لا يزال التراجع الحاد في إيرادات قناة السويس يلقي بظلال قاتم على الشارع المصري، لا يتعلق بطبيعة الحال بتوالي خسائر المجري الملاحي منذ افتتاح التفريعة الجديد وآخرها في شهر سبتمبر الماضي لقرابة 117 مليون جنيه، وإنما يتعلق بارتفاع سقف الأحلام الوردية مع تدفق الأرقام المرتقبة على لسان المسئولين عن المشروع والتي ما لبست أن تحولت إلى "فنكوش" ضرب الاقتصاد المتهالك في مقتل. افتتاح التفريعة الذي خرج تحت لافتة "مصر بتفرح" سبقته توقعات خرافية بعوائد تقارب ال100 مليار دولار أعلن عنها عراب المشروع الفريق مهاب مميش، قبل أن ينخفض سقف الأحلام ليصطدم بواقع ترقب زيادة قدرها 13 مليارات بحلول عام 2023، إلا أن السيسي مع صدمة الأرقام خرج ليطمئن الرأي العام عبر أكذوبة أن مشروع الحفر على الناشف نجح فى تغطية نفقاته التي التهمت 8 مليارات دولار. شبكة "الجزيرة" الإخبارية تناولت في تقرير لها، البيانات الصادرة عن هيئة القناة بعد كثير من التعتيم، والتي أشارت إلى أن تراجع عوائد شهر سبتمبر الماضي يقدر ب13 مليون دولار، أي ما يعادل 117 مليون جنيه مصري، موضحة أن هذا التراجع ليس الأول من نوعه إذ سبقه تراجع آخر في أغسطس يقدر بنحو 10 % عن مثيله من العام الماضي. وأكد التقرير أن البيانات جاءت صادمة للقيادات السياسية، التي زعمت أن القناة في الأيام العشرة الأول من افتتاح التفريعة، تمكنت من تسجيل عائد يعادل 5 مليارات دولار، بينما الأرقام الرسمية تشير إلى أنه لم يتجاوز نصف مليار دولار. وأعاد التقرير بث واحد من خطابات قائد الانقلاب التي تناولت عوائد القناة عقب افتتاح التفريعة الجديدة، والتي زعم خلالها أن دخل القناة في ارتفاع بعد زيادة مرور السفن من معدل يومي 45 – 47 سفينة تقريبا ف المتوسط ليصل إلى 60 – 63 سفينة، ليدلس بعدها على الرأي العام بأن ال20 مليار دولار التي ابتلعتها التفريعة نجحت الإيرادات في تعويضها بالكامل. ولفت التقرير إلى أن "إدارة القناة أرجعت تلك الخسائر إلى تراجع نمو حركة التجارة العالمية وانخفاض الاستهلاك العالمي للنفط، نافية أن تكون –ما تسميه- القناة الجديدة السبب في ذلك". وتابع: "هذه التبريرات الوهمية ربما حذرت منها –في وقت سابق- مراكز اقتصادية دولية بارزة مثل بلومبرج الأمريكية وغيرها، التي أكدت حينها أنه لا جدوى اقتصادية من إنفاق أكثر من 8 مليارات دولار على التفريعة الجديدة والتي لن تؤتي ثمارها المرجوة في ظل تراجع معدل التجارة العالمية بنسبة 20 % ولا أمل في تحسنه قريبا". وأوضح التقرير انعكاس فنكوش التفريعة على الوضع الاقتصادي في مصر، موضحًا: "مشكلة جدوى تفريعة القناة وخسائرها الراهنة، ساهمت أيضا بحسب رئيس البنك المركزي المصري المُقال –مؤخرا- هشام رمزي، في أزمة ارتفاع الدولار الأخيرة بصورة غير مسبوقة في تاريخ البلاد". واختتم التقرير: "مواطنون مصريون رقصوا هنا - في ميدان التحرير- فرحًا لافتتاح مشروع وصف حينها بأنه هدية مصر للعالم أجمع، يتساءلون الآن عن مصير المليارات ال60 التي جمعتها الحكومة لمشروع بات يُمني بخسائر منذ انطلاقته الأولى".