أفادت تقارير صحية رسمية قدمتها جهات حكومية إلى رئيس الوزراء ووزير التموين خالد حنفي، أن تخزين القمح المصرى والمستورد فى 500 شونة تنتج مادة «الأفلاتكسيون» التى تصيب أكثر من 15 مليون مواطن بالسرطان. ورغم التحذيرات المتكررة من «الصحة» ل«التموين» بإعادة النظر فى طريقة إنتاج هذه المادة القاتلة، إلا أن وزير التموين تجاهل تلك التحذيرات، وقرر تخزين 18 مليون طن من القمح بنفس الطريقة ليغتال أكباد 15 مليون مصرى سنوياً. سموم قاتلة يقول الدكتور طارق الدسوقى، الباحث فى المركز القومى للبحوث قسم الفطريات، إن السموم الفطرية بشكل عام هى مركبات كيميائية سامة تفرزها أنواع من الفطريات التى تنمو على المنتجات العلفية المختلفة؛ ويعتبر فطر «الأفلاتكسيون» من أهم وأخطر السموم على الإطلاق، حيث تم تصنيفه من قبل الهيئة الدولية لأبحاث السرطان أنه فى الفئة الأولى عالميا كمسبب للسرطان؛ مؤكدا وجود ارتباط وثيق بين «الأفلاتكسيون» وانتشار أمراض الكبد التى تنتشر بين المصريين. وأشار الدسوقى إلى أن القمح والذرة والفول السودانى تربة خصبة جدا لنمو «الأفلاتكسيون»، وهو ما ينذر بكارثة صحية؛ مؤكدا أنه يصنع الخبز، سواء البلدى أو الفينو، بمنزله، لمعرفته كم المخاطر المخيفة التى تهدد حياة المصريين، خاصة أنهم لا يمكنهم الاستغناء عن «رغيف العيش»، وهنا تكمن الكارثة، أن المصريين يشترون أمراضهم بأموالهم وينفقون الباقى على العلاج. ومن جانبه أكد الدكتور فارس اللقوه، أستاذ التخزين بكلية الزراعة، إن القمح يعد غذاءً استراتيجيًا؛ مشددا على ضرورة الاهتمام بالتخزين، خاصة أن مصر تمتلك أكثر من 500 صومعة لحفظ القمح، إلا أنها لا تلتزم بالمعايير الصحية، ما يساعد على انتشار فطر «الأفلاتكسيون» الخطير الذى يستقر بالكبد حتى يسبب السرطان؛ مؤكدا أن 90% من الفول السودانى فى مصر تقطن فيه مادة «الأفلاتكسيون» السامة؛ ويعود ذلك إلى سوء التخزين، وكذلك الذرة. قتل ممنهج ووصف الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة ومستشار وزير التموين الأسبق بهيئة السلع التموينية، عملية تخزين القمح والذرة ومختلف محاصيل الحبوب فى العراء، بالجريمة، واعتبرها قتلًا ممنهجًا للشعب المصرى، وعلى الحكومة المصرية أن تتحرك فورا لإقامة صوامع التخزين بالمواصفات المتعارف عليها دوليا، خاصة وأننا أولى دول العالم استيرادا للقمح، ويجب أن نحافظ على تلك الحبوب لمنع تعرضها للرطوبة الجوية وارتفاع درجات الحرارة التى تصيبها بالعديد من أنواع الفطريات التى تفرز سموم "الميكوتوكسين" بمختلف أنواعها. فهذه السموم ثابتة فور تكونها من فطريات تخزين القمح فى العراء فى رطوبة أكثر من 20% أو درجة حرارة أعلى من 20 درجة مئوية، أو كليهما، وجميعها متوفرة في مصر صيفًا وشتاء، خاصة وأن القمح يتم توريده في شهور الصيف من مايو حتى نهاية يوليو في ذروة ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، ولا يمكن التخلص من هذه السموم بعد تكوينها أو تكسرها أو تحللها، ولا يجدي معها أي معالجة كيميائية أو حرارية أو ضوئية، وبالتالي تنزل مع الدقيق وتخبز ويتناولها المصريون لتصيبهم بالأمراض الفتاكة؛ حيث لا تتأثر بحرارة الأفران. وأكد نور الدين على أن هذه المادة تمثل خطرًا داهمًا على أكثر من 10 ملايين تلميذ بمراحل التعليم الأساسي يعتمدون بصفة أساسية على الوجبات المدرسية الخفيفة التي يتم إنتاجها من القمح. علاوة على ما يصيب القمح المخزن بالشون المفتوحة في العراء من مخلفات القوارض شديدة السمية، بالإضافة لمخلفات الطيور والزواحف والسوس والعفن الفطري والعطن. وأوضح نور الدين أن ترك القمح في شون بنك التنمية ليفسد يعد جريمة تستحق المساءلة، وبالتالي لا بد من وضع سياسة جديدة يتم فيها سحب القمح فور توريده إلى الصوامع التابعة لوزارتي التموين والاستثمار ليتم حفظه في الأماكن المخصصة للتخزين، على أن يتم سحب جميع الأقماح المصرية من شون بنك التنمية والائتمان الزراعي قبل نهاية شهر أكتوبر من كل عام وقبل بدء موسم الأمطار في شهر نوفمبر، كما يجب البدء في تحويل الشون المفتوحة إلى صوامع أسمنتية ومعدنية، كما يجب أن يكون لكل مطحن صومعته الخاصة للحفاظ على القمح صحيا حتى طحنه. المال السايب وفى مفاجأة من العيار الثقيل كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات أن وزارة التموين ارتكبت العديد من المخالفات التي كبَّدت الخزانة العامة للدولة المليارات لصالح التجار والشركات الخاصة. وأكد التقرير أن "التموين" تواطأت مع إحدى الشركات الخاصة لتوريد بعض السلع التموينية وتجاهلت البضائع المكدسة في مخازن الشركة القابضة للمواد الغذائية، ما تسبب في تكبد الخزانة العامة للدولة أكثر من 2.5 مليار جنيه بالمخالفة للقانون، مشيراً إلى أن هناك مخالفات جسيمة في فروق الحسابات، علاوة على عدم مطابقتها للمواصفات. وفجر التقرير مفاجأة مدوية كشفت حجم الفساد المتغلغل داخل وزارة التموين؛ حيث أكد أن الوزارة تواطأت مع أحد رجال الأعمال المستوردين للقمح من الخارج، وسمحت له بإدخال شحنة كبيرة رغم صدور قرار وزاري بوقف استيراد القمح، حيث تم إدخاله على أنه قمح محلى وليس مستوردًا ليحصل رجل الأعمال على مكاسب بلغت نحو مليار جنيه من الدعم المقدم للمزارعين.