انتخابات مجلس النواب.. مرشحو "مستقبل وطن" يتقدمون بأوراقهم على المقاعد الفردية بالإسماعيلية    الاتصالات : تنفيذ البرنامج العالمى للتعليم الرقمي HP IDEA فى مدارس WE بالمحافظات    القناة 12 الإسرائيلية: ترامب يدرس حضور مراسم توقيع اتفاق غزة بمصر    الضفة.. إصابة فلسطيني برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب القدس المحتلة    الرئيس السيسي يهنئ المنتخب الوطني بعد التأهل لكأس العالم: أدخلتم الفرحة في قلوب المصريين    المقاولون العرب يهنئ منتخب مصر على التأهل لكأس العالم    حريق هائل في شارع المرسيدس بمنطقة الحرفيين بالقاهرة    رفض استئناف البلوجر شاكر محظور على حبسه احتياطيا 45 يوما في اتهامه بغسل أموال التيك توك    "أرواح فى المدينة" تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    مقبرة للعدو.. كيف تحطمت أسطورة خط بارليف بعزيمة القوات المسلحة؟    نهضة بركان يتعرض لضربة قوية قبل مواجهة بيراميدز في السوبر الأفريقي    عدم اكتمال الجمعية العمومية غير العادية لسحب الثقة من مجلس الإسماعيلي    دعوى أمام القضاء الإداري لوقف نشر صور متهمات وقاصرات جرائم الآداب    على السجادة الحمراء.. استقبال مهيب لبوتين في دوشنبه    حبس 3 أشخاص بتهمة الاتجار في المخدرات بالبحيرة    مقتل طفل وإصابة 3 أشخاص إثر تجدد خصومة بين طرفين في سوهاج    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    جائزة نوبل في الكمياء 2025.. عالم عربي بين الفائزين    رحمة أحمد تنضم ل«نصيب»بطولة ياسمين صبري    زاهي حواس: كنت على ثقة بفوز العناني بمنصب مدير عام اليونسكو(فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    تكريم خطباء الاوقاف والازهر بمدينة السرو من قبل مركز الشباب    جامعة أسيوط تنظّم يومًا علميًا للتعريف بوحدة التأهيل الرئوي ودعم منظومة علاج أمراض الصدر بصعيد مصر    مدير مستشفيات قصر العيني يتفقد مستشفى أبو الريش الياباني ويشيد بالالتزام    ريال مدريد يكشف تفاصيل إصابة مدافعه.. وشكوك حول لحاقه بالكلاسيكو    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    فوز «العنانى» التاريخى    تقرير دنماركي: يس توروب وقع على عقود تدريب الأهلي 3 سنوات    خالد سليم وعبد الباسط حمودة يجتمعان فى دويتو ليلة مِ اللى هيا    إثيوبيا يعبر غينيا بيساو ولا تغيير فى ترتيب مجموعة مصر بتصفيات المونديال    هيئة الدواء: دستور الدواء المصرى يواكب التطورات العالمية للصناعة    "التحالف الدولي" يعيد تموضع قواته في سوريا لمواجهة بقايا "داعش"    ندوة تثقيفية لجامعة أسيوط الأهلية حول "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ودور الجامعات في تعزيزها"    إصابة شخصين فى حادث انقلاب سيارة ملاكى فى إحدى ترع الغربية    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    ضبط سائقي سيارتين سمحا لأطفال بالجلوس فوق النوافذ خلال زفة فى القليوبية    استئصال ورم ليفى يزن كيلوجرام من أذن تيس بالطب البيطرى جامعة القاهرة    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    أسعار الدواجن بأسواق الإسكندرية تصل إلى 80 جنيها للكيلو    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    الأهلي يستعد للمشوار الأفريقي بكتيبة غيابات    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإخوان": أمريكا فرضت أنظمة قمعية والعالم لن ينسى دورها في تدمير الشعوب

أكدت جماعة الإخوان المسلمين في رسالتها الأسبوعية العالم لن ينسى الدور الأمريكي في فرض أنظمة قمعية على الشعوب لتسلب حريتهم كرامتهم وإنسانيتهم، ولن ينسى العالم دور الولايات المتحدة في قتل الملايين بدءا من القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما ونجازاكي، ومرورا بفيتنام التي حصد الأمريكان الملايين من أبنائها وكأنهم حشرات، واختراع الأكاذيب بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل تبريرا لاحتلاله ونهب ثروته وقتل وتعذيب الملايين من أبنائه، وإثارة الحرب الطائفية بينهم، وتدمير أفغانستان، وممارسة أبشع صور التعذيب في أبو غريب وباجرام، وانتهاء بالسود الأمريكيين.
