حذرت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية من خطورة السياسات المالية التي يتخذها البنك المركزي المصري وحكومات السيسي لمواجهة أزمة نقص العملات الأجنبية. وقالت الصحيفة في تقرير لها الثلاثاء الماضي، ، إن المصدرين والمستوردين في مصر يعانون من ضغوط نقص العملة وتداعيات الإجراءات التي يطبقها البنك المركزي لمكافحة السوق السوداء. ورأت الصحيفة، في التقرير المنشور تحت عنوان "مشكلات العملة تعوق الاقتصاد المصري"، أن: "البلاد قد تكون نجحت في تحجيم نشاط السوق الموازية للدولار ولكن سياساتها فرضت ضغوطا على أنشطة اقتصادية بما جعل تلك الأنشطة مساهما في التباطؤ الاقتصادي في البلاد". وأشارت إلى أن: "شركات كبرى في مصر أجّلت مخططات توسعية بسبب نقص العملة الصعبة". وكان البنك المركزي قد سمح في يناير الماضي بهبوط سعر الجنيه أمام الدولار إلى مستوى 7.53 جنيهات بعد أن ثبته لما يزيد على ستة أشهر عند مستوى 7.14 جنيهات، بينما سمح بعد ذلك بتوسيع هامش بيع وشراء الدولار بالبنوك في نطاق أعلى أو أقل من السعر الرسمي بما يصل إلى 10 قروش مع إضافة 5 قروش فوق ذلك بالنسبة لمكاتب الصرافة. وفي يوليو الماضي سمح بانخفاض جديد بقيمة 20 قرشاً في سعر الجنيه ليصل إلى مستوى 7.73 أمام الدولار، وأبقى عليه عند هذا المستوى حتى الآن. ويبلغ سعر الجنيه أمام الدولار في البنوك حاليا 7.83 للبيع، و7.78 للشراء، ويتوقع عدد من بنوك الاستثمار وصول الدولار إلى 8 جنيهات قبل نهاية العام. وأوضحت الصحيفة البريطانية أن: "الحكومة طبقت حزمة إجراءات لمواجهة تداعيات ضعف تدفق النقد الأجنبي بعد ثورة 25 يناير، شملت تقييد خروج رؤوس الأموال وضخ دولارات في الاقتصاد للحفاظ على قيمة الجنيه، بالإضافة لتطبيق نظام المناقصات الدورية لإتاحة العملة الأميركية للبنوك التجارية، ووضع سقف على الودائع الدولارية في القطاع المصرفي". وقال مستورد مصري للفاينانشال تايمز، لم يُذكر اسمه، إنه: "اضطر لفتح 80 حسابا دولاريا حتى يتمكن من عدم تخطي السقف الذي وضعه المركزي على الودائع". وفرض المركزي المصري حداً أقصى على الإيداع النقدي بالدولار في البنوك، في فبراير الماضي، عند عشرة آلاف دولار يومياً للأفراد والشركات وبإجمالي 50 ألف دولار شهرياً. ونقلت فاينانشال تايمز عن رئيس المجلس التصديري لمواد البناء، وليد جمال الدين، قوله إن: "نقص الدولار والقيود المفروضة عليه وسياسات دعم الجنيه عوامل ساهمت جزئيا في تراجع صادرات القطاع بنسبة 25% هذا العام". وأضاف أن: "العديد من المصدرين في مجال مواد البناء يتأخرون في مواعيد تسليم بضائع لعملائهم ويفقدون فرصا لتحقيق مبيعات بسبب مصاعب توفير العملات الأجنبية لتمويل وارادت مدخلات الإنتاج". ويعاني الاقتصاد المصري من صعوبة في إتاحة النقد الأجنبي بعد اضطرابات سياسية متوالية أثرت على تدفق الاستثمارات الأجنبية وحركة السياحة، فقد تراجعت احتياطات النقد الأجنبي من نحو 36 مليار دولار قبل ثورة يناير 2011 إلى 18.1 مليار دولار في أغسطس الماضي.