جاءت المباحثات التي أجرتها الرئيسة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستيان لاجارد مع الرئيس محمد مرسي ومسئولي الحكومة المصرية، اليوم الأربعاء، لتدشن مرحلة جديدة من التعاون البناء بين الجانبين لتنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية فى مصر. وأوضح محللون اقتصاديون دوليون أن مصر ستجني مكاسب عديدة حال التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض بقيمة 2 .3 مليارات دولار لتقليص العجز في الميزانية، مشيرين إلى أن الاتفاق سيعزز الثقة الدولية في قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى، ويتيح لها فرصة الحصول على المزيد من التمويل من الجهات المانحة الدولية. وقال مايكل فورد كبير الخبراء الاقتصاديين بدويتش بنك:إن الأوضاع الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصرى تستلزم تسريع المفاوضات مع صندوق النقد الدولى لتنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية، موضحا أن السلطات المصرية تدرك أن حصول البرنامج على تأييد سياسي واسع النطاق يعزز احتمالات زيادة الثقة ونجاح التنفيذ. وأضاف أن قرض الصندوق الذى طلبت مصر زيادته إلى 8 .4 مليارات دولار أو ما يعادل 300 فى المائة من حصة مصر بالصندوق التى تبلغ حوالى 5 .1 مليار دولار سوف يعزز العملة المحلية، ويجنب الحكومة المصرية خيار خفض الجنيه، وسيدعم احتياطى النقد الأجنبى الذى هبط من36 مليار دولار فى يناير عام 2011مإلى 4 .14 مليار دولار فى نهاية يوليو الماضى؛ نتيجة ضخ المزيد من السيولة الدولارية لدعم العملة المحلية، وتدنى عائدات السياحة والتدفقات الرأسمالية الأجنبية المباشرة وارتفاع فاتورة الواردات. كانت رئيسة صندوق النقد الدولى قد هنأت الرئيس محمد مرسى بفوزه فى الانتخابات الرئاسية، مبدية أملها فى تجاوز مصر للأوضاع الاقتصادية الصعبة. وفى السياق ذاته قال مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولى:إن مصر شهدت تطورات اقتصادية سلبية عقب ثورة يناير تمثلت فى تراجع ثقة المستثمرين، وضعف أوضاع المالية العامة، وتصاعُد معدلات البطالة، وتزايُد الضغوط التضخمية، لافتا إلى أن تلك التطورات أضرت بحسابات ميزان المدفوعات والاحتياطىالنقدىالأجنبى. وأضاف أن تدهور الوضع الاقتصادي في أوروبا - والتي لا تزال شريكا تجاريا رئيسيا لمصر- فاقم من الضغوط الاقتصادية فى مصر، وأوضح أن برنامج الإصلاحات الهيكلية المصري يهدف إلى إرساء الاستقرار ودعم الثقة، ووضع أسس النمو الشامل والمنشئ لفرص العمل، وحماية الفقراء، مشيرًا إلى أن مصر طلبت من الصندوق دعم هذا البرنامج من خلال المساهمة في تمويل احتياجات ميزان المدفوعات ومن ثم الحيلولة دون هبوط الاحتياطيات الأجنبية إلى مستويات حرجة. وأكد أن صندوق النقد الدولي مستعد لتقديم العون اللازم لمصر؛ لتجاوز الأوضاع الاقتصادية الصعبة، منوهًا إلى أن برنامج الإصلاح ينبغي أن يكون مصري الهوية في تصميمه وملكيته. ومن جانبه قال جون سوليفان المدير التنفيذى لمركز دعم المشروعات الخاصة بالولايات المتحدة سايب:إن الثقة الدولية بشأن قدرة الاقتصاد المصري على التعافي ستتزايد حال التوصل إلى اتفاق بين القاهرة وصندوق النقد الدولي بشأن القرض الذى تعثرت المفاوضات بشأنه؛ نتيجة الخلاف بين الحكومة المصرية والكتل الرئيسية، وخاصة الإسلامية بمجلس الشعب عام 2011م. وأضاف أنه يوجد تفاهم مشترك بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي بشأن الحاجة إلى التصدي للتحديات قصيرة الأجل التي تواجه الاقتصاد، وتعزيز الإصلاحات التي يمكن أن تساعد على تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولاً في الفترة القادمة. وفى السياق ذاته أوضح تونى شنيدر الخبير المصرفى السابق ببنك إس إتش إس بى،أن مصر ينبغى عليها توفير البيئة المواتية للاستثمار لجذب المزيد من التدفقات الرأسمالية القادمة من الخارج، موضحًا أن الأزمات المالية بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى توفر فرصة مواتية لمصر لزيادة نصيبها من تلك الاستثمارات الأجنبية القادمة من الأسواق الناشئة. وأشار شنيدرإلى أن صندوق النقد الدولى يتفق مع تقديرات مصر بشأن حاجتها لمساعدات مالية تتراوح بين 10 مليارات إلى 12 مليار دولار، مستبعدا ممارسة الصندوق لضغوط على مصر لإلغاء الدعم وخفض قيمة الجنيه. ونفذت مصر- التى أصبحت عضوا في الصندوق فى السابع والعشرين من1945 –م منذ الثمانينيات من القرن الماضى وحتى اليوم أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق، وذلك بقيمة إجمالية قدرها 1558 .1مليار وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل حوالى 850،1 مليار دولار أمريكي)، إلا أن حوالي خُمس المبلغ المتاح فقط هو الذي تم صرفه بالفعل (2 .263 مليون وحدة حقوق سحب خاصة / تعادل 3 .421 مليون دولار). وانتهى آخر هذه البرامج في عام 1998م، وتم سداد المبالغ المستحقة بالكامل. وفي الفترة 1987-1988، اتفقت مصر مع الصندوق على عقد اتفاق للاستعداد الائتماني (س?فَل-آ? ءْْفَهمٍمَ? - "سآء") بقيمة 250 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 2ر400 مليون دولار أمريكى ) للمساعدة في حل مشكلة المدفوعات الخارجية المتأخرة، وأوجه الضعف الهيكلي التي انعكست في شكل تضخم محلي متزايد، وفي ظل هذا البرنامج حصلت مصر على 116 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 7ر185 مليون دولارا أمريكيا. وفي الفترة 1991–1993م، توصلت مصر والصندوق لاتفاق استعداد ائتماني بقيمة 4ر234 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 2ر375 مليون دولارا أمريكيا) نظرا لتزايد عجز الحساب الجاري، وتراجع المنح والتدفقات الرأسمالية الداخلة، إلى جانب قيود التمويل الخارجي، مما أثار القلق بشأن قدرة مصر على تمويل وارداتها من المواد الغذائية والوفاء بالتزامات خدمة الديون. وخلال الفترة من 1993-1996 وافق الصندوق على مبلغ إضافي قدره 400 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 3ر640 مليون دولارفي إطار "تسهيل الصندوق الممدد" وبلغ إجمالى حجم التمويل المتاح لمصر في تلك الفترة 4ر634 مليون وحدة حقوق سحب خاصة) تعادل 015ر1 مليار دولار أمريكى، إلا أن مصر لم تسحب منها سوى 2ر147 مليون مليون وحدة حقوق سحب خاصة (تعادل 6ر235 مليون دولار أمريكى. وأتاح الصندوق لمصر تمويلا إضافيا لمصر بمقتضى اتفاق جديد للاستعداد الائتماني في 1996-1998 بقيمة 4ر271 مليون وحدة حقوق سحب (تعادل 4ر434 مليون دولار أمريكيا)؛ حيث كان إطار البرنامج الموضوع وفق "تسهيل الصندوق الممدد" قد أصبح لاغيا في ذلك الحين، ولم تسحب مصر أيا من الأموال المتاحة لها في ظل هذا البرنامج،إلا أن ذلك البرنامج والسابق عليه- أي "تسهيل الصندوق الممدد"- شكلا إطارا سمح لمصر بالحصول على إلغاء 50% من دينها الرسمي المستحق لبلدان أعضاء في نادي باريس. ومنذ عام 1993 لم تطلب مصر أي قروض من الصندوق، واقتصر دور الصندوق على المشاورات والمساعدة الفنية.