بحسب تعليمات السيسي، أمام قائد الانقلاب في انتخابات رئاسية مفبركة لم يحضرها أحد. 2- البرادعي رمز وطني! دافع صباحي عن الدكتور محمد البرادعي، المشارك في الانقلاب العسكري، قائلا: "عيوبي ربما تكون أكثر من البرادعي، أو غيره، فلسنا أنبياء، نخطئ ونصيب، ونقدم انتقاداتنا ليتعلم هو أو غيره ويصوب مواقفه، ولكنه يبقى رمزًا وطنيًّا نبيلاً يستوجب الاحترام". وأضاف: "البرادعي كمصري أنا فخور به.. فهو وطني نبيل وضميره يقظ، أختلف معه، لكن لا يمكن اغتياله أو إنكار تاريخه وعطائه.. هذا ظلم وتجنّي بعيد عن الإنصاف". 3- البلد مش ماشية في السكة الصح! ودافع صباحي عن قائد الانقلاب العسكري، راعي مشاريع الفنكوش والعلاج بالكفتة، وقال: "الرئيس عليه عبء ونقدره جيدًا ونعرف قسوته في ظروف مشتبكة، لكن الأمر يحتاج إلى الإنصاف". وأضاف: "البلد مش ماشية فى السكة الصح؛ لأن السياسيات القديمة تحكمنا حتى الآن، ولا أعني أشخاصًا.. فأنا أحب الجميع.. ونفسي تنجح مصر شعبًا وسلطة وأن تظل الأرض محمية، وسأضغط على الزرار الذي ينجح الرئيس". وتابع: "بالفم المليان أنا مصري عاوز البلد تنجح، لكن شايف إن السلطة مش ماشية في سكة النجاح ووخدانا في سكة تانية وتسير على السياسيات القديمة، حتى وإن كان هناك بعض الإنجازات". 4- أنا أصلا رجل فنان! وأوضح صباحي أنه ك"كومبارس" لا يطمح في أي منصب، قائلا: "لا رغبة لي في موقع، ولا دور أؤدي.. فأنا أجمل شيء بالنسبة لي أحفادي، واقرأ كتب وأبكي من الدعاء، وأسمع مزيكا وأقرأ شعرًا لمحمود درويش.. أنا أصلاً رجل فنان، وجيت السياسة بس علشان الغلابة محتاجين حد يقول كلمتهم حتى.. مش عايز حاجة لنفسي". وأضاف "لدي أحلام بستر الغلابة وصيانة كرامتهم وليس الجلوس في قصر الاتحادية، ومن يحقق ذلك سأرفعه على رأسي". 5- قانون التظاهر غير دستوري! ومن باب ذر الرماد في العيون، وتحسين شروط وظروف العبودية، عبر "صباحي" عن رفضه لقانون التظاهر، قائلا: "المسجونين الآن ظلمًا وعدوانًا بسبب قانون غير دستوري اسمه قانون التظاهر، يلقون العنت بالسجون، بعد أن كانوا فرسان الميادين في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وقفوا ضد فساد مبارك واستبداد مرسي". وأضاف: "إنهم أجمل ما فينا.. الجيل ده شاف جنازات زمايله أكتر ما حضر أفراحهم.. الجيل ده اتحط في السجن وأباطرة الفساد الوطني المنحل يأخذون القروض.. هل هذا عدل في هذا البلد؟".