وأضافت الرسالة أن منظومة القيم الأمريكية المزعومة ليست سوى قشرة للتجمل، وما جرى ويجري من حولنا يكشف لنا كل يوم مزيدا من كذب الادعاء بوجود تلك المنظومة، التي تبرر بها أمريكا تدخلها السافر في شئون أمتنا وسعيها الدؤوب لفرض أنظمة قمعية متسلطة تنحر القيم وتهدر الكرامة الإنسانية وتسحق إرادة الشعوب في العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
وقارنت الرسالة بين ما جاء به الدين الإسلامي الحنيف من قيم وأخلاق سامية تحافظ على النفس البشرية باختلاف الأجناس والديانات وتصون الأموال والأعراض والدماء وتحافظ على حياة البشرية وتدعو إلى الحياة الكريمة للإنسان والحيوان والنبات، وبين ما تدعيه الديمقراطيات الغربية وفي مقدمتها أمريكا من ديمقراطية وحقوق إنسان وهي في الوقت نفسه تدوس على كل هذه المبادئ والقيم من أجل مصالحها.
وأشارت إلى أن التقرير الأخير الذي نشر عن تعذيب أمريكا لعدد من المسلمين والعرب عقب أحداث 11 سبتمبر، وتشغيل الأمريكان لأنظمة وأجهزة أمن ومخابرات أجنبية لتقوم بتعذيبهم واحتجازهم في مرافقها الخاصة، وكأنما يتجمل الأمريكان بممارسة التعذيب بأيدي غيرهم، ليتصور البعض أنهم متحضرون، وكأن البشر أغبياء لا يفهمون. وهذا لا يناقض -فحسب- الادعاء بأن القيم الأمريكية تقوم على العدالة والحرية والكرامة، بل يؤكد استخدام الأمريكان الأنظمة المستبدة، وبخاصة الأنظمة العربية، من أجل تبرير جرائم تلك الأنظمة ومقابل التغاضي عن هذا الطغيان الذي تمارسه تلك الأنظمة تجاه الشعوب المطالبة بحقوقها بحجة محاربة الإرهاب.
وأوضحت أنها منظومة قيم نفعية عنصرية تسعى لترسيخ حقوق العنصر الأمريكي والغربي على حساب حقوق باقي البشر، ولهذا تفقد احترامها وتفقد كل ما يجعلها قيما من الأساس.
نص رسالة الإخوان المسلمين الأسبوعية
منظومة القيم بين الحقيقة والادعاء
رسالة الإسلام هي رسالة الإنسانية:
القيم العليا التي تحترم إنسانية البشر وتحفظ كرامتهم وتبسط العدل فيما بينهم دون تمييز على أساس العنصر أو الجنس أو الدين هي من أبرز ما جاءت به رسالة الإسلام العظيمة، وطبقها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تعرف البشرية هذه المصطلحات، وقبل أن تظهر في أدبيات الحضارة الغربية الحديثة، فلقد أعلن القرآن العظيم تكريم الإنسان على سائر المخلوقات، فقال تعالى ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾، بل أعلن القرآن العظيم أن سائر ما في الكون مسخر من أجل مصلحة ومنفعة هذا الإنسان الذي خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته، فقال سبحانه ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾.
الإسلام يحرم كل صور الاعتداء على الإنسان:
لهذا حرم الله الاعتداء على النفس البشرية بأي صورة من الصور، واعتبر الإسلام زوال الدنيا أهون على الله من قتل إنسان بغير حق، واعتبر الاعتداء على نفس واحدة اعتداء على البشرية كلها، وحماية نفس واحدة حماية للبشرية كلها، فقال تعالى ﴿أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.
كما حذر غاية التحذير من تعذيب النفس البشرية بأي صورة من صور التعذيب، فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا».
«صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ"
بل حرم الاعتداء على أي نفس مخلوقة بغير حق، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ».
الإسلام يأمر بتمام العدل حتى مع المخالفين والمبغوضين:
وقد كان القرآن صارما غاية الصرامة واضحا كل الوضوح، وهو يدعو إلى عدم متابعة الأهواء والمشاعر في إحقاق الحق، ويؤكد على العدل التام حتى مع من ظلموا وأساؤوا، فقال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ أي لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ على عدم العدل معهم، بل اعْدِلُوا فِي أَوْلِيَائِكُمْ وَأَعْدَائِكُمْ، فهُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى، وقال تعالى ﴿فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا﴾ أي لا تجعلوا أهواءكم وقراباتكم تدفعكم إلى الميل عن الحق، بسبب الدين أو القرابة أو الجنس أو العصبية. فأنتم جميعا أولاد آدم مهما اختلفت ألوانكم ولغاتكم وأجناسكم، قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.
التطبيق العملي لمنظومة القيم العليا:
لم يكن احترام منظومة القيم العليا أمرا توجيهيا نظريا فحسب، بل هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حين انتصف ليهودي من أحد المنافقين الذي ارتكب جريمة السرقة وأراد إلحاقها بأحد اليهود، ونزلت تسع آيات من القرآن تؤكد هذا المعنى العظيم وتحفظ للدنيا وللتاريخ هذا الموقف العادل الكريم، فقال تعالى ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا. وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا. وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا. يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا. هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا. وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا. وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا. وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا﴾.
فأين تجد مثل هذا التجرد والسمو في التطبيق العادل للقيم العليا إلا في الإسلام العظيم، الذي رفض نبيه العظيم أي استثناء في تطبيق القانون، وقال: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا».
الإسلام يحترم الإنسان لكونه إنسانا بغض النظر عن دينه:
على هذا مضت سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة المسلمين من بعده، فهذان صحابيان من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما قَيْسُ بْنَ سَعْدٍ، وَسَهْلُ بْنَ حُنَيْفٍ، كَانَا بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرَّتْ بِهِمَا جَنَازَةٌ، فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا: إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، (يعني ليست جنازة لمسلم)، فَقَالَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ، فَقَامَ، فَقِيلَ: إِنَّهُ يَهُودِيٌّ، فَقَالَ: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا؟».
ولا تزال ترن في أذن التاريخ كلمة عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص حين اعتدى ابنه على أحد أقباط مصر: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟»
وتوجيهه لولاته وهو يرسلهم إلى الأمصار: «أَلَاَ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكُمْ أُمَرَاءَ وَلَا جَبَّارِينَ، ولكِنْ بَعَثْتُكُمْ أَئِمَّةَ الهُدَي، يُهْتَدَي بِكُمْ، أدِرُّوا على المسلمين حقوقَهم، ولاَ تَضْرِبُوهم فَتُذِلُّوهُمْ، وَلاَ تُجَمِّرُوهُمْ (أي لا تحبسوهم بغير حق) فَتَفْتِنُوهُمْ، ولا تُغْلِقُوا الأَبْوَابَ دونَهم، فَيَأْكُلَ قَوِيُّهم ضَعِيفَهم، ولا تَسْتَأْثِرُوا عليهم فتَظْلِمُوهُم، ولا تَجْهَلُوا عليهم«
ولا يتردد في محاسبتهم أمام الناس في موسم الحج حتى يشجع كل صاحب حق في المطالبة بحقوقه دون خوف من ذي قوة أو سلطان.
تلك بعض ملامح الاحترام الإسلامي لمنظومة القيم العليا التي تجعل الإنسان مركز الدائرة في هذا الكون، وترفع من قيمة حريته وكرامته وإنسانيته حيا وميتا.
القيم الأمريكية المنحازة:
في مقابل هذا الموقف الواضح تجد أن الغرب عموما وأمريكا خصوصا يدَّعون احترام منظومة القيم العليا نظريا، لكنهم يدوسونها بأقدامهم ويتلاعبون بها في الواقع، ولقد ظلت أمريكا تتسمى باسم زعيمة العالم الحر، وتصدر في كل عام تقارير من وزاراتها ومؤسساتها تدين دول العالم الأخرى بانتهاك حقوق الإنسان وامتهان كرامته، ثم ها هو التقرير الأمريكي الأخير عن وسائل التعذيب الأمريكية الذي أثار ضجة إعلامية كبرى، وهو التقرير الذي قال البعض: إنه يمثل نقطة سوداء فى التاريخ الأميركي؛ يسطر الحقيقة بأن أمريكا هي أبشع من ينتهك تلك الحقوق، ويفتح الباب لكشف حقيقة الالتزام الأمريكي بما يسمونه منظومة القيم الأمريكية القائمة على الحق والعدل والحرية والكرامة الإنسانية وعدم التمييز العنصري أو الطائفي... إلى آخر المنظومة المزعومة.
وإذا كان التقرير قد أكد - كما ذكرت «هيومن رايتس ووتش»- ضلوعَ (السي أي إيه) في التعذيب والذي يعتبر عملاً جُرمياً، فهل ستقوم أمريكا بمحاسبة المتورطين في الجريمة؟ يجيب مسؤول بارز في البيت الأبيض: إن وزارة العدل الأميركية قررت عدم توجيه أي تهمة جنائية لأي شخص من المتورطين في جرائم تعذيب المعتقلين.
وأيا كان المبرر لعدم الملاحقة، وأيا كان الجرم الذي عذب بسببه هؤلاء المساكين؛ فإن عدم ملاحقة من أهدروا الكرامة الإنسانية ينسف أي حديث عن منظومة القيم نسفا، ويدعها قاعا صفصفا.
وزير الخارجية الأمريكي يتلاعب ويدلس:
ومن باب التلاعب بالعبارات والألفاظ يعلن وزير الخارجية الأمريكي: «أن التقرير يؤكد أن أحد نقاط القوة لأميركا، هو قدرة نظامنا الديمقراطي على الاعتراف بالخطأ وتصحيح المسار، والرئيس باراك أوباما طوى صفحة هذه السياسات ومنع استخدام التعذيب وأغلق برنامج الاعتقال. لقد كان من الصواب وضع حد لهذه الممارسات لسبب بسيط ولكنه قوي: أن تلك الممارسات كانت بعكس قيمنا. هذه الممارسات ليس ممثلة لنا».
فأي تصحيح للمسار إذا سمح للمجرم بالإفلات من المحاسبة، وأي قيم تلك التي تعتبر فئة من الناس مهدورة الكرامة والحقوق، حتى لو اتهمت بارتكاب الجرائم، وأي فرق بين الدولة وبين العصابات الإجرامية إذا كان كل منهما يعطي نفسه الحق في إهدار كرامة وحياة خصمه تحت أي مبرر.
وأي قيم ينتصر لها أحد أكثر الداعمين للانقلاب الدموي في مصر على نتائج الانتخابات الديمقراطية النزيهة؟ والذي يتغاضى عن المجازر الدموية التي حصلت للمتظاهرين السلميين على مرأى ومسمع من القاصي والداني، وكأن دماء الآلاف صارت ماء، وكرامات عشرات الآلاف من المعتقلين والمعذبين صارت مهدورة؛ لمجرد أن ساكن البيت الأبيض يرفض توجهاتها ومنهجها في الحياة، حتى لو حازت الرضا والقبول التام من شعوبها، حسبما كشفت الآليات الديمقراطية النزيهة.
وأي قيم تنتصر لها إدارة تراوغ وتعلن أنها لن تسمي الانقلاب انقلابا، لتبرر دعمها للقتل والتعسف والعصف الانقلابي بكل حقوق الإنسان، وحتى لا تقع تحت طائلة القانون الأمريكي الذي يمنع - كما يزعمون - دعم الانقلابيين في أي مكان في العالم.
التقرير قمة جبل الجليد:
إن ما أظهره هذا التقرير الأخير - الذي أخفت الإدارة تسعة أعشاره وسمحت بنشر عشره فقط- إنما يمثل قمة جبل الجليد، وهل ينسى العالم الدور الأمريكي في تدمير الشعوب وقتل الملايين؟ بدءا من القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما ونجازاكي، ومرورا بفيتنام التي حصد الأمريكان الملايين من أبنهائها وكأنهم حشرات، واختراع الأكاذيب بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل تبريرا لاحتلاله ونهب ثروته وقتل وتعذيب الملايين من أبنائه، وإثارة الحرب الطائفية بينهم، وتدمير أفغانستان، وممارسة أبشع صور التعذيب في أبو غريب وباجرام، وانتهاء بالسود الأمريكيين، حيث رأينا ما جرى لبعض السود الأمريكيين على يد بعض الشرطة البيض الأمريكيين، ليتبين أن منظومة القيم المزعومة ليست سوى قشرة للتجمل، وما جرى ويجري من حولنا يكشف لنا كل يوم مزيدا من كذب الادعاء بوجود تلك المنظومة، التي تبرر بها أمريكا تدخلها السافر في شؤون أمتنا وسعيها الدؤوب لفرض أنظمة قمعية متسلطة تنحر القيم وتهدر الكرامة الإنسانية وتسحق إرادة الشعوب في العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.
منظومة قيم منفعية لا تمنع من استغلال الأجهزة المستبدة في تعذيب الناس:
لقد اعترف التقرير بما هو معلوم من تشغيل الأمريكان لأنظمة وأجهزة أمن ومخابرات أجنبية لتقوم بتعذيبهم واحتجازهم في مرافقها الخاصة، وكأنما يتجمل الأمريكان بممارسة التعذيب بأيدي غيرهم، ليتصور البعض أنهم متحضرون، وكأن البشر أغبياء لا يفهمون. وهذا لا يناقض -فحسب- الادعاء بأن القيم الأميركية تقوم على العدالة والحرية والكرامة، بل يؤكد استخدام الأمريكان الأنظمة المستبدة، وبخاصة الأنظمة العربية، من أجل تبرير جرائم تلك الأنظمة ومقابل التغاضي عن هذا الطغيان الذي تمارسه تلك الأنظمة تجاه الشعوب المطالبة بحقوقها بحجة محاربة الإرهاب،
وهذا يذكرنا بمقولة المفكر الذي سئل عن سر عدم وقوع انقلاب في الولايات المتحدة الأمريكية، فأجاب: «لأنه لا توجد في واشنطن سفارة أمريكية».
إنها منظومة قيم نفعية عنصرية تسعى لترسيخ حقوق العنصر الأمريكي والغربي على حساب حقوق باقي البشر، ولهذا تفقد احترامها وتفقد كل ما يجعلها قيما من الأساس.
لقد كان هذا الموقف الشائن للإدارة الأمريكية في دعم الأنظمة المستبدة سببا أساسيا من أسباب غضبة الشعوب العربية الحرة وثورتها، وها هي أمريكا تعود لنفس سياستها وتشجع الانقلاب الدموي الفاشي على العودة لسيرته الإجرامية الأولى، ولكن الشعب المصري الحر والثوار الأحرار مصممون على وقف هذه الجريمة، وتطهير البلاد من هذا الانقلاب الوحشي، وإرساء منظومة القيم العليا الحقيقية محل هذا الانقلاب الساقط بإذن الله.
أيها الثوار الأحرار:
أنتم -ومعكم كل حر شريف في هذا العالم- من يملك رصيدا أخلاقيا يسمح له بالتقدم لحمل راية القيم العليا في هذا الوجود، فاستعينوا بربكم، وثقوا في قدرتكم، وانفضوا أيديكم من الاعتماد على غير الله، واستكملوا ثورتكم، وأجمعوا أمركم، ووحدوا صفوفكم، وأبشروا بنصر الحق وزهوق الباطل عن قريب ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
والله أكبر ولله الحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.