سعى البيت الأبيض، الأربعاء الماضي ، لتوضيح خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سيطرة الولاياتالمتحدة على قطاع غزة وترحيل سكانه، بعدما أثار المقترح سيلاً من ردود الفعل المستنكرة فلسطينياً وعربياً ودولياً. و على خلفية الغضب العالمي من تصريحات ترامب عن مشروعه لتهجير سكان غزة، وتصاعد الرفض العربي، أكد البيت الأبيض أنّ واشنطن "لن تموّل إعادة إعمار غزة". وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت للصحفيين ، الأربعاء، أنّ ترامب قال إنّ "الولايات المتّحدة لن تموّل إعادة إعمار غزة. إدارته ستعمل مع شركائنا في المنطقة لإعادة بناء هذه المنطقة"، كما قالت إنّ "الرئيس لم يتعهّد بنشر جنود على الأرض في غزة"، لكنّها أضافت رداً على أسئلة الصحفيين بهذا الصدد أنّ "الرئيس لم يتعهد بذلك في الوقت الحاضر". والثلاثاء، قال ترامب بعد استقباله في البيت الأبيض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنّ سكان القطاع المدمّر سيتم نقلهم إلى الأردن أو مصر، على الرغم من معارضة هذين البلدين. وفي خطة تفتقر إلى التفاصيل حول كيفية ترحيل حوالى مليوني فلسطيني أو السيطرة على غزة، قال ترامب إنه سيجعل القطاع المدمّر بسبب الحرب مكاناً "مذهلاً" عبر إزالة القنابل غير المنفجرة والأنقاض وإعادة تطويره اقتصادياً. وأثار ترامب في حديثه عن سيطرة الولاياتالمتحدة على قطاع غزة وترحيل سكانه وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" استهجاناً دولياً واسعاً وصدمة عارمة، باعتباره تهجيراً قسرياً للفلسطينيين، وإخلالاً بالأمن والاستقرار الإقليميين. بدوره، أوضح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الأربعاء، أنّ اقتراح ترامب يقضي بخروج الفلسطينيين من غزة مؤقتاً ريثما تجري إعادة إعماره، وشدّد على أن اقتراح ترامب "لم يكن معادياً، كان على ما أعتقد خطوة سخية جداً، كان عرضاً لإعادة الإعمار وتولّي الإشراف على إعادة الإعمار". وقال روبيو، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس غواتيمالا برناردو أريفالو في العاصمة غواتيمالا سيتي، إنّ عرض ترامب بتولي "ملكية" غزة وإعادة تطوير المنطقة لتصبح "ريفييرا الشرق الأوسط" كان عرضاً "سخياً"، مضيفاً: "لم يكن مقصوداً كخطوة عدائية… كان المقصود منه، كما أعتقد، خطوة سخية للغاية". وقال إنّ القطاع الفلسطيني "أقرب إلى كارثة طبيعية" ولا يمكن للناس العيش هناك لأن هناك ذخائر لم تنفجر بعد وحطام وركام. وأضاف وزير الخارجية الأميركي "في غضون ذلك، من الواضح أن الناس سيتعين عليهم العيش في مكان ما أثناء إعادة بنائه". إلا أن ترامب عاد ليؤكد، الأربعاء، أنّ "الجميع يحبّون" مقترحه المتعلق بسيطرة الولاياتالمتحدة على غزة وترحيل سكّان القطاع، وذلك رغم المعارضة الواسعة التي لقيتها هذه الفكرة من جانب الفلسطينيين والعديد من دول المنطقة والعالم. تلك التصريحات والمواقف، تأتي لتجميل القبح لعملية استعمار واحتلال القطاع من قبل امريكا، بعدما فشلت ربيبتها اسرائيل في تحقيق الهدف، وانتصر صمود الفلسطينيين في النهاية، ومن ثم لجأ ترامب وادارته العنصرية للتلاعب بورقة اعادة الاعمار… اعادة اعمار عربي وقد فجّرت تصريحات ترامب، حول صعوبة إعادة تعمير قطاع غزة، دون تهجير نحو مليوني نسمة، واحتلال أميركا للقطاع، لتتولي نزع المتفجرات والأسلحة والأنقاض والمباني المتبقية من العمليات العسكرية، موجة من الغضب على المستويين الشعبي والرسمي في مصر. وصف استشاريون واقتصاديون ما طرحه ترامب بأنه يعكس رؤية استعمارية محبطة، غير قائمة على أسس فنية، وإنما تكرس لمشروع صهيوني قديم، يستهدف تفريغ الأراضي المحتلة من شعبها، وحرمان الشعوب العربية من المشاركة في عمليات إعمار شاملة، لن تستغرق أكثر من خمس سنوات. وفي مواجهة الانقلاب الجديد على المبادئ الأميركية وقرارات الأممالمتحدة الداعية لحل الدولتين تتضمن عودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، سعى مهندسون واستشاريون وخبراء لتقديم بدائل لاعمار غزة بعيدا عن مطامع ترامب… ويعتبر الاستشاري الهندسي ممدوح حمزة حديث ترامب عن إعادة تعمير غزة نوعاً من الدجل السياسي لتاجر عقارات، يريد الترويج لنفسه أمام الجمهور، مؤكداً أن تصريحاته تخلو من أية بيانات حقيقية عن عمليات إعادة الإعمار التي يحتاجها القطاع المدمر عن آخره. أوضح الخبير الدولي بمشروعات البنية التحتية أن غزة تحتاج ثلاث أو خمس سنوات على أقصى تقدير، لتعود إلى حالة ما قبل العدوان الوحشي عليها في أكتوبر قبل الماضي. 3 محاور موضحا أن الخطة تشتمل على ثلاثة محاور، تعتمد بالتوازي مع بعضها على فترات زمنية، تنتهي الأولى منها خلال ستة أشهر، وتشمل بناء بيوت مؤقتة سريعة، من الخشب أو المباني سابقة التجهيز، لإيواء النساء والأطفال والعجائز، بالتوازي مع إعادة تشغيل ميناء غزة ومعبر رفح بشكل كامل لضمان دخول الأغذية واحتياجات المواطنين الأساسية على وجه السرعة، بدلاً من المرور بمسافات طويلة واقعة تحت سيطرة الاحتلال، والتي تشهد كثيراً من التضييق والعراقيل. تبدأ المرحلة الثانية في التوقيت نفسه بإعادة تأهيل المباني التي تعرّضت للتدمير، على أن تبدأ لجان فنية بمعاينة تلك المباني لتحديد صلاحيتها، واستغلال الهياكل الخرسانية التي لم تتعرض للهدم، بإصلاحها وإعادة المبنى لأصله، على وجه السرعة، وفي حالة عدم صلاحية المبنى يجري استغلال المخلفات الناتجة عنه من طوب محروق وأسياخ حديدية وكتل إسمنتية بإعادة تدويرها، وتوظيفها مع العناصر البيئية الأخرى من كتل حجرية ورمال وطين في إقامة مبان أخرى. يؤكد حمزة امتلاكه نوعية مختلفة من تلك النماذج البنائية التي يمكن أن توفر كميات كبيرة من الوحدات السكنية، متعددة الطوابق، التي لا تحتاج إلى مستلزمات بناء من الخارج، غير معدات التكسير وسحق الكتل الخرسانية المهدمة، وجرافات لشق الطرق وتجهيز أسطح أراضي المباني، التي يمكن إدخالها للقطاع عبر المساعدات الدولية السريعة. وتشمل المرحلة الثالثة وضع مخطط شامل لقطاع غزة، لاستغلال جميع طاقاته البيئية والبشرية، لبناء مدن حديثة التخطيط، توظف إمكاناته الزراعية والسياحية، والمدن الصناعية المستقبلية، مؤكداً أن هذه المرحلة تحتاج خمس سنوات لإتمامها، بشرط توافر الأموال اللازمة لإعادة الإعمار فوراً، ووجود رغبة لدى الأنظمة العربية لدعم إرادة الشعب الفلسطيني وتضحياته الهائلة التي قدمها للتمسك بمقدساته وأرضه. فيتناموغزة وافغانستان ويشدد حمزة على أهمية عدم اهتزاز الشعوب العربية، بما أطلقه الرئيس الأميركي من قدرته على احتلال غزة مستهدفاً تحويلها إلى "ريفييرا" جديدة، أسوة بشواطئ الريفييرا جنوبفرنسا، منوهاً بفشل الأميركيين في احتلال أفغانستان ومن قبل فيتنام، وأنه ما دخل الاحتلال أرضاً لبنائها وتعميرها على مر التاريخ. كما ان طرح ترامب تهجير أهالي غزة، ليعيد بناءها يستهدف طرد 2.2 مليون نسمة إلى كل من مصر والأردن، ضمن خطة قديمة تستهدف إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وفقاً لأهواء المتطرفين الصهاينة الإسرائيليين والتي وجدت هوى في نفوس الأميركيين الذين يسعون إلى وضع مخطط "سايكس – بيكو" جديد، قائم على أنقاض الاستعمار الفرنسي – البريطاني للمنطقة…وهو ما سيفشله الفلسطينيون انفسهم بصمودهم، الذي يحتاج الى دعم واسناد مالي وبشري من كل العرب…بجانب تمتين المواقف السياسية الرافضة لمخططات التاجر العقاري ترامب… ويتوقع اقتصاديون مصريون أن تبلغ تكلفة إعادة إعمار البنية التحتية لقطاع غزة، نحو 45 مليار دولار، وتشمل بناء محطات توليد ونقل الطاقة، ومياه الشرب والصرف الصحي والمرافق الصحية، والطرق الرئيسية، والميناء والمنافذ البرية، بينما يقدر الخبراء حاجة القطاع إلى نحو 40 مليار دولار أخرى، لبناء وحدات سكنية تسع نحو مليوني نسمة، في ظل تعرض 90% للهدم، وحاجة جميع المباني المتبقية للترميم وإعادة التأهيل للسكن والأعمال التجارية والصناعية. وهو ما يمكن ان تدعمه ادارة محمد بن سلمان الذي وعد بتقديم نحو 600 مليار دولار لترامب، الذي يريد تريليون دولار!!! فيما يقترح خبير التمويل والاستثمار رشاد عبده مساهمة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والصين واليابان، في مشروعات إعادة الإعمار، ومواجهة توقف المساعدات المالية التي يتحصل عليها الفلسطينيون بالأراضي المحتلة في غزة والضفة الغربية، من وكالة "غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والصحة العالمية، التي أوقف ترامب تمويل مشروعاتها، بقرار منفرد..