كل قطاعات الانتاج تنهار فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي حتى القطاعات التى كانت مصر تحقق فيها الاكتفاء الذاتى وتصدر إلى الخارج لم تعد كما كانت وتسببت سياسات حكومة الانقلاب الفاشلة ورفع أسعار مستلزمات الانتاج ومحاصرتها بالضرائب والرسوم فى توقفها عن الانتاج . هذه التحديات تنطبق على قطاع الأسمدة حيث تسبب تصاعد أزمة نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها في السوق المحلية، إلى دفع وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب بشكل عاجل لتأمين احتياجات الموسم الزراعي الحالي، من خلال خطط لاستيراد كميات كبيرة من الأسمدة النيتروجينية وتكوين مخزون استراتيجي يعوض النقص الناتج عن توقف المصانع عن الانتاج بسبب أزمة الغاز الطبيعى . يأتي هذا التحرك في وقت تواجه فيه الوزارة تحديات تتعلق بارتفاع تكلفة الاستيراد، وسط حالة من الترقب في الأوساط الزراعية بشأن مستقبل توافر الأسمدة وأسعارها خلال الفترة المقبلة.
مصانع الأسمدة
يشار إلى أن مصانع الأسمدة كانت قد توقفت لنحو 30 يومًا على مرحلتين بسبب تعطل إمدادات الغاز الطبيعي، نتيجة توقف الواردات من الكيان الصهيونى لأسباب صيانة، ثم بسبب التوترات في المنطقة إثر الهجمات ضد إيران. وأدت هذه الأزمة إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأسمدة بالسوق الحر، إذ بلغ سعر شيكارة اليوريا 1800 جنيه، وسجلت شيكارة النترات نحو 1300 جنيه، وسط صعوبة حصول الفلاحين على مستحقاتهم من الجمعيات التعاونية في موسم الزراعة الصيفي. كانت وزارة زراعة الانقلاب قد أعلنت أنها تدرس استيراد 20 ألف طن من الأسمدة النيتروجينية من نوع "النترات"، في إطار خطتها لاستيراد 200 ألف طن لتكوين مخزون استراتيجي. وأعلن علاء فاروق وزير زراعة الانقلاب نهاية يونيو الماضى، خطة الوزارة لرفع المخزون الاستراتيجي من الأسمدة إلى 400 ألف طن، لتعويض الكميات المستهلكة خلال أزمة توقف مصانع الأسمدة في شهري مايو ويونيو الماضيين. لكن الأسعار الحالية في السوق العالمية، والتي تصل إلى نحو 25 ألف جنيه للطن، تثير قلقًا داخل الوزارة، وقد تعيق إتمام التعاقدات في الوقت الراهن .
أسعار جنونية
فى هذا السياق قال علي عودة، رئيس الجمعية المركزية للائتمان الزراعي، إن استيراد النترات بهذه الأسعار يعني أن شيكارة السماد زنة 50 كجم قد تُطرح بسعر 1250 جنيهًا دون احتساب تكاليف الشحن والنقل، وهو ما لا يناسب السوق، مشيرا إلى أن منظومة الدعم توفر الشيكارة نفسها ب259 جنيهًا فقط. وتوقع عودة فى تصريحات صحفية أن تنتهي وزارة زراعة الانقلاب خلال أسابيع من حصر المساحات المنزرعة بالمحاصيل التي تُصرف لها حصص مدعومة، على أن يتم استكمال صرف الدفعات المتبقية من الأسمدة خلال أغسطس المقبل.
نقص المعروض
واعتبر حسين أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، إن اتجاه وزارة زراعة الانقلاب لاستيراد 20 ألف طن من الأسمدة النتروجينية يأتي كخطوة اضطرارية لمواجهة النقص الحاد في المعروض من الأسمدة داخل السوق المحلي . وقال أبو صدام فى تصريحات صحفية إن هذا القرار يعكس حجم الأزمة التي يعاني منها الفلاح في الحصول على احتياجاته الأساسية لزراعة أرضه. وأكد أن نقص الأسمدة المدعمة في الجمعيات الزراعية أصبح ظاهرة متكررة مع كل موسم زراعي، مشيرًا إلى أن غالبية الفلاحين يضطرون لشراء الأسمدة من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، وهو ما يزيد من تكلفة الإنتاج ويهدد بتراجع المساحات المنزرعة، وبالتالي التأثير السلبي على الأمن الغذائي. وشدد أبو صدام على أن استيراد كميات محدودة من الأسمدة لن يحل الأزمة من جذورها، مطالبا بوضع خطة طويلة الأجل لضمان استقرار منظومة توزيع الأسمدة، مع رقابة صارمة على المصانع المنتجة لضمان التزامها بتوريد حصتها المقررة للجمعيات الزراعية.
السوق السوداء
في نفس السياق طالب الدكتور جمال صيام الاستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة بضرورة إعادة النظر في آلية توزيع الأسمدة المدعمة، مؤكدًا أن الكثير من الشكاوى تتعلق بوجود خلل في التوزيع وغياب العدالة، مما يؤدي إلى تسرب كميات من الأسمدة إلى السوق السوداء وشدد صيام فى تصريحات صحفية على ضرورة وجود رقابة حقيقية من الجهات المعنية، وتفعيل دور مراكز الإرشاد الزراعي في توعية الفلاحين وترشيد استخدام الأسمدة. ودعا إلى تكوين مخزون استراتيجي كافٍ من الأسمدة لضمان استقرار السوق الزراعي، خاصة في ظل التحديات العالمية التي قد تؤثر على واردات مصر من المواد الخام، مؤكدًا أن الاعتماد على الإنتاج المحلي وحده لم يعد كافيًا في ظل تزايد الطلب. وتابع صيام، لابد من التأكيد على أن الفلاح يواجه تحديات جسامًا في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات وتقاوى، مشددًا على ضرورة دعم دولة العسكر للقطاع الزراعي بشكل أكبر، باعتباره خط الدفاع الأول عن الأمن الغذائي فى مصر.