«ياما جاب الغراب لأمه» هكذا كان استقبال المصريين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فى أول زيارة للقاهرة عقب الانقلاب الفاشي، حيث أعد النظام العسكرى العدة لمراسم من نوع خاص للداعم الأبرز لسلطة 30 يونيو فى بلاد الغرب، على اعتباره الفاتح الذى جاء لينقذ البلاد من عثرتها وينعش الاقتصاد المنهار ويدعم الجيش فى حربه المزعومة على الإرهاب. إلا أن المتأمل فى الشأن الروسى حاليا، يجد أنه ليس أفضل حالا من نظيره المصري حيث يعانى اقتصاد موسكو من تراجع حاد جراء التدخل السافر ل بوتين فى الشأن الأوكراني ودعم الانفصاليين مع دق طبول الحرب بين الجارين اللدودين، فضلا عن تراجع الروبل بشكل لافت على خلفية العقوبات الأوروبية والأمريكية، إلى جانب تراجع نفوذ الدب السوفيتي فى الشرق الأوسط لصالح العم سام. ولم يكن ترحيب الشعب المصري بالرئيس الروسي أفضل من الاستقبال الذى رتبته الأقدار، حيث هبت على البلاد عاصفة ترابية أحالت نهار القاهرة إلى ليل مصفر، وانعدمت الرؤية وصار الهواء خانقا، وهو ما أفسد دعوة قائد الانقلاب لضيفه لتناول الغداء فى الهواء الطلق فى رحاب القصر الجمهوري. وزاد من سخط المصريين من زيارة رئيس روسيا الأجراءات الأمنية الخانقة التى اتبعتها مليشيا الانقلاب لتأمين موكب الضيف، والذى شل حركة المرور فى العاصمة بشكل تام، واختنقت الطرق لساعات طوال، وتعطلت مصالح الناس، وأجبر العسكر المارة على الإبتعاد عن مسار موكب القيصر الروسي، حتى أنهم حبسوا المارة فى طريق صلاح سالم داخل مستشفى الأمراض العقلية حتى عبر الركب بسلام. وعلى الرغم من سلبية الزياة وعدم جدواها، وافتقاد الروس البريق الذى استغله العسكر فى خمسينيات القرن الماضي لترسيخ أركانه، لم يعد كما كان، إلا أنها أثارت من رحم الإحباط والمعاناة عاصفة من التهكم على الزيارة، بعدما صاحبها الكثير من المواقف الساخرة. كانت البداية عندما دخل الرئيس الروسي إلى دار الأوبرا المصرية ومن خلفه ظهر عملاقا قادما من الأزمان الغابرة، اكتشف الشعب فيما بعد أنه ليس أحد الألية الكارتونية التى تحارب قوى الشر، وإنما هو الحارس الخاص لبوتين: وتداول نشطاء التواصل الاجتماعي صور "هرقل" لتنفجر معها عاصفة من السخرية، حيث علقت سارة علي: "حارس بوتين الشخصي أطول من المنطقة العازلة اللى فى سينا"، فيما علق أحمد إبراهيم: "مش ده مازينجر اللى كان بيحارب الأشرار". وكتب أحد النشطاء: "حارس بوتين ده لوحده كفيل إنه ينهى الأزمة الأوكرانية، لا ومش ينهي الأزمة بس لا ده يقضى على أوكرانيا نفسها"، فيما علق أسامة: "حارس يوتين من مقاتلي الجيل الخامس.. انا كل ما اشوف الصورة اتقتل ضحك الراجل ده لو زعل حيضيع مصر وروسيا يخرب بيت اللي يزعله”. وقلل عمر أحمد من أهمية ضخامة الحارس الخاص ل بوتين: "يا جماعة ده «هالك» بعد ما خلص أجزاء الفيلم فى أمريكا، راح روسيا انتداب يشتغل حارس فى القصر الرئاسي"، وعلق مستر حسام: “أول مرة أعرف أن مازينجر بعد ما بطل تمثيل اشتغل في الأمن”. ولم يكن الحارس الخاص وحده مسار السخرية، بقدر ما تحول المشهد إلى كوميديا سوداء بعدما فشلت عسكر المارشات فى عزف السلام الروسي، وهو ما كشفت عنه فضائية "روسيا اليوم" مشيرة إلى إن الجانب المصرى فشل فى أداء النشيد الوطني حيث جاء مختلفا نوعا ما عن النشيد الأصلي. وسخرت القناة الروسية: "لقد فعل الجانب المصري أكثر ما يمكن من أجل راحة الرئيس الروسى بوتين، حتى أنهم قاموا بتأدية النشيد الوطني الروسي ولكنه جاء مختلفا نوعا ما عن النشيد الاصلى، ولكن على أى حال فهم حاولوا". وأثار الموقف المحرج سخرية النشطاء، حيث كتب عمر عبد العزيز: "بتحطوا نفسكم فى مواقف بايخة"، فيما كتب حسن المصرى: "يا عم طب كنت حمل السلام الروسى من النت، وشغله على أى جهاز إم بي 3، وبلاش إحراج". فيما استحوذت لافتات الترحيب بالرئيس الضيف فى شوارع العاصمة على الجانب الأكبر من التهكم، بعدما وضع الانقلاب عسكرى أسفل كل لافتة من أجل حمايتها من التشويه أو التمزيق أو أن يدولها اسبراي الثوار، إلا أن كتابة عبارات الترحيب بالإنجليزية أثار السخرية، حيث كتب أحد النشطاء: "لغة الزائر القادم هي الروسية، ثقافة الخمسين في المية هتدمّر العلاقات المصرية الروسية".
وعلق آخر: "السيسي فاكر إن بوتين جاي يدّيه فلوس، بينما الحقيقة إن بوتين جاي ياخد فلوس. اتلَمّ المفلس على المفلس"، فيما كتب عمرو بكري: "كل تصرفات السيسي في السياسة الخارجية تؤكد انه مراهق سياسيا، وما كان إستقبال المنبوذ بوتين إلا حلقة جديدة في مراهقته السياسية"، فيما تهكم ثالث من تسريبات السيسي حول معونات الخليج قبيل الزيارة، وكتب: "بس روسيا مش بتاعة فلوس زي الرز". ومع إعلان الانقلاب عن توقيع اتفاقية إقامة مفاعل نووي، دشّن النشطاء هاشتاج "فكر في اسم المفاعل النووي"، لتتوالى التعليقات الساخرة، أبرزها: "مفاعل الحاج بدوي وأولاده، مفاعل مديحة، مفاعل كمونة، مفاعل تهاني الجبالي، مفاعل عبد العاطي للكفتة".