على الرغم من كافة المعوقات المفتعلة والعراقيل الممنهجة التى دأبت الدولة العميقة وأصحاب المصالح في ثكنات العسكر على وضعها في طريق الرئيس المنتخب محمد مرسي، إلا أن الرجل الذى ارتقى إلى رأس السلطة –بإرادة شعبية حقيقية- نجح في التعامل مع تلك الأزمات وقيادة كافة القطاعات في دولاب العمل العام نحو التعافي ولو على نحو متباطئ مقارنة بالظروف التى كانت تمر بها البلاد وتكاتف المنظومة الفاسدة التى صنعها مبارك على عين من أجل إفشال دولة 25 يناير. مرسي الذى لم يكد يمر يوم دون محاولات حثيثة من عسكر السيسي لإسقاط الثورة التى أتت به إلى الحكم، نجح بامتياز في قيادة قطاع السياحة على وجه التحديد نحو استرداد مكانته التى تراجعت بشدة في الأعوام القليلة التى سبقت الثورة ولاحقتها، وتعامل مع الملف الحيوي باحترافية عالية، حملت القطاع الذي يمثل أحد أضلاع مثلث الدخل القومي إلى الأرتقاء في السلم العالي والنهوض الواضح في جدول الإرادات. المهندس أشرف بدر الدين-وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلسي الشعب والشورى- أكد أن العام الذي حكم فيه الرئيس الشرعي محمد مرسي، شهدت السياحة المصرية تقدمًا في الترتيب العالمي عن الأعوام السابقة له بخمس مراكز، مشيراً إلى أن مصر كانت في المركز 27 ووصلت إلى 22 على مستوى العالم في عهد مرسي. وأوضح بدر الدين أن مصر نصيبها من السياحة 0.5 % من إجمالي السياحة في العالم رغم أن مصر تملك ثلث المناطق السياحية في العالم، وهو الأمر الذي حرص الرئيس على وضع مخطط واضح المعالم ومحدد المدة لاستعادة مصر مكانتها، وكان المردود على أرض الواقع واضحًا وملموسًا. ولأن شهادة بدر الدين قد تكون مجروحة باعتباره أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن وزير السياحة الحالي في عهد السيسي أبدا لم يكن ليجامل الرئيس المختطف على حساب الجنرال القابع على رأس السلطة بقوة السلاح، حيث أكد هشام زعزوع أن السياحة شهدت عام 2012 تعافيا -العام الذى حكم فيه الرئيس مرسى- حيث وفد إلى البلاد 11.5 مليون سائح، وارتفعت إيرادات القطاع إلى نحو عشرة مليارات دولار، بمتوسط 820 مليون دولار شهرياً، وزار مصر في الربع الأول من 2013 ثلاثة ملايين سائح، بزيادة 14.6% مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي. وأوضح زعزوع أن نظام مرسي كان يعمل على ارتفاع عدد السياح القادمين إلى مصر إلى 13 مليون سائح نهاية عام 2013، بارتفاع نسبته 17% عن العام السابق، مشيرا إلى أن مرسي كان يطمح -على المدى الطويل- إلى استقطاب ثلاثين مليون سائح سنويا، والوصول بإيرادات القطاع إلى 25 مليار دولار بحلول العام 2022، غير أن العسكر لم يكن ليمهل الرئيس للنهوض بالبلاد على حساب المصالح الضيقة. وبعد مرور عامين ونيف من انقلاب الدبابة على ثورة 25 يناير، تراجعت السياحة في عهد السيسي بمعدلات حادة وبواقع متسارع، في ظل غياب الرؤية وافتقاد استراتيجية إدارة الأزمات، على الرغم من تكاتف كافة أجهزة الدولة العميعة ورجال أعمال المخلوع، وتسخير المؤسسة العسكرية بكافة إمكاناتها من أجل إنجاح الجنرال ومساندة الحكم العسكري. مصدر مسئول بوزارة السياحة، أكد –فى تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة"- أن القطاع المريض قام بتسريح 75 % من العمالة في ظل الانهيار الحاد الذى تشهده السياحة في عهد السيسي، فضلا عن القوانين العشوائية التى سنها الجنرال والتى أدت إلى تواصل النزيف. "الروبل" الروسية بدوره، أكد رئيس غرفة السياحة حسام الشاعر –الموالي للنظام العسكري- أن عبد الفتاح السيسى لا يضع السياحة في حسبانه، مضيفا: "للأسف لا يضع السياحة ضمن أهم أولوياته، وكنا نتمنى كعاملين في ذلك القطاع أن يكون هناك اهتمام متزايد من جانب الجنرال لأن السياحة قاطرة التنمية وخصوصا في تلك المرحلة الحرجة بعدما تعرض القطاع للدمار خلال الفترة الماضية. ويتلاعب السيسي بملف السياحة والذى يمثل بمفرده 10% من الدخل القومي، لاستخدامه كأحد أوراق السياسة لتحقيق شعبية زائفة والتقرب من النظام الروسي، حيث أعلن قائد الانقلاب أنه يدرس استخدام عملة «الروبل» الروسية في قطاع السياحة، في خطوة اعتبرها خبراء المال بمثابة إنقاذ لاقتصاد بوتين من عثرته في ظل توالي العقوبات الغربية على موسكو. وأوضحت صحيفة «إنترناشيونال بيزنس تايمز» البريطانية، أنه في الوقت الذي تشل فيه عقوبات الغرب روسيا، يدرس السيسي استخدام الروبل في السياحة لا لإنقاذ اقتصاده المتهاوي وإنما لدعم نظام بوتين المنبوذ عالميا. وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الروسي من عقوبات الولاياتالمتحدة والدول الغربية؛ بسبب تورط «موسكو» في الأزمة الأوكرانية، نقلت وكالة «تاس» عن السيسي قوله: «مستعدون لاستخدام الروبل والجنيه المصري في قطاع السياحة؛ لتفادي المشاكل التي ظهرت مع سعر صرف الدولار». من جانبها، اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن السياحة تأثرت بقوانين السيسي العشوائية، وعلى رأسها القرار الخاص بضرورة الحصول على إذن سابق قبل الدخول إلى البلاد، والذي يجبر القادمين إلى مصر دون شركات سياحة، التقدم بطلب للحصول على إذن مقدمًا، مما يؤدي إلى احتمالية تأجيل هذا النوع من الزوار الذين يشكلون نسبة تصل إلى ربع سوق السياحة المصرية في سنوات الطفرة. ونقلت الصحيفة عن إلهامي الزيات -رئيس الاتحاد المصرى للسياحة-: "إنه لا يفهم توقيت القرار الذي سيكون له تأثير سلبي، ولكن لا نعرف حجمه، ولكن بالنسبة إليّ شخصيًا سيؤثر أكثر من تأثيره على الآخرين، لأنني أعمل أغلب الوقت مع الأفراد